أي دور لتحالف إصرار في تعزيز حقوق المغربيات وضمان المساواة؟
استمرار تفشي ظاهرة زواج القاصرات وتعدد الزوجات وغيرها من القضايا التي لم يتم إيجاد حل لها على الرغم من المعاهدات والاتفاقيات التي وقعت عليها المغرب، باتت دليل واضح على التمييز والتهميش الذي تعانيه المغربيات.
حنان حارت
المغرب ـ يسعى تحالف إصرار للتمكين والمساواة على تعزيز حقوق المغربيات وضمان المساواة بين الجنسين، ويؤكد على أهمية التنسيق النسوي على المستوى الإقليمي بهدف تحسين أوضاع النساء في كافة المجالات.
لطالما دعت النسويات إلى إلغاء كل المقتضيات التمييزية والاستثناءات التي تفتح الباب أمام التحايل على النصوص وإغلاق باب الأعراف والتقاليد التي تزيد من الاجحاف والتمييز ضد النساء، منهن الناشطة الحقوقية مريم الزموري ورئيسة تحالف إصرار للتمكين والمساواة، الذي يضم أكثر من 30 جمعية نسائية تعمل في مختلف مناطق المغرب، من أجل تعزيز حقوق المرأة وضمان المساواة الفعلية بين الجنسين.
وعن بداية تأسيس التحالف وأهدافه تقول مريم الزموري أنه تأسس عام 2015، من قبل جمعية توازة لمناصرة المرأة والجمعية الوطنية للمحامين الشباب إلى جانب جمعية الأمان للمرأة والطفل بمراكش وجمعية تافوكت سوس لتنمية المرأة، مضيفةً أن الجمعيات الحقوقية والنسوية التي يضمها التحالف جمعها عمل مشترك لأكثر من عشرين عام، تم خلالها العمل على مجموعة من البرامج والاستراتيجيات الموجهة للنساء، بقصد النهوض بالحقوق الإنسانية للنساء ولضمان المساواة الفعلية بين الجنسين.
وأكدت أن التحالف يقوم بعمل جوهري من خلال الاستراتيجيات التي تهدف إلى وضع برامج طويلة المدى لمعالجة الأسباب الجذرية للتمييز ضد المرأة، وتطوير حلول بناءة وفعالة تهدف بالأساس إلى تحقيق التنمية المستدامة للنساء وتعزيز اعتماد وتفعيل القوانين وملاءمتها مع المواثيق الدولية.
وحول أهمية التنسيق بين مكونات المجتمع المدني والحقوقي على المستوى الإقليمي، قالت إن "التنسيق النسوي ضرورية ملحة، خاصة أن أوضاع النساء في المنطقة متشابهة على الرغم من الاختلافات الجغرافية وخصوصية كل بلد، والتحالف يعمل على المستوى الإقليمي من خلال مجموعة من البرامج والمنتديات التي يتم تنظيمها مع جمعيات في تونس وليبيا والجزائر وموريتانيا".
أما على المستوى الدولي، لفتت إلى أن التحالف يقدم تقارير موازية يرصد من خلالها الوضعية الحقيقية للنساء المغربيات وإلقاء الضوء على الظلم والتمييز والعنف الذي يمارس عليهن، حيث أن المغربيات لازلن تعانين على الرغم من التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال العقدين الأخيرين، مؤكدةً أن المدونة الحالية لا زالت تكرس الظلم والتهميش تجاه عدد كبير من المغربيات.
وفيما يخص القضاء على العنف، قالت إن الظاهرة لا زالت مرتفعة ويتم تسجيل أرقام مخيفة "لم يستطع القانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء أن يقدم مؤشرات إيجابية"، مشيرةً إلى أن التحالف يسجل عدة ثغرات تهم هذا القانون ومن بين ما وقف عليه هو نقص الحماية القانونية للضحايا والناجيات من العنف، كما أنه بصدد تقييم نجاعة الآليات بما فيها خلايا استقبال النساء ضحايا العنف في المحاكم والشرطة وأيضاً نجاعة إصدار هذا القانون.
وعن مطالب التحالف إصرار للتمكين والمساواة أوضحت "نطالب الحكومة المغربية بسن قوانين وتشريعات تتلاءم مع المواثيق الدولية كما هو منصوص عليه في ديباجة دستور البلاد"، لافتةً إلى أن جل القوانين باتت متجاورة وهو ما يحتم على ضرورة تغييرها.
وحول موقف التحالف من ظاهرة تزويج الطفلات قالت "نعتبرها وصمة عار على جبين الحكومة المغربية، باعتبار أن الطفلات اليوم مكانهن المدرسة ومراكز التكوين والتأهيل، فهن لازلن بحاجة للعب والعائلة، والمدونة بصيغتها الحالية لا تليق بنا كمجتمع مغربي شهد عدة تحولات على كافة الأصعدة".
وأكدت أن المحاكم تلقت في عام 2020 ما يعادل 19926 طلباً للزواج بقاصر صدر منها 13335 إذناً بالزواج، وذلك حسب تقرير رئاسة النيابة العامة "مع الأسف الظاهرة مقلقة وتتجاوز الاستثناء، فالواقع أنتج وضعية لا تساير فلسفة المشرع التي اتجهت إلى جعل هذا الزواج استثناء في أضيق الحدود"، معتبرة أن استمرار ظاهرة تعدد الزوجات، هو تكريس للتمييز ضد النساء "يجب وضع حد لتعدد الزيحات بشكل نهائي، لأن استمراره يقيس الحقوق الإنسانية للنساء ألا وهي كرامتهن".
ولفتت إلى تطلعات المغربيات في تطوير مدونة الأسرة، عبر إصلاح كل المقتضيات التمييزية ضدهن ووضع حد للاستثناءات التي تفتح الباب أمام التحايل على النصوص، مؤكدةً على أن النساء تتطلعن إلى صياغة قانونية محكمة للمدونة تكون كفيلة بتحقيق العدل والمساواة لكافة أفراد الأسرة.
أما فيما يتعلق بالولاية القانونية على الأبناء، قالت مريم الزموري إن "التحالف يشدد على تبنى القيم الكونية لحقوق الإنسان، منها المساواة التي ينبغي تعزيزيها وفقاً لفلسفة الدستور المغربي والالتزامات الدولية للبلاد، بالإضافة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب، كما نطالب بأن تكون الولاية القانونية على الأبناء مشتركة بين الأم والأب بعد وقوع الطلاق، حيث أنه لا يعقل أن تلقى كل الأعباء على عاتق المرأة الحاضنة من رعاية وتربية للأبناء، هذا في الوقت الذي تحرم من كل المسؤوليات القانونية والإدارية التي تتعلق بهم، فيما يمنح هذا الحق للرجل فقط بعد الطلاق"، مؤكدة على ضرورة إعادة النظر في منظومة المواريث، من أجل ضمان مساواة حقيقية بين جميع أفراد المجتمع المغربي.