'يجب إشراك النساء في صياغة السياسات المتعلقة بالتغير المناخي'
أكدت المختصة في معهد البيئة والتنمية نور الهدى أبو معليق أن المرأة هي الأكثر تأثراً بالتغير المناخي كونها تتولى الأدوار الأكثر أهمية في المجتمع.
رفيف اسليم
غزة ـ تعاني النساء في قطاع غزة سواء كانت ربة منزل أو عاملة، من الآثار المترتبة على التغير المناخي التي باتت تطال كافة مناحي الحياة، لذلك أصبح من الواجب وضع سياسيات تتعلق بالحد من الآثار السلبية بمشاركة المرأة، وصولاً لحلول تخفف من وطأة الواقع المعاش.
قالت المختصة في معهد البيئة والتنمية نور الهدى أبو معليق، إن الآثار المتعلقة بالتغير المناخي أصبحت تطال كافة مناطق العالم، لكن تختلف حدتها من مكان لآخر من حيث الرياح والأمطار، وهذا الأمر بات مستشعراً من خلال التغيرات الهائلة على الأنظمة الطبيعية التي بدورها أثرت في درجات الحرارة ما بين الفصول التي نعيشها اليوم.
ومن أهم العوامل التي أثرت في التغير المناخي بحسب نور الهدى أبو معليق، هي ظاهرة الاحتباس الحراري والتي تحدث نتيجة احتباس الغازات المنبعثة في الغلاف الجوي وعدم تمكنها من الانطلاق خارجه، وذلك بفعل النشاط البشري الذي فرضه التطور التكنولوجي والأنماط الأكثر تعقيداً للحياة التي ساهمت بالضغط على مصادر الطاقة المختلفة خاصة الوقود الأحفوري لسد تلك الاحتياجات.
وأشارت إلى أنه من أبرز الظواهر التي باتت تلاحظ إثر التغير المناخي هي الأمطار الموسمية المتفرقة في غير أوقاتها واحتراق الغابات في مناطق متفرقة من العالم ودمار الموسم الزراعي وخسارة مخزون هائل من المياه الصالحة للشرب، وذوبان الجليد بالتالي أصبح هناك ارتفاع في منسوب البحار والمحيطات وتهديد للتجمعات السكانية أي فقدان الكثير من الأسر منازلهم الواقعة بمحاذاة الساحل وتعرضهم للتهجير، ووصل الأمر إلى أن هناك شواطئ أصبحت مهددة بالاختفاء في السنوات المقبلة كالمالديف.
وأوضحت أن الأمر لم يقف هنا فالتغير المناخي طال التربة متسبباً نقص خصوبتها، بالتالي أصبح اعتماد الأكبر المزارعين/ات على المبيدات الكيماوية مما أدى إلى الإضرار بالصحة العامة وارتفاع نسبة الأمراض، لافتةً إلى أن أكثر الفئات التي تضررت من التغيرات السابق ذكرها هم الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع كالنساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
وبينت نور الهدى أبو معليق أن "جميع النقاط التي ذكرناها قد تبدو عالمية، لكن المرأة الفلسطينية وتحديداً في قطاع غزة تأثرت بها بل كان تأثرها أكبر كونها تعاني من احتلال وحصار خانق منذ أكثر من 17 عاماً وأوضاع اقتصادية صعبة، وتمييز قائم على النوع الاجتماعي، جعل من مواجهة التغير المناخي أمر في غاية الصعوبة بالنسبة لها كونها تتولى الأدوار الأكثر أهمية في المجتمع".
ولفتت إلى أنه عندما يمرض الطفل تتولى الأم رعايته وخلال ما قبل ذلك في فترة الحمل يستنزف الجنين صحتها في وقت تكون استفادتها من الخدمات الصحية المقدمة تكاد معدومة خاصة في المناطق المهمشة، مضيفةً أنه هي من تتعامل مع الموارد الطبيعية كالمياه وتتولى توفيرها، ويقاس ذلك على موارد الطاقة الغير متجددة وتوفير الغذاء وغيرها.
وأوضحت أن هناك بعض النساء في المناطق المهمشة تقمن بممارسات تعزز من الآثار السلبية للتغير المناخي، فلا تقمن بغسل الخضار بشكل جيد، أو في حالة المزارعات اللواتي تقمن بالتعامل مع المواد الخطرة، مشيرةً إلى أن الفقر وآثاره له دور أيضاً في ترسيخ مبدأ عدم وجود العدالة المناخية، لذلك يجب العمل على حلقات التوعية بشكل أكبر لدفعهن إلى المشاركة بوضع سياسات تحد من آثار التغير المناخي.
ونوهت نور الهدى أبول معليق إلى أن مستوى ثقافة المرأة أيضاً يلعب في الحد من تلك الآثار، فعلى سبيل المثال فيما لو مرض الطفل بفعل تلوث المياه أو الغذاء ستقوم الأم المثقفة بعزل طفلها وإبعاده عن مصدر المرض، فيما تبقى الأم الريفية لأيام تمنح ابنها الأعشاب كونها لا تستطيع الذهاب به للطبيب وتدمجه مع أشقائه مما يعزز العدوى للأسرة، الأمر الذي قد يتسبب موت أحدهم على المدى الطويل.
ولفتت إلى أن المرأة الفلسطينية قد تتعرض للعنف اللفظي أو الجسدي بفعل التغير المناخي، فتلك التي يعمل زوجها بالبحر إذا ارتفع منسوبه لأيام ولم يستطع الصيد، سينقطع مصدر دخله بالتالي سيرتفع مستوى الفقر المعاش للأسرة بالتالي سيفرغ الرجل غضبه بالمرأة.
وبينت أن عدد النساء اللواتي تعملن في المجال الزراعي في قطاع غزة أصبح يرتفع بشكل ملحوظ فهناك المزارعات، ومن تمتلك منحلة، وأخرى لديها مشتل تتولى إدارته، وكلن منهن قد تكون معيلة أسرتها، بالتالي تأخر أمطار الموسم وسقوطها في غير موسم الذروة قد يضر بتلك العائلات ويدخلهم في خطر الفقر الذي يحرمهن من قوت يومهن.
وتطرقت نور الهدى أبو معليق إلى عدد من المشاريع التي نفذها معهد البيئة والتنمية للحد من الآثار التي خلفها التغير المناخي على النساء، كجلسات التوعية في المناطق المهمشة، وكيفية التعامل مع المياه المعالجة للمزارعات ليتم تخفيف الضغط على الخزان الجوفي، والحد من استخدام المبيدات الحشرية ومتابعة مشاريع الرياديات لجعلها صديقة للبيئة والتركيز على مفهوم الاقتصاد الأخضر، وإعادة تدوير البلاستيك ضمن مشروع قادته النساء جنوب مدينة غزة.