التمييز الصريح بين معدلات القبول للذكور والإناث في الجامعات الفلسطينية... يثير جدلاً بين الطالبات
في الآونة الأخيرة ظهرت قاعدة جديدة تنتهك حق المرأة في التعليم وحرمانها من عدة فرص، أبرزها سياسة الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، التي جعلت مفتاح التنسيق لصالح الذكور أكثر من الإناث، ويعتبر ذلك تمييزاً ضد الطالبات، ما أثار الجدل ورفض شديد لسياسة التمييز الواضحة وعدم منحهم الفرص المتساوية
نغم كراجة
غزة ـ .
تقول الإعلامية بيسان شرافي، خريجة كلية الإعلام من جامعة الأقصى عام 2013، "بعد بحثي وتحليلي لموضوع التمييز الصريح بين معدلات القبول للذكور والإناث في الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، واطّلاعي على تفاصيل هذه القضية، فإن هذا الموضوع يؤدي إلى ممارسة سياسة تمييزية في تحديد مفاتيح التنسيق للتخصصات المختلفة لصالح الذكور، لا سيما وأننا نعيش في منظومة متكاملة ومتشابكة ومعقدة من السياسات التي تنتقص من حقوق الفتيات في المجتمع، بعضها متصل بقرارات وقوانين، وبعضها الآخر ذو صلة بعادات وتقاليد متوارثة".
وبرأيها فأن الحجج وإن كانت لا تتنافى مع الواقع المعاش والإمكانيات المحدودة لكنها تعتبر ظالمة للطالبات بشكل لا يقبل الشك أو التأويل، "لا بد من إيجاد حلول وبدائل أخرى بعيداً عن الانتقاص أو المساس بحقوقهن وحرمانهن من الفرص".
وأشارت إلى أن سياسة التمييز ضد الطالبات مخالفة للقانون "هذه السياسات بالتأكيد تتناقض مع ما ينص عليه القانون الأساسي الفلسطيني، فالمادة التاسعة منه مثلًا لا حصراً تنص على أن الفلسطينيين أمام القانون سواءٌ، لا تمييزَ بينهم بسبب العرق أو الجنس..".
وتتساءل "لماذا يقع التمييز إذاً؟"، وتعتقد أن "الأولى هو حل المشكلة من جذورها، لا وضع حلول ترقيعية فيها أخطاء، بل وتضعنا أمام مشكلات أكبر!، كما أنها بطبيعة الحال تتناقض مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باتفاقية سيداو، والتي تؤكد على أن الرجل والمرأة متساوون في الحقوق وأمام القانون".
وتشير إلى أنه لا بد من وجود الدوافع والفرضيات التي تجعل الجامعات الفلسطينية ترفع نسبة القبول للإناث أكثر من الذكور وإغلاق عدة تخصصات في وجه الفتيات.
وأوضحت أن هذا الأمر من اختصاص الوزارة والجهات المسؤولة عن وضع تلك السياسات، ولكن من واقع بحثها وتناولها لهذا الموضوع الذي يضمن توجهها للوزارة ولنحو ثلاث جامعات؛ لمعرفة الأسباب والدوافع، كان الرد بحسب ما قالت "عدد الطالبات اللاتي يحصلن على معدلات عالية في الثانوية العامة كبير جداً وأكثر بأضعاف من عدد الطلبة، لهذا لا يمكن وضع مفاتيح قبول متماثلة لكلٍ من الفئتين، لأن هذا سينجم عنه فارق كبير جداً بين أعداد الطالبات وأعداد الطلبة المسجّلين في التخصص".
إلا أنه لذاك التمييز آثار سلبية كما توضح بيسان شرافي "الجامعات بقاعاتها ومختبراتها وإمكانياتها لا تستطيع استيعاب أعداد كبيرة من الطلبة، لذلك يتم حصر العدد بتحديد نسبة القبول وهي التي تتضمن التمييز بين الجنسين كما أسلفت".
وبالنسبة لإغلاق تخصصات بأكملها أمام الطالبات، تقول "يعود ذلك لأسباب وحجج مماثلة، ولكن ذات صلة بسوق العمل من وجهة نظر من يتخذ تلك القرارات، وهي أن سوق العمل بحاجة مثلاً إلى خريجين في هذا التخصص، أو أنه لم يعد بحاجة إلى خريجات فالعدد الموجود حالياً فائض وفق تفنيد الوزارة وإدارات الجامعات، مع ذلك جل هذه الحجج غير منصفة وإن بدت منطقية أو أمراً واقعاً لديهم".
وتتابع "ويبقى السؤال لماذا الحلول دوماً تبدو ممكنة وسهلة إذا ارتبطت بالمساس بحقوق الفتيات، يعني لماذا يكون الحل السهل دوماً لدى صناع القرار هو الانتقاص من حقوقهن؟، ومن المؤكد أن سوق العمل بحاجة لتنظيم، لكن هل من التنظيم أن تمنع الفتيات من دخول تخصصات بأكملها؟، وهل يتم اتخاذ إجراء مماثل مثلاً بحق الذكور؟ الإجابة: لا".
وعن النتائج السلبية المترتبة على اتباع الجامعات الفلسطينية لآلية التمييز ضد الطالبات، تقول "هنالك آثار كبيرة ناجمة عن اتباع الجامعات الفلسطينية سياسة التمييز ضد الطالبات وعدم حصولهن على فرصة متساوية مع الذكور، فمن الناحية الأكاديمية العملية يتم حرمان طالبات متفوقات من دخول تخصصات معينة، بمعنى آخر تعاقبن على تفوقهن!!، وهذا يؤدي لنتيجة واحدة وهي حرمان المجتمع من طبيبات ممرضات، معلمات ومبرمجات متفوّقات، فقط بسبب قرار التمييز هذا، أما من الجانب المعنوي فيخلق لدى الطالبات حالة نفسية كالاكتئاب بسبب الحرمان والتمييز ضدهن".
وذكرت بيسان الشرافي عدة أمثلة حول موضوع التمييز ضد الطالبات أبرزها سياسة الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية التي أغلقت 26 تخصصاً تعليمياً أمام الطالبات وتركت لهم 6 تخصصات فقط للتسجيل بهم، إضافة إلى ذلك أنها تقبل التحاق الذكور بمعدلات الثانوية أقل من الإناث بفارق 1 إلى 10%.
وأوضحت أنه "في جامعة الأقصى التي تميز بين الطالبات والطلاب في نسب القبول للتخصصات الطبية وتكنولوجيا الشبكات والديكور والتصميم الداخلي واللغة العربية واللغة الإنجليزية والرياضيات، يصل الفارق في النسب لتخصصي العلوم الطبية والمخبرية واللغة الإنجليزية إلى 10% لصالح الذكور".
وحول إمكانية حل سياسة التمييز التي لاقت اعتراضاً ورفضاً شديدين من قبل الطالبات، تقول بيسان الشرافي "يمكن معالجة الموضوع ووضع حلول منصفة للطالبات وهذا الأمر هو من مهام واختصاص الجهات المسؤولة من وزارة وإدارات الجامعات والكلّيات المختلفة".
إلا أنها تعتقد أن الطريقة التي يجب التفكير بها هي "الابتعاد عن الحلول النمطية والآليات التقليدية في معالجة الأزمات، والتفكير خارج الصندوق، والإرادة الجادة من أجل حل هذه القضية التي أرّقت الطالبات وأوقعت عليهن ظلماً كبيراً لسنوات طويلة حلاً جذرياً ونهائياً بعيداً عن المساس بحقوق أي من الجنسين، لاسيما الطالبات اللاتي يتعرضن دوماً للانتهاك والانتقاص من حقوقهن داخل وخارج الجامعات".
طالبات وناشطات وحقوقيون عبروا عن استيائهم مما اعتبروه تمييزاً على أساس الجنس، مستمر منذ سنوات، في الوقت الذي يخضع فيه كل من الطلاب والطالبات لذات الاختبارات في "التوجيهي" ووسط ظروف متطابقة، وعليه من حقهم دون تمييز الحصول على فرص متساوية في التعليم وبالتالي سوق العمل. في حين ترى الجامعات أنها لا تتبع سياسات تمييزية.