أجبرها على قتله بعد اعتدائه عليها... النيابة تطمئن الفتيات برسالة اجرائية في قضية دفاع عن النفس

تعرضت فتاة صومالية لاعتداء ممنهج من قبل سائق توكتوك اختطفها وهددها بسلاح أبيض محاولاً الاعتداء عليها ولم يكن أمامها مهرب سوى الاشتباك معه محاولة النجاة بنفسها، واللافت بالقضية عملية الإسراع في الإجراءات التي انتهت بإطلاق سراحها.

أسماء فتحي

القاهرة ـ الوضع بات مخيف والعنف يتزايد من حين لآخر بلا تفسير أو تحليل مدروس لأسباب وصول الوضع لما هو عليه الآن، وهو الأمر الذي جعل الفتيات في مأزق حقيقي، فإما التمكن من الدفاع عن أنفسهن أو القتل علناً في الشوارع.

ففي الوقت الذي تكافح فيه فتاة صومالية للتعلم محاولة تحسين وضعها المأزوم كغيرها ممن يحيون خارج بلدانهم فوجئت بسائق أثناء ذهابها لمنزلها يأخذها خارج النطاق العمراني بصحراء مدينة أكتوبر مشهراً في وجهها سكين، وحدث الاشتباك الذي قتل في نهايته السائق في سعي الفتاة للخلاص من قبضته وسط خيالات مرعبة لمصيرها في حال تمكنه منها ما بين الاغتصاب والقتل والسحل.

وحالة تلك الفتاة ليست بجديدة فالكثيرات تعرضن لاعتداء مشابه وقليلات من تمكن من الخلاص، فالرغبة في النجاة من العنف الذي انتشر جعل الفتيات يبحثن عن أدوات حمايتهن سواء من خلال تعلم رياضة تسهل التعامل في مثل تلك المواقف أو التخلي عن الضعف من أجل الخلاص في اشتباك كهذا.

وتحركت الإجراءات في تلك القضية بشكل سريع من معاينة مكان الواقعة، والاستماع لأقوال الفتاة والإفراج عنها على ذمة التحقيقات، وهو الأمر الذي جعل الكثيرين يرونه "بشرة خير"، بل وكاسر لحالة الخوف من التبليغ لأن الفتاة لم تعاني داخل قسم الشرطة أو بالعرض على النيابة لفترة طويلة، وعلى العكس تماماً تم إدراك حجم معاناتها ومن ثم عدم التعامل معها بمنطق الإدانة المسبقة أو الحبس على ذمة التحقيقات كما كان يحدث في فترات سابقة.

 

"لم يترك لنا المختلين في الشارع سبيل سوى البحث أن أدوات نحمي بها أنفسنا"

التقت وكالتنا بواحدة من طالبات الثانوية العامة وهي في سن قريب من الفتاة التي اضطرها سائق التوكتوك لقتله بعد اعتدائه عليها، لنعلم منها مشاعر ذلك الجيل تجاه ما يسمعونه من اعتداءات متكررة على الفتيات في الشارع بحضور أسرتها.

قالت ريتاج سامي "لم يحدث لي موقف شبيه، لكن أنا وصديقاتي نخاف بالفعل من الشارع وما قد يحدث به، فالفتاة في تلك الواقعة مصيرها كان مجهولاً فالسائق خطفها للاعتداء عليها وربما قتله وقدرتها على النجاة لا تتاح لكثير من الفتيات اللواتي تتعرضن للعنف، فصديقاتي يخفن من مجرد المشاجرات العادية فما بالنا بشخص يهاجم فتاة بسكين".

وأوضحت أن الإجراءات التي تم اتخاذها ضمن نطاق القضية مبشرة وأسعدت الكثير من الفتيات فهن على الأقل سيتمكن من التبليغ في حال تعرضهن لأي أزمة في الشارع فيما بعد دون خوف أو تردد، مشيرةً إلى أن موجة العنف في الفترة الأخيرة تزداد، ولكنهم يرون أن هناك اهتمام بحقوق المرأة.

وأضافت "أتدرب على رياضة الكونغ فو وأستطيع الدفاع عن نفسي ولدي مدرب يعمل بجهد على تحفيزي على أدوات مواجه أي معتدي، فلم يترك لنا المختلين في الشارع سبيل سوى البحث أن أدوات نحمي بها أنفسنا"، لافتةً إلى أنها تستطيع فعل ذلك بلا عناء أو جهد، وترى الكثير من الفتيات تتمرن على ألعاب ومهارات مختلفة تمكنهم بالأساس من الدفاع عن أنفسهن".

 

 

إطلاق سراح الفتاة في وقت قصير مؤشر جيد في تعامل النيابة مع قضايا العنف

من جانبها قالت محامية الاستئناف سارة إبراهيم إن إفراج النيابة عن الفتاة في وقت قصير مؤشر جيد في هذا النوع من قضايا العنف وهو الأمر الذي سيشجع الفتيات على التبليغ في حالة تعرضهن لأي اعتداء أو أشياء مثيلة في الطرقات.

وأوضحت أن ما حدث في واقعة قتل سائق التوكتوك لاعتدائه على الفتاة غير معتاد في القضايا الشبيهة لذلك واعتبرت ما حدث رسالة واضحة للفتيات والمجتمع وكأن النيابة تسعى لطمأنينة مثيلاتها في القضايا الشبيهة، معتبرةً أن العدالة في مصر تأخذ وقت طويل كي تتحقق والانجاز الواضح إجرائياً في تلك القضية مبشر للغاية.

وترى أن الوضع تغير كثيراً على مستوى التعامل في أقسام الشرطة والتعاطي مع أزمات الفتيات خاصة القادمين للتبليغ عن قضايا العنف تأثراً بالمناخ العام الرافض والصارخ في وجه المعتدين خلال الفترة الأخيرة.

 

 

وجود اخصائية اجتماعية في أقسام الشرطة سيغير من سير الكثير من القضايا

واحدة من الحلول التي يرونها النشطاء في ملف حقوق المرأة مؤثرة وضرورية هي وحدات العنف المتخصصة داخل أقسام الشرطة على أن تحتوي على أخصائية اجتماعية تستقبل الشكاوى وتستمع للنساء.

وأوضحت سارة إبراهيم أن وجود أخصائية اجتماعية تستمع للنساء من شأنه أن يغير الكثير في سير القضايا وييسر التعامل لأن هذا من شأنه أن يطمئن المستغيثات بالأقسام، ولن يجدوا حرجاً في التحدث عن تفاصيل الوقائع وهو أمر مثمر وفعال خاصة في قضايا العنف الممارس على النساء والمتكرر في الفترة الأخيرة، معتبرةً أن هناك الكثير من الفتيات يتملكهن الخجل من الكشف عن وقائع الاعتداء الممارس عليهن حتى للأهل أنفسهم لذلك فالمناخ العام يتطلب أن تتم طمأنة الفتيات بصيغ ورسائل مختلفة، وأهمها على الإطلاق إنجاز إجراءات القضايا المرتبطة بحالات الاعتداء التي تتم عليهم خاصة في الشوارع.

 

وعي الفتيات اختلف وهذه أهم الاجراءات التي يجب تنفيذها في حال التعرض للعنف

المناخ العام بات محفز تجاه رفض العنف بكل صوره سواء داخل الأسرة أو خارجها، فحالة الصمت والخوف قد تم كسرها من خلال عمل مؤسسات المجتمع المدني بشكل عام والنسوي منه على وجه الخصوص على زيادة الوعي وتأهيل الفتيات للتعامل مع مواقف العنف أياً كان مستواها.

وأوضحت أن واحد من أهم الإجراءات التي يجب أن تتم فور تعرض الفتاة للعنف تتمثل في الإسراع بالتبليغ عن الواقعة بعد الحصول على بيانات المعتدي أو حتى التقاط صورة له، وإن صعب الأمر عليها فلتصرخ وتستغيث بالمواطنين وهم من سيساندونها بالذهاب لأقرب قسم شرطة.

وأكدت سارة ابراهيم على أن مستوى وعي الفتيات تغير عن ذي قبل وبتن تعلمن جيداً أن عليهم التصدي لموجة العنف الممارسة عليهم، وهناك أيضاً انتهاكات تتم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وهنا في حال تعرض فتاة للإيذاء عليها اللجوء لمباحث الإنترنت والتبليغ، مشددةً على أن النيابة ستقف إلى جوار أي فتاة تعاني وتنتزع حقها بل ومن المتوقع أن يتم تيسير وتعجيل الإجراءات كما حدث مع الفتاة التي قتلت سائق التوكتوك وغيرها من الوقائع التي تتكرر بشكل يومي خلال الفترة الأخيرة.