النهوة العشائرية تسطو على قرارات النساء وحياتهنَّ

جريمة تلوى الأخرى وحدث تلو آخر لا يختلف عمّا قبله من حيث الإجرام والانتهاك الصارخ لحقوق المرأة والإنسان، لتعود النهوة العشائرية للواجهة بعد مقتل فتاة نجفيه على يد أبناء عمها بسبب رفضها الزواج من أحد أبناء عمومتها ورغبتها من الزواج برجل من خارج العائلة

غفران الراضي 
 بغداد ـ .
خبر هزّ الشارع العراقي والحركات النسوية إلا أنّه بقي طي كتمان التفاصيل بعكس حادث العام الماضي في محافظة الديوانية الذي ظهر بتفاصيله على شاشات التلفاز حيث أبيدت عائلة بأكملها على يد أبناء العم بسبب نهوة عشائرية حيث نهى أحد أبناء العم على ابنة عمه بمعنى ألا تتزوج أبنة عمه أحد غيره كونها رفضت الزواج منه، إلا أنّ والدها وأخواتها كان لهم رأي آخر فزوّجوها لمن تريد هي، مما دفع أبناء العم للهجوم على بيت عمهم وقتل عدد من النساء بما فيهم الفتاة وزوجها اللذين كانا قد تزوجا حديثاً. 
بينما في الحادثة الجديدة تؤكد مصادر مقرّبة من العائلة لوكالتنا لم نكشف عن هويتهم حفاظاً على سلامتهم، أن أبن العم لم يكن بمستوى ثقافي واجتماعي يناسب الفتاة فرفضت الزواج منه مما دفعه إلى التخطيط لقتلها بعد أيام بعدة طلقات نارية. 
يذكر أنّ القانون العراقي لا يحوي مادة خاصة تجرم النهوة العشائرية لتحول دون تفاقم الأحداث والممارسات العرفية إلى جرائم قتل، في الوقت الذي يحاسب فيه القاتل أو المجرم حسب منطق القضايا الجنائية حيث أن القانون خجول في التعامل مع الأعراف العشائرية بل يمتلك فقرات قانونية تحدد القانون بملائمته للعرف المجتمعي.
خاصةً وأن العوائل العراقية لديها تحفظ كبير على اختيار الفتاة لشريك حياتها أو أن تتزوج عن طريق قصة حب فهذا يعتبر عار كبير لرجال العائلة بحسب عرفهم الاجتماعي، حتى أن بعض العائلات ترفض تزويج بناتها للرجل الذي يتقدم لخطبتها إذا علموا أنه يعرفها من قبل أو تربطهما علاقة عاطفية.  
تجد الناشطة النسوية عائشة نبيل أنّ النهوة العشائرية وإجبار الفتاة على القبول بشخص معين والموافقة على الزواج منه دون الأخذ بعين الاعتبار رغبتها الحقيقية، هو من أبشع أنواع العنف المعنوي والنفسي بحقها يفوق بتأثيره ووقعه أنواعاً أخرى كثيرة من العنف. 
وأضافت بأنه "يتسبب أيضاً بالقهر والظلم والإرغام والإجبار الذي يصل أحياناً الى حد الإذلال والقبول بكل شيء وعدم الاعتراض مطلقاً، أي سلب الحرية الشخصية وانتزاعها بالقوة". 
وأكدت أنّه "يجب على الناشطات والحقوقيات أن يواصلن المطالبة بإدراج التقاليد العشائرية التي تنتهك حقوق المرأة وكرامتها ضمن القانون باعتبارها عملاً إرهابياً، إلى أن يتم العمل على تطبيق القوانين على أرض الواقع لا أن تبقى حبراً على ورق".
ونوهت على ضرورة تفعيل دور لجنة المرأة البرلمانية في العمل على تعزيز الدور الرقابي في هذا الجانب، والعمل على تشريع قانون مناهضة العنف الأسرية، خصوصاً بعد أن وصل عُرف النهوة العشائرية إلى تهديد حياة المرأة فضلاً عن سطوته على قراراتها المصيرية، "النهوة العشائرية أخذت منحى خطيراً إذ لم يعد تقتصر ‏على التهديد والوعيد بل وصلت إلى استخدام الأسلحة، هذه الجرائم مخالفة لكافة الشرائع السماوية والقوانين الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان".  
وفي ختام حديثها قالت "من المفروض أنّ تكون حرية المرأة لاتخاذ قراراتها من البديهيات، ولكننا مازلنا نعارض التقدم والتطور المجتمعي، والذي يجب أن ينعكس على مجتمعاتنا وأن نشعر به شكلاً ومضموناً، وقد وصلنا للقرن الواحد والعشرين وبعض الفتيات ما يزلن يواجهن إسقاطات بعض العادات والتقاليد خاصّة فيما يتعلق بمواضيع الزواج ومساحة الحرية في الاختيار الممنوحة للفتاة في بعض المجتمعات، وفي بعض الأحيان يتم إجبار الفتاة على الزواج من شخص معين نتيجة لعلاقات اجتماعية أو قربى وغير ذلك دون أخذ رأي الفتاة وموافقتها".