'تعنيف الحيوانات امتحان لإنسانيتنا'
أثار قطع ساق معزة من طرف شخص غير معروف جدلاً واسعاً في تونس بعد انتشار صور مأساوية بيّنت حجم الأزمة الأخلاقية، وذهبت العديد من التأويلات إلى أن الحادثة لم تقع في تونس بل في بلد آخر
زهور المشرقي
تونس ـ ، لكن ذلك لم يوقف التنديدات من قبل الجمعيات البيئية والجمعيات المختصة بالرفق بالحيوان والحقوقيين/ت.
قّدمت جمعية تونس الإيكولوجية قضيّة ضدّ مجهول لكشف ملابسات الحادثة، حيث كشف عبد المجيد دبار رئيس الجمعية في حديث لوكالتنا أنه تم تقديم قضية لوكيل الجمهورية للوقوف على الحقيقة، مذكّراً أن هذه الحادثة حدثت سابقاً ولم يتم التعاطي معها بصفة جدّية، مؤكداً أن الوضع يتطلّب وقفة حازمة وهو الذي قدّم سابقاً بين أروقة البرلمان مقترحاً حول كيفية تجريم القضايا البيئية والاستئناس ببلدان البحر الأبيض المتوسط؛ لإيجاد حلول لبعض المعضلات التي باتت تهدد الثروة الحيوانية والحيوانات والبيئة عموماً.
فيما قدّمت المحامية والحقوقية درصاف شعيب قضية ضد مجهول، وقالت، إن "الصورة هي امتحان لإنسانيتنا"، معبّرةً عن إدانتها الشديدة لهذه الجريمة. ومؤكدةً إنّها رفعت القضية باسم جمعية "تونس الإيكولوجية"، وهي خطوة جاءت لتحديد الفاعل الذي لازال مجهولاً وذلك كدافع لتفعيل "القوانين التي أكلتها الرفوف وظّلت حبراً منسياً طيلة عقود" كما تؤكد.
وبينت بأنها تكفّلت مجاناً بالقضية فقط نصرةً لصورة أثّرت فيها وفي ذات كل من اعترضته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدةً أن "هذه الصورة تسيء لصورة تونس إن ثبت أنها من محافظة القيروان فعلاً".
وحول سؤالنا عن القوانين التي تنص على حماية الحيوانات في تونس أجابت أن في المجلة الجزائية ينص الفصل 317 على عقوبة 15عاماً لمن يسيء للحيوانات، لافتةً إلى أن حالة الاعتداء على المعزة تعد مخالفة تستوجب العقاب بالسجن وفق نص المادة آنفة الذكر.
وأضافت "يعاقب الأشخاص الذين يسيئون معاملة الحيوانات دون أن يمنع ذلك العمل بأحكام الفصلين 25 و26 من الأمر الصادر في 15 ديسمبر عام 1896، وفي فقرته الرابعة ينص على أن الأشخاص الذين يباشرون على رؤوس الملأ سوء معاملة حيوانات أهلية لهم أو أنيط حفظها بعهدتهم ويُحكم بالعقاب بالسجن في صورة تكرر الفعل".
كما أشارت إلى إن الفصل 25 الذي يتحدّث عن تسميم الحيوانات تصل عقوبته لخمس سنوات سجن، أما الفصل 26 ويتحدث عن قتل أو جرح حيوان فتتراوح عقوبته بين أسبوعين وشهر وأسبوع، وهي عقوبات سجينة غير مفعّلة كثيراً في الواقع.
وشدّدت على أن القوانين موجودة لكن المشكلة في كيفية التبليغ والمحاسبة، مذكّرةً بأن حادثة مماثلة عاشتها محافظة سيدي بوزيد منذ فترة حيث تم الحكم على رجل بالسجن مدة سنتين بتهمة حرق بقرة لكنها جاءت في سياق الاعتداء على ملك الغير لا الاعتداء على الحيوانات، داعيةً إلى ضرورة التعاطي القانوني والقضائي والأمني بشكل أوضح وأوسع مع مثل هذه القضايا المسكوت عنها.
وفي سؤالنا حول انتشار ظاهرة العنف في المجتمع التونسي التي لم تعد تقتصر على إيذاء البشر فقط وانما انتقلت إلى الحيوانات، فسّرت ذلك بالقول "أعتبر أن ظاهرة العنف مستشرية من قبل في المجتمع التونسي برغم وجود ترسانة من القوانين المهمة والتاريخية، وهي ظاهرة لها علاقة بسياق كامل ودائرة استفحل فيها العنف وذلك لتأثير المناخ الاجتماعي والسياسي وصعوبة الظروف الحياتية حيث باتت شخصية التونسي عنيفة متشنجة ترد الفعل بسرعة وبأذى".
وأفادت بأن معالجة ظاهرة العنف ضد الإنسان والحيوان لا يمكن أن تكون بطريقة منزوية حيث وجب معالجتها بصفة شاملة، معتبرةً أنّ هذه الممارسات غير إنسانية وإن الدولة مطالبة بالحفاظ على الثروة الحيوانية وحمايتها. معتبرةً أن تفعيل القوانين سيحدّ من انتشار العنف ضد الحيوانات.
وحذّرت من ظاهرة الإفلات من العقاب وعدم تنفيذ القوانين الموجودة وتفعيلها جدّياً حيث أن الصمت هو تشجيع بطريقة غير مباشرة. داعيةً وسائل الإعلام إلى القيام بالدور التوعوي التثقيفي لمحاربة العنف، وعدم فسح المجال للداعمين للعنف في المنابر الإذاعية والتلفزيونية باعتبارها دوافع مشجّعة "على الإعلام أن يأخذ دوره في إيصال المعلومة وفضح الممارسات والتجاوزات الخطيرة وتفسير القوانين الموجودة التي تحمي الحيوانات، والمشاركة في تطهير سلوك الشخص العنيف".
فيما دعت جميلة عمار، رئيسة جمعية "رحمة للرفق بالحيوان"، إلى إيلاء أهمية أكبر للمواضيع المتعلقة بالرفق وحماية الحيوانات. إضافةً لتعديل القانون القديم الخاص بحماية الحيوانات الذي لم يعُد مفعلاً بالأساس لتجريم تعذيب وقتل الحيوانات، وتتمسّك بأهمية تأسيس ملاجئ تشرف عليها الدولة بالتعاون مع المجتمع المدني، تجمع فيها الحيوانات السائبة من أجل الاعتناء بها ومداواتها.
وتسعى منظمات ناشطة في مجال الرفق بالحيوان إلى إنقاذ الحيوانات الضالة من العنف الذي تتعرض له، وتعمل على حمايتها من الأذى والمعاملة السيئة، وتوفير مأوى لها.