بالضرب والاعتقال... هكذا تتعامل "هيئة تحرير الشام" مع المتظاهرات

أكدت بعض المشاركات في المظاهرات أنهن لن تتراجعن عن المطالبة بحقوقهن، معربات عن إصرارهن على الاستمرار في تنظيم الفعاليات السلمية للمطالبة بحقوقهن في المشاركة والعمل والحرية الشخصية التي تحاول الهيئة قمعها بكافة الأساليب لإرضاء معتقداتها الدينية.

سلام العمر

إدلب ـ تشهد مدينة إدلب في الشمال السوري، حالة من التوتر المتصاعد، حيث تتعرض نساء وناشطات لعمليات ضرب وترهيب واقتحام منازلهن على خلفية مشاركتهن في مظاهرات مناوئة لـ "هيئة تحرير الشام".

تأتي هذه التحركات في ظل تنامي الاستياء الشعبي من ممارسات "هيئة تحرير الشام" وتزايد المطالب بتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، والإفراج عن معتقلي الرأي والمغيبين في سجونها منذ سنوات، دون أي تهم أو محاكمة قضائية، وذلك على خلفية آرائهم المناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" القائمة على الترهيب وتنفيذ الأجندات.

"كانوا غاضبين بسبب مشاركتي في المظاهرات، ضربوني أمام أطفالي وهددوني بالسجن إن كررت الأمر، شعرت بالخوف في البداية، لكني أدركت أن صمتنا سيمنحهم مزيداً من القوة، لا يمكن أن نعيش خائفين إلى الأبد" بهذه الكلمات تلخص سارة العبد الله البالغة من العمر (35عاماً) وهي إحدى المشاركات بالمظاهرات المناهضة لـ "هيئة تحرير الشام" ما حصل معها حين اقتحم منزلها عناصر ملثمين يتبعون للجهاز الأمني للهيئة، الأسبوع الماضي.

"ضعف التعليم، واحتكار المواد الأساسية للعيش، وارتفاع الأسعار وتفاوتها، بالإضافة لسياسة الترهيب وتكميم الأفواه"، دفعت سارة العبد الله للمشاركة بالمظاهرات التي تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية ووقف الانتهاكات الأمنية، وإسقاط حكم الهيئة الذي ينتهج سياسة القمع تجاه المدنيين، وخاصة النساء.

وأضافت أنها خرجت مع المتظاهرات لأن الوضع لم يعد يحتمل، بعد أن تسلطت الهيئة على جميع أشكال الحياة وباتت تقاسمهم في لقمة عيشهم وعيش أطفالهم، مشيرةً إلى أنها لم تعد تحتمل رؤية الظلم وهي عاجزة، وعلى الرغم من تهديداتهم المستمرة ستبقى تدافع عن حقوقها وحقوق أطفالها.

تستذكر رابعة نجيب الدياب (29عاماً) وهي نازحة مقيمة في مدينة إدلب، اللحظات الصعبة التي واجهتها حين قامت الأجهزة الأمنية التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" بفض المظاهرة التي شاركت بها مع مجموعة من المتظاهرات بالقرب من المركز الثقافي وسط المدينة.

وتقول ما إن بدأت المظاهرة، حتى تدخلت مرتزقة هيئة تحرير الشام بشكل فوري حيث استخدمت قواتها الهراوات والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرات، لتشهد المظاهرة مشاهد مؤلمة خاصة وأن بعض النساء تعرضن للضرب المبرح أثناء محاولتهن الفرار.

وأضافت أن بعض النساء تعرضن للضرب على رؤوسهن وأجسادهن، مما أدى إلى إصابات خطيرة، كما تم اعتقال عدد منهن واقتيادهن إلى أماكن مجهولة.

وأشارت إلى أن المضايقات والتهميش المستمر والترهيب الذي تمارسه الهيئة وذراعها المدني بحق النساء والمرأة في إدلب، دفعها للمشاركة والمطالبة بحقها في الحياة الكريمة والحرية المطلقة، متسائلة "لا أفهم كيف يمكنهم استخدام العنف ضدنا ونحن نطالب فقط بحقوقنا؟".

من جهتها، تشارك رغد الجربان (32عاماً) وهي نازحة مقيمة في مخيمات دير حسان شمال إدلب، بالمظاهرات للمطالبة بالكشف عن مصير زوجها المعتقل في سجون الهيئة، بعد أن انتقد سياستها التي تهدف للتضييق على الأهالي والسكان من خلال منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتقول إن جميع محاولاتها للكشف عن مصير زوجها بائت بالفشل، بعد رفض محاكم "هيئة تحرير الشام" الإدلاء بأي معلومة عن مصيره، وذلك بعد اتهامه بـ "العمالة والتخابر" لصالح جهات خارجية.

"التهمة جاهزة لأي شخص يعارضهم ويفضح انتهاكاتهم"، تقول رغد الجربان في إشارة إلى سياسة القمع والترهيب وتكميم الأفواه التي تتبعها المرتزقة، بحق المعارضين لها في مناطق سيطرتها.

وتعيش رغد الجربان أوضاع إنسانية غاية في الصعوبة بسبب فقدانها للمعيل، في حين تشعر بقلق بالغ حول مصير زوجها، في ظل عدم وجود معلومات واضحة أو شفافة تفيد بمكان تواجده وظروف اعتقاله.

ودعت ناشطات وصحفيات في إدلب، المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتدخل لحماية النساء في إدلب، وتسليط الضوء على الانتهاكات التي تتعرضن لها في ظل غياب القانون، خاصة وأن الاعتداء على النساء يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.