أسباب اقصاء الصحفيات من مواقع صنع القرار في تونس
يعاني قطاع الإعلام في تونس وضعاً كارثياً في ظل تردي الجانب الاقتصادي والسياسي، الذي أثر بشكل كبير وملحوظ على وضع الصحفيات التونسيات.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ قالت المكلفة بالإعلام بمنتدى الإعلاميات التونسيات نعيمة الشرميطي إن من الأهداف الأساسية للمنتدى هو رصد الانتهاكات التي تتعرض لها الإعلاميات سواء أثناء ممارسة عملهن داخل المؤسسة أو في إطار العمل الميداني.
أوضحت الإعلامية نعيمة الشرميطي أن "حرمان الصحفية من بلوغ مواقع صنع القرار من أكبر الانتهاكات التي تطالها لذلك أعد المنتدى دراسة حول الصعوبات التي تتعرض لها وتحول دون أن تكون تشغل منصب مديرة إنتاج أو تحرير، فوفقاً لآخر الإحصائيات هناك 1040 صحفية لكن للأسف نجدهن غائبات عن مواقع صنع القرار ومن هنا جاءت الضرورة الملحة لإطلاق دراسة".
وأضافت أنه "منذ تأسيس المنتدى في كانون الثاني 2023 نعمل على رصد أوضاع الصحفيات، وقد وجدناهن تعملن بوتيرة مرتفعة ولديهن كفاءة عالية إلا أن وجودهن يكاد يكون منعدما في مواقع صنع القرار باستثناء بعض الأسماء كعواطف صغروني مديرة عامة للتلفزيون الوطني وهند بن علية الغريبي مديرة الإذاعة الوطنية"، مؤكدة أن "الدخلاء/ات على المهنة عمقوا هذا الواقع المزري للصحفية التونسية وساهموا في تشويه صورتها وحرمانها من أن تكون رئيسة تحرير أو مديرة أو مقدمة برامج".
وأوضحت أن "نهج الدراسة مبني على استبيان ويتضمن لقاءات مع صحفيات قامت بها عضوة بمنتدى الإعلاميات التونسيات الصحفية والمشرفة على الدراسة سهير اللحياني، تتضمن نظرة كاملة وشاملة وكمية ونوعية حول واقع الإعلاميات والصحفيات التونسيات، وستكون الإحصائيات لافتة وصادمة بناء على الاستبيان الذي قمنا به ووزعناه على الصحفيين/ات للإدلاء بآرائهم بكل شفافية".
ولفتت إلى أنه "بعد عرض النتائج سوف يكون لفريق المنتدى لقاءات وسيتم العمل على دعم الصحفية من خلال وسائل الإعلام فهي لم تتمتع بحقها في المناصب القيادية رغم إدراك الجميع بأنه كلما كانت المرأة في هذه المناصب كلما تم تطبيق الحوكمة ووضع حد للفساد والرشوة"، مؤكدة أن المناخ السياسي والاقتصادي في تونس يعاني هشاشة خلفت ضرراً كبيراً حتى أن بعض الصحفيات صرن تنأين بأنفسهن عن حمل المسؤوليات".
وعن جملة الصعوبات التي تواجهها الإعلاميات في تونس قالت نعيمة الشرميطي "هناك ضعف في الجانب الاقتصادي خاصة في ظل غياب "الهايكا" الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي تم تجميدها وغياب مجلس الصحافة في الصحافة الإلكترونية، بالإضافة لمشكلة الدخيلات اللواتي تجهلن الواقع المأساوي بل المزري جداً حيث تعاني خريجات معهد الصحافة وعلوم الأخبار من البطالة، كما أن بعض المسؤولين عن وسائل الإعلام خاصة السمعي البصري اقصوا الصحفية المتشبعة بأخلاقيات المهنة واحترام حقوق الإنسان وتطالب بتصليح الخروقات".
وبخصوص التضييقات التي تتعرض لها الصحافة أوضحت "حسب تجربتي في العمل داخلياً وخارجياً نواجه مضايقات حتى قبل كتابة الخبر من كل حدب وصوب حقيقةً أنه وضع لا نحسد عليه منذ صدور المرسوم رقم 54، حتى المستشهر يسألك من أنت وماهي خلفيتك السياسية كما أن الصحافة الإلكترونية في تونس لم تأخذ حقها لا مادياً ولا مؤسساتياً في البلاد لعدم وجود مجلس صحافة".
وحول دور المنتدى في النهوض بواقع الصحفيات لتجاوز الصعوبات والعراقيل قالت "منذ تأسيسه نظمنا عدد من الاجتماعات والدورات التدريبية ونظمنا لقاءات بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار وبمساندة الصحفيات في فلسطينات، وسنقوم بعقد لقاءات مع مديري المؤسسات الإعلامية في تونس الجهوية والعمومية والخاصة والإلكترونية، وسنعمل على دعم الصحفية حتى تتمكن من الوصول لمواقع صنع القرار لأن التأطير مهم لاسيما في ظل العقلية الذكورية التي تفرض سيطرتها على جميع المجالات بما فيها الإعلامي وتصعب المسألة على بعض الزميلات اللاتي لا تجدن الدعم الكافي لمواجهة الإعلاميين".
وقالت "أعمل في المجال الإعلامي منذ 13 سنة وأعرف ماهي مواقع الخلل وهناك بعض الرهبة والخوف من قبل الزميلات أيضاً ورغم أني أقدر الظروف التي تعشنها لكن يجب أن نعمل ونتقدم وهذا دور المنتدى في النهوض بوضع الصحفيات وكيفية تجاوز الصعوبات والعراقيل لتتمكن من تحمل المسؤولية، كما عملنا على إكساب الصحفيات مهارات تمكنهن من الحديث أمام الرأي العام والجهات المعنية عن الضغوطات والتحديات التي تواجههن، كما أنهن تتعرضن للعديد من الضغوطات من قبل الحكومة، هذا البرنامج لا يمكن تطبيقه إلا بالتعاون مع الهياكل المعنية كنقابة الصحفيين وجمعية مديري الصحف في انتظار القانون الجديد الذي يخص الإعلام السمعي البصري، والمنتدى يتقبل الآراء والتجارب والأفكار التي تقدمها الزميلات".