إكرام العيدروس: يجب إشراك القاضيات في مراكز صنع القرار

أكدت القاضية إكرام العيدروس أن حرمان القاضيات من فرص التأهيل والتدريب المستمر، هي عقبة تحول أمام تمكينهن من بناء قدراتهن في هذا المجال.

 نور سريب

اليمن ـ شهدت بدايات إشراك النساء وتمكينهن في العمل القضائي ازدهاراً ملحوظاً، ومازالت آثاره باقية في ذاكرة المدنيين وتحولت تلك البداية لحجر أساس ضمنت مكاناً للنساء في السلك القضائي اليمني.

 

بداية التمكين في سلك القضاء

تعرف القاضية حميدة زكريا كأول قاضية في اليمن حيث التحقت بالسلك القضائي في سبعينات القرن الماضي، وفي منتصف عام 1982 تخرجت أول دفعة من كلية الحقوق في جامعة عدن، وبدء تعيين العديد من الخريجات في السلطة القضائية كقاضيات ولدى الادعاء العام كمدعيات عامة وذلك ضمن درجة التقاضي الأولى لدى محاكم الابتدائية ثم تدرج ارتقاء عدد من تلك القاضيات إلى محاكم الاستئناف.

وعن وصول النساء إلى السلك القضائي قالت القاضية في المكتب الفني بالمحكمة العليا إكرام العيدروس وهي عضو التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام لوكالتنا "وصلت المرأة اليمنية في جنوب اليمن سلك القضاء في وقت مبكر في أوائل السبعينات واستطاعت أن تترك بصماتها وآثارها الواضحة في هذا المجال بفضل ما تمتعت وتميزت به من دور وحضور فاعل من خلال العديد من المراكز التي وصلت إليها مقارنة بمثيلاتها من النساء العربيات واستحقت أن تنال حينذاك اهتمام صناع القرار كما كسبت ثقة المواطنين الذين ‏كانوا يتقاضون في المحاكم عند لجوئهم إليها واحتكامهم لها".

وأضافت "تواجد النساء في القضاء لم يكن وليد الصدفة بل جاء ثمرة جهود ونضال وكفاح خاضته النساء في جنوب اليمن، فبعد الاستقلال من بريطانيا وقيام الثورة اليمنية كانت المرأة في الجنوب تتمتع بالعديد من الحقوق الدستورية والقانونية حيث ناضلت من أجل أثبات وصيانة تلك الحقوق التي منحت لها وشاركت بإمكانياتها وكفاءتها في عملية التقدم الاجتماعي وبناء الدولة، وممارسة حقوقها الدستورية والقانونية، كما لعبت الإرادة السياسية دوراً بتشجيعها على أن تشارك في مختلف مجالات الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية".

وعن الصلاحيات الممنوحة للقاضيات أوضحت "تمارس المرأة اليمنية المعينة كقاضية ‏أعمالها وفقاً لكافة الصلاحيات المخولة للقاضي من حيث ‏تولي النظر في المنازعات بين الخصوم والفصل فيها بإحكام وقرارات قضائية، وأما المرأة القيادية من القاضيات كرئيسة محكمة أو ممن يتولون رئاسة بعض ‏الشعب لدى بعض المحاكم فمثل هؤلاء القاضيات يمارسن أعمال الإدارة القضائية إضافة إلى وظائف ‏ومهام القاضي القيادي الذي يحظى بصلاحيات الأشراف والرقابة والتوجيه على أعمال العديد من موظفي المحكمة الذين يتولوا مساعدة القاضي فيما يتعلق بنطاق اختصاصهم المرتبطة بمراحل الدعوى مثل تلقي عرائض الخصوم ‏أو القيام بأعمال أمين سر الجلسات الذي يساعد القاضي أثناء عقد الجلسات وتحرير المحاضر وتدوين الأحكام الصادرة في المنازعات‏ والسجلات المخصصة لذلك وكذلك الأشراف على مواعيد وجداول القيام بإعداد الجلسات وأسماء ومراكز الخصوم وتبليغهم بمواعيد ‏نظر الدعوى والحضور إلى المحكمة، وإلى مرحلة الوصول إلى التعاون المشترك فيما بينهم في أعمال تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية وكذلك تنفيذ التوجيهات والتعليمات المتعلقة بها".

 

عقبات وتحديات

بحسب دراسة أعدتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا (الإسكوا) عام 2019 فأنه لا يوجد في اليمن سوى عدد قليل من القاضيات بعد أن كان نصف القضاة في جنوب اليمن من النساء، وأشارت الدراسة إلى أن القوى المحافظة هي من حاربت وجود النساء في السلك القضائي وأعادت تعيين القاضيات في مناصب إدارية ومكتبية.

وحول العقبات التي تواجه القاضيات قالت "في الفترة بعد العام 1990 ‏بدأت النساء اليمنيات عامة يواجهن عقبات كبيرة، السلك القضائي مجال حيوي وهام لا يؤمن استحقاقات للنساء القاضيات فقط بل أنه يوفر البيئة والمناخ الملائم لحقوق النساء اليمنيات عامة، فقد توقفت تعيينات النساء للعمل في مجال السلطة القضائية كما إنه تراجع وصول النساء إلى العدالة بسبب وضع التحديات أمام دراسة النساء في المعهد العالي للقضاء، مما أدى إلى وجود ندرة في الخريجات من النساء".

وأضافت "هناك نقص في مراحل تجربة المرأة القاضية ومنها توقف إجراء التعيينات اللاحقة للمرأة في سلك القضاء وعدم التوسع في تعيين أي أعداد جديدة للمرأة القاضية خلال الأعوام من 1990 إلى 2006 وتم الاكتفاء فقط بإجراء بعض الترقيات، وفي ذلك ما يؤثر سلباً على إغناء التجربة اليمنية للمرأة في مجال القضاء، والدليل على ذلك وجود قاضية واحدة في المحكمة العليا، وقاضية واحدة رئيسة الشعبة المدنية الثانية في محكمة الاستئناف".

وترى القاضية إكرام العيدروس أن حرمان القاضيات من الترقي في الوظائف القيادية الهامة التي تمنحهن صلاحيات وسلطات اتخاذ القرار مثل حرمانهن من الوصول إلى رئيس محكمة عليا أو رئيس في الدوائر العليا بما فيها هيئة التفتيش القضائي أو رئيس محكمة الاستئناف من أهم التحديات التي تعيق تمكين النساء.

وانتقدت القاضية إكرام العيدروس شح فرص التدريب والتأهيل للقاضيات قائلة "يعد حرمان القاضيات من فرص التأهيل والتدريب المستمر عقبة تحول أمام تمكينهن من بناء قدراتهن في هذا المجال، وإذا ما سلمنا جدلاً أن هناك تأهيل وتدريب بحسب الورش المقامة مؤخراً فإن تلك الورش لم تستوعب كل منتسبات العدالة (القاضيات أو وكيلات النيابة) وأن العدد الأكبر مازال بانتظار فرص التدريب والتأهيل، وحرمانهن من الوصول إلى مراكز صنع القرار في مجلس القضاء الأعلى لاعتبارات تتعلق ببعد النوع الاجتماعي أي إقصاء النساء ومنح الرجال سلطة اتخاذ القرار، وأيضاً حرمانهن من المزايا المادية والمالية التي يحصل عليها الرجال من هذه الوظائف".

ولتحسين أوضاع القاضيات وتمكينهن قالت القاضية إكرام العيدروس في ختام حديثها "يجب إشراك القاضية في مراكز صنع القرار المتمثل في ‏مجلس القضاء الأعلى وفقاً لاتفاقية القضاء على التمييز ومخرجات الحوار الوطني وقرار رئيس مجلس الوزراء للعام 2014 بشأن تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 30% في مراكز صنع القرار والإسراع بتشكيل دوائر المحكمة العليا وإشراك القاضيات في مختلف الدوائر ورفع قدرات النساء العاملات في سلك القضاء".