بعد تسريب صور لمغربيات... مطالب نسوية بسن قانون خاص بالعنف الرقمي

تعبر المغربيات عن مخاوفهن بعد اختراق حسابات لنساء وفتيات وتعميم صورهن على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبرت النساء المتضررات عن استياءهن وغضبهن كما طالبن بسن قانون خاص بالعنف الرقمي.

حنان حارت

المغرب ـ اعتبرت رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بشرى عبدو أن قرصنة صور النساء وفتيات مغربيات من هواتفهن وتعميمها على مواقع التواصل الاجتماعي هو انتهاك لخصوصيتهن وتشهير بهن، يضاف لجرائم الإتجار بالبشر، ويقتضي ذلك فرض عقوبات ترتقي لمستوى خطورة القضية.

لجأت العديد من النساء المغربيات إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن مخاوفهن بشأن اختراق صور قاصرات على تطبيق" سناب شات"، وتسريب صورهن الخاصة ورفعها في مجلدات ضخمة تحتوي على مئات الجيجابايت، وتداول روابط هذه المجلدات ضمن مجموعات المحادثات الخاصة، مما تسبب في استياء وغضب واسع النطاق بين النساء المتضررات.

تفجرت القصة في 6 شباط/فبراير الجاري عندما اكتشفت امرأة من المغرب أن صورها الشخصية يتم تداولها في أحد حسابات برنامج الإنستغرام، فقادها البحث إلى منصة  Teleboxحيث وجدت صورها هناك، بالإضافة إلى آلاف الصور الأخرى لنساء وفتيات قاصرات في أوضاع مختلفة منزلة بالاسم وكافة المعلومات الشخصية.

أثارت هذه القضية مخاوف بقية النساء من استخدام التطبيقات الرقمية التي بات تشكل تهديداً لخصوصيتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قالت رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بشرى عبدو إن اختراق هواتف نساء وفتيات قاصرات وتسريب صورهن الشخصية يعد "انتهاكاً صارخاً لخصوصيتهن كما أنها قضية خطيرة، فعندما نتحدث عن تسريب صور خاصة من هواتف الضحايا، فإننا نتحدث عن معتدين هم بالأساس قراصنة وتقنيون يقومون بذلك لابتزازهن وزعزعة استقرارهن وأمانهن عبر التشهير بهن في الفضاءات الرقمية".

وأضافت أن ما حدث عنف رقمي وجريمة تدخل في خانة الإتجار بالبشر لأغراض معينة إما جنسية أو مادية "نواجه عنف جديد، يتجدد في المكان والزمان لا بداية ولا نهاية له، فالعنف الرقمي من أخطر أشكال العنف الذي تتعرض له النساء والفتيات".

وأشارت لطرق إيقاف الجناة من أجل الحفاظ على المعطيات الشخصية في الفضاءات الرقمية "نتساءل حول مدى توفير حماية حقيقية للضحايا، على المسؤولين حماية المستخدمين/ات لمواقع التواصل الاجتماعي وتحمل مسؤولياتهم واتخاذ إجراءات صارمة، لتكون الحسابات محمية بحيث لا يسمح لأي كان اقتحامها وبالتالي وضع حد للخروقات التي طالت المعلومات الخاصة بالمستخدمين/ات".

وأكدت أن توفير الحماية لمستخدمات مواقع التواصل الاجتماعي أمر ضروري "في بعض الأحيان يكون الجاني مجهول، وبالتالي يصعب الوصول إليه، لذلك تقع على هذه المنصات المسؤولية الكاملة لحماية بيانات مستخدميها وأن تنفذ تدابير محكمة لمنع وقوع هذه الخروقات، وبدورنا لا نشجع النساء والفتيات على وضع صورهن وفيديوهاتهن الخاصة على المنصات الإلكترونية فالحيطة والحذر باتا ضرورة ملحة فكلما كنا حذرين كلما حمينا أنفسنا من أن نكون ضحايا لهؤلاء الجناة".

وأوضحت بشرى عبدو أن المشرع المغربي عرف هذه الجريمة بمفهومها الحديث من خلال مقتضيات وأحكام تجرم التشهير والمساس بالحياة الخاصة للأفراد في إطار القانون الجنائي "القانون 103ـ 13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، يتضمن ما يحميهن من العنف الرقمي، بالإضافة للقانون 09ـ08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي".

وعن أهمية التبليغ قالت إن الضحية ينتابها شعور الخوف من التبليغ كونها ستكون ملاحقة القضائية "بحسب المعطيات التي بحوزتنا فإن أغلب النساء اللواتي يمارس عليهن هذا النوع من العنف لا يتابعن بالفصل 490 لأنهن يعتبرن ضحايا، حتى نتمكن من وضع حد للجناة وإجبارهم على التراجع عن القيام بهذه الجرائم يجب التبليغ كما أنه خطوة مهمة وإيجابية لوضع حد لمعاناة النساء والفتيات ضحايا العنف الرقمي".

وأكدت على ضرورة مقاضاة المجرمين وتشديد العقوبات الصادرة بحقهم "المجرم الرقمي يقتل ضحاياه بشكل يومي من خلال فيديو أو صورة مسربة يتم تخزينها لعدة سنوات ثم نشرها مرة أخرى في الفضاءات الرقمية، وضحية العنف الرقمي للأسف لا تنجو فهي ضحية دائمة تخاف من إعادة نشر صورها في منصات التواصل الاجتماعي".

وذكرت أن عدد من ضحايا العنف الرقمي  يفكر بالانتحار "العنف الرقمي هو إتجار بالبشر الجاني يتاجر بتلك الصور للحصول على المال من خلال نشرها في مواقع إباحية أو العمل على ابتزاز الضحية شخصياً لمده بالمال أو لتحويل العنف الافتراضي إلى واقعي لأغراض جنسية".

وطالبت بشرى عبدو بفرض عقوبات صارمة بحق المعنفين الرقميين "يجب معاقبتهم بتلك العقوبات التي تطلق في قضايا القتل، لأنه لا يمكن الاستهانة بالمعاناة التي يخلفها العنف الرقمي لدى الضحية فهي لا تجد الدعم والمساندة من أسرتها كما يحملها المجتمع كامل المسؤولية بالإضافة لفقدانها عملها ومحاولتها الانتحار".

وشددت على ضرورة إعادة النظر في قانون 103ـ13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وسن قانون خاص بالعنف الرقمي يوضح ما هو العنف الرقمي والعقوبات؟ ومن هم المعتدين؟ وما هي طرق الوقاية والحماية، بالإضافة إلى ضرورة تعويض النساء ضحايا العنف الرقمي.

وأضافت أن من أساليب التصدي لهذه الجرائم "تربية الناشئة تربية متوازنة من خلال إضافة مادة مستقلة في المناهج التعليمية تعنى بالتربية الجنسية والأمن الرقمي، وذلك انطلاقاً من الضرورة الملحة لتوعيتهم بأهمية احترام خصوصية الآخرين، كما أن التطور التكنولوجي الذي وصلنا إليه يقتضي من وزارة التربية والتعليم في المغرب التفكير في إضافة مادة  حول الأمن الرقمي "يجب التفكير في كيف للناشئة التعامل مع التكنولوجيات الحديثة والتطبيقات، وكيف يمكن توفير الأمن والأمان داخل هذه الفضاءات التي تخوض فيها الناشئة نقاشات وتداول الصور دون أن تملك المعرفة الكافية بأساليب الحفاظ على خصوصية العلاقات التي يتم خلقها داخل هذه الفضاءات".

وختمت بشرى عبدو حديثها بالقول "كلما كانت هناك مادة مستقلة داخل التعليم كلما استطعنا تعريف الناشئة كيف تتعامل في الفضاءات الرقمية وتحترم الآخر وتنبذ كل مصطلحات الكراهية والحقد وتناهض العنف، ولا تعطي المجال لبعض المؤثرين السلبيين بالتحريض على العنف".