بعد ارتفاع عدد الفتيات المنتحرات في مخيمات الإيزيديات الناشطة رفاه حسين توجه نداء استغاثة

بعد عمليات التحرير وهروب بعض العوائل الإيزيدية من قبضة داعش، ونجاة وفك أسر عدد من الإيزيديات أصبحت المخيمات التي تأويهنَّ هي السجن الكبير، وما بين حملة إغاثة وأخرى، ما زالت المخيمات تفتقر لأساسيات الحياة الكريمة

غفران الراضي 
بغداد ـ .
والذي جعل الوضع يدخل مرحلة الخطر هو ارتفاع نسبة الانتحار بين صفوف الفتيات الإيزيديات في المخيمات، مما دفع الناشطة الإيزيدية رفاه حسين لتوجيه نداء استغاثة للوقوف على وضع المخيمات ومعاناة المرأة الايزيدية. 
رفاه حسين ناشطة إيزيدية من أهالي بعشيقة التابعة لمدينة الموصل، كانت قد هربت مع عائلتها من قبضة داعش عندما هاجموا شنكال في آب/أغسطس 2014، وارتكبوا مجازر بحق سكانها، واختطفوا النساء والأطفال وعملوا على المتاجرة بهم في أسواق النخاسة ليكونوا ضحايا للاستعباد الجنسي.
وبعد تحرير قضاء شنكال في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، انضمت رفاه حسين لإحدى المنظمات الإنسانية وأخذت على عاتقها مسؤولية إغاثة الايزيديات وإيصال صوتهنَّ من خلال مؤتمرات عقدت في العاصمة العراقية بغداد وعاصمة إقليم كردستان أربيل في مسعى ليكون صوت المرأة الإيزيدية مسموع، وليعرف المجتمع العراقي والعالم حقيقة ما تعانيه المرأة الإيزيدية والإسراع بحل أزمة المخيمات.  
وتتواصل رفاه حسين بشكل شخصي مع الإيزيديات وتستمع لقصصهنَّ بتفاصيلها المؤلمة؛ للوقوف على حجم الضرر النفسي والمعنوي للضحايا، تقول عن الوضع في المخيمات "وضع الإيزيديات في المخيمات صعب جداً، يفتقر لأبسط مقومات الحياة من الناحية الخدمية ومقومات الحياة الأساسية". 
وتضيف "التأهيل النفسي يلعب دوراً في تغيير تفكير الضحايا اللواتي نجونَّ من قبضة داعش، بالإضافة لتأهيل السكن ليكون ملائماً".
 
سيفي مثال لمعاناة النساء
وروت رفاه حسين قصة إحدى الإيزيديات اللواتي نجون بأعجوبة من قبضة داعش وتدعى سيفي، وهي أم استطاعت الهرب مع أطفالها بعد أن قتل داعش رجال العائلة، وعاشت هذه المرأة كما تقول رفاه فترة صعبة خلال أسرها.
تقول "سيفي تمر بمرحلة صعبة بعد كل تلك الظروف التي عاشتها مع أطفالها وهي أسيرة لدى داعش، فقد تعرضت لكل أنواع التعذيب والظلم بتفاصيل مرعبة، إلا أنها حاولت المحافظة على أطفالها"، مضيفةً "نقلها داعش من العراق إلى سوريا، إلى أن تم شراؤها من قبل عائلتها وعادت إلى العراق".
وعما تشعر به سيفي وهي في المخيم تقول رفاه حسين "سيفي وغيرها من الإيزيديات يعتبرنَّ المخيم سجن كبير، ومطحنة لسحق أعمارهنَّ، وموت بطيء لمستقبل أطفالهنَّ".
 
الوضع النفسي يدفع النساء للانتحار
عن آفة الانتحار التي غزت صفوف الفتيات تقول رفاه حسين "بلغ عدد الفتيات المنتحرات أكثر من عشر فتيات؛ بسبب الوضع النفسي الناجم عن الحياة التي يعشنها في المخيم، حيث تجد الفتاة نفسها في سجن وظرف صعب مع إهمال الوضع النفسي الذي يعشنه". 
تؤكد رفاه حسين أنها باتت مقتنعة بأن المساعدات البسيطة لا تجدي نفعاً مع كل الضغوط النفسية والاقتصادية التي تعيشها النساء في المخيمات، ناهيك عن وضع الأطفال.       
وفي ختام حديثها وجهت الناشطة الإيزيدية رفاه حسين رسالة إلى حكومتي العراق وإقليم كردستان، والمجتمع الدولي لإغاثة الايزيديين في المخيمات وتسهيل عودتهم لمنازلهم ومناطقهم، والوقوف على وضعهم الاقتصادي والاهتمام بتأهيل النساء نفسياً ودمجهنَّ مجتمعياً للتقليل من آثار الإرهاب الداعشي الذي مررنَّ به.  
 
"أهم ما نحتاجه الآن هو تحسين واقعنا الانساني"
تقول لوكالتنا الشابة الإيزيدية (ش. ن) ٣٢ عاماً من مخيم شاريا في دهوك، والتي أصبحت تحت حكم وسيطرة رجل من القرية المجاورة لقريتهم في شنكال "عمد بعد اغتصابي لبيعي فأصبحت سلعة متداولة من رجل لآخر"، وبما أن هذا الشخص خارج منطقة سيطرة داعش اعتقد أهلها أنها هربت مع عشيق لها وتخلت عنهم.  
حتى الآن ما تزال ذكرى ما تعرضت له من انتهاكات تطاردها "مررت بأيام صعبة حيث وعدني بالنجاة والهروب لأجد رجل يستعبدني بفكر لا يختلف عن داعش، وبعد أن اغتصبني قام بحبسي في غرفة ضمن بيت مهجور، وأخذ يقدمني كهدية لأصدقائه يتناوبون على اغتصابي، ثم باعني لشخص آخر أخذني إلى بغداد وفي نيته أن يستخدمني في الدعارة". 
وتكمل "استطعت الهرب وحاولت أن أرفع قضية على هذا الشخص وأعوانه دون جدوى كونه متنفذ، لأعود بعدها إلى أهلي بعد أن عرفت أنهم في مخيمات الإيزيديين، لكنهم رفضوا وجودي ولم يتقبلوني وكأنني مذنبة مع أنني ضحية". 
وعن الفتيات اللواتي يعشنَّ ذات قصتها في عدم تقبل الأهل لهنَّ بعد عودتهنَّ من أسر داعش تقول "إحدى الفتيات انتحرت بعد كل ما عاشته من تعذيب واغتصاب وجدت أن الأهل لا يتقبلون أن تعود ابنتهم أو يفضلون لو أنها ماتت على أن تعود فاقدة غشاء بكارتها".
وعما تحتاجه الإيزيدية من دعم لتتخطى ما عاشته من مأساة تقول (ش. ن) "نحتاج للكثير. ربما أهم ما نحتاجه الآن هو تحسين واقعنا الإنساني، وتمكيننا للاندماج بالمجتمع، وبداية حياة جديدة بأفق أفضل وبأهداف مختلفة، وهذا يحتاج لسعي كبير من المنظمات وجهود حكومية وإغاثة مستعجلة".  
وفي ختام حديثها دعت كل امرأة إيزيدية للتحلي بالقوة للنهوض من جديد بعد كل هذه المحن. 
ويوجد في إقليم كردستان 27 مخيماً للنازحين، تضم 737 ألفاً و365 نازح، فروا من المحافظات التي سيطر عليها مرتزقة داعش منذ عام 2014 ورغم تحرير مدنهم من المرتزقة في عام 2017 إلا أن الكثير منهم ما يزال يعيش في هذه المخيمات، جراء الدمار وعدم توفر البنية التحتية وكذلك عدم الاستقرار الأمني في مناطقهم.