المغرب... تسجيل تمثيلية ضعيفة للنساء في هيئات المحامين
طالبت المحاميات المغربيات بتغيير قوانين المهنة من أجل ضمان تمثيلية مناسبة للنساء في هياكلها التنظيمية خاصة في ظل الهيمنة الذكورية على المهنة وغياب مبدأ المساواة والمناصفة.
حنان حارت
المغرب ـ انتقدت المحامية عائشة كلاع التمثيلية النسوية الضعيفة في الاستحقاقات الانتخابية لهيئات المحامين بالمغرب برسم سنوات 2024 ـ 2026 سواء بالنسبة لمنصب النقيب أو العضوية داخل المجالس.
قالت المحامية بهيئة الدار البيضاء ورئيسة تنسيقية "محاميات من أجل المناصفة" عائشة كلاع أن ضعف تمثيلية المحاميات البالغ عددهن 16 محامية ضمن 17 هيئة بالمغرب، هو دليل على تراجع مهنة المحاماة على المستوى الثقافي والفكري والحقوقي".
وحول التمثيل الباهت للمحاميات في مجالس هيئات المحامين قالت "إذا كانت هيئات المحامين تعتبر مؤسسة من المؤسسات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة وتمكينها للمشاركة واتخاذ القرار داخل المجالس المهنية، فإن واقع المهنة يؤكد عكس ما يتم الترويج له، للأسف ليس هناك وعي بحقوق المحاميات وبمشاركتهن في تقلدهن مناصب صنع القرار، ونتائج هذه الانتخابات مخيبة لكل التوقعات عاكست النقاش المجتمعي الدائر حول الإجراءات التي يتعين اتخاذها لتعزيز مكانة المرأة والاعتراف بكفاءتها".
وعن الأسباب الكامنة خلف إقصاء المحامية من المجالس المنتخبة قالت "الأمر لا يعود لضعف أو عدم كفاءتها فهي تتمتع بمستوى ثقافي لا يقل عن الذي يتمتع به المحامي بل قد تكون على مستوى أفضل، فهي أيضاً منخرطة بالعمل السياسي والحقوقي والجمعوي، إلا أن الأسباب ترجع للتربية الذكورية السائدة في المجتمع؛ والتي امتدت إلى داخل أوساط المهنة، رغم أنه من المفروض أن تعطي المهنة المثال الأنسب في تبني المنظومة الحقوقية خاصة بالنسبة للنساء، لكن العقلية الذكورية المحافظة السائدة أدت لحدوث التراجع الذي نشهده الآن، والمحامية تمارس المهنة بنفس الحقوق وبنفس الالتزامات إلا أنه يتم إقصاءها عندما يتعلق الأمر بوصولها إلى مناصب صنع القرار".
وأوضحت أنه "في ظل استمرار الوضعية الحالية فإن المعطيات تشير إلى أن هذه الانتخابات ستبقى ذكورية ولن يكون للمحاميات مكاناً فيها وسيكن مجرد احتياطي انتخابي في الحملة، ودورهن سيقتصر على الإدلاء بأصواتهن لنظرائهن وليس بهدف فرض صوتهن ككفاءات في تدبير شؤون المهنة، وأيضاً أعول على قانون مهنة المحاماة الذي وضع عام 2008 لقد بات متخلفاً بشكل كبير اليوم عن دستور عام 2011 الذي نص في أكثر من فصل على واجب ضمان مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة، وهو توجه يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، خاصة الفصل 19 منه الذي ينص بشكل واضح على أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية"، مؤكدة على ضرورة إدماج نظام "الكوتا" كآلية مؤقتة تضمن تمييزاً إيجابياً لفائدة النساء وتمكينهن من الوصول إلى مجالس هيئات المحامين باعتبارها مؤسسات ذات طبيعة حقوقية تفرض أن تكون السباقة لاعتماد المرجعية الدولية لضمان حضور مناسب للمحاميات في أجهزة تسيير الهيئات".
وشددت عائشة كلاع على ضرورة ملاءمة قانون المهنة مع مقتضيات الدستور وسن مقتضيات قانونية كفيلة بضمان تفعيل مبدأ المساواة والمناصفة طبقاً للفصلين 19 و164 من الدستور وانسجاماً مع المواثيق الدولية ذات الصلة "على الحكومة المغربية وضع كل الاستراتيجيات في إطار السياسات العامة من أجل القضاء على كل أشكال التمييز، بهدف تمكين النساء في جميع المؤسسات الدستورية والغير الدستورية"، قائلة "تحقيق المناصفة مبدأ دستوري وسيأخذ وقتاً من أجل تفعيله على أرض الواقع، كما يحتاج لمجهود على المستوى المؤسساتي والتشريعي، لازلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق المناصفة، بسبب التمييز ضد النساء لعقود طويلة حتى أضحت ثقافة داخل المجتمع، وبالتالي فتغيير هذا الوضع يحتاج إلى الدفع من أجل تكريس ثقافة أخرى مناهضة لكل أشكال التمييز ضد النساء، لكن في البداية هناك حاجة ماسة لتغيير القوانين والمقتضيات المنظمة للمهنة لتجاوز الاختلالات".