قضايا المرأة المصرية تناقش أثر التغيرات المناخية على النساء
نظمت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مائدة حوارية لعرض ما تم التوصل إليه من عمل على ملف التغيرات المناخية وآثارها على ستة محافظات، إضافة إلى تأثيرها على النساء.
أسماء فتحي
القاهرة ـ تؤثر التغيرات المناخية على عموم البشر بدرجات مختلفة بحسب الهشاشة والعرضة والحساسية، والنساء الأكثر تضرراً من مختلف أنواع الكوارث ومنها الانهيار البيئي الذي ترتفع وتيرته يوماً تلو الآخر.
للتغيرات المناخية انعكاسات شديدة الخطورة على جميع مناحي الحياة ولها مردود قوي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم الثقافية والسياسية، وكون النساء من الفئات التي تعاني من هشاشة اجتماعية فإنهن الأكثر تضرراً منها.
أطلقت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مائدة حوارية أمس الخميس السابع من آذار/مارس، لعرض ما توصلوا إليه من عمل على ملف التغيرات المناخية بالتعاون مع الصندوق الكندي للمبادرات في بحث التحديات المناخية وآثارها في 6 محافظات وعرض ورقة بحثية قاموا بتنفيذها على عينات قاعدية للوقوف بشكل أدق على ما يحدث في أرض الواقع من تغيرات.
وحضر المؤتمر مجموعات بؤرية من المحافظات التي تم العمل معها وشاركوا النقاش بعرض تجارب مجتمعاتهم مع التغيرات المناخية طارحين مجموعة من الأفكار الخاصة بالتعامل مع هذا الملف وواقع تأثرهم بها.
التغيرات المناخية مسؤولية مجتمعية
قالت مسؤولة برنامج المشاركة العامة للنساء بمؤسسة قضايا المرأة المصرية ندى نشأت، إن واحد من الأهداف التي يعمل عليها البرنامج يتمثل في تأثير التغيرات المناخية على النساء وأنهم كمؤسسة مهتمين بهذا الملف لما لمسوه أثناء عملهم على عدد من الملفات مع المجموعات القاعدية من تأثيره المباشر والمحوري في أوضاع الفئات المستهدفة.
وأشارت إلى أن الأمر لفت انتباههم بعد تناول الملف بشكل مكثف في مؤتمرات المناخ، وخطة العمل التي قامت بها الدولة للتعامل معه، وهو الأمر الذي دفعهم كجزء من المجتمع المدني لبحث واقع تأثير التغيرات المناخية على الفئات المختلفة خاصةً أنها فعلياً متنوعة، مضيفةً أن المؤتمر يشارك به عدد من المزارعين/ت والصيادين/ت بالتعاون مع الصندوق الكندي للمبادرات.
وأوضحت أنهم تعاونوا مع مؤسسة جرينتش للتنمية في تنفيذ ورقة بحثية تقيس تأثير التغيرات المناخية في 6 محافظات مصرية وهي (كفر الشيخ، البحيرة، القليوبية، دمياط، الإسكندرية، بور سعيد) وتم اختيارها لأنها أكثر المحافظات تأثراً بالتغير المناخي والتلوث البيئي، كما أن هناك تقارير صادرة تؤكد أن درجة الحرارة حال ارتفاعها ستؤدي لاختفاء بعض المحافظات تماماً، وهو الأمر الذي يجعل المواجهة والعمل على هذا الملف وأدوات التكيف أمر جدير بالاهتمام لكونه يتعلق بالقدرة على الحياة ذاتها.
الحراك الدولي ضعيف
وأكدت الدكتورة أمنية جاد الله والحاصلة على دكتوراه في التغير المناخي، أن موضوع تغير المناخ والتغيرات المترتبة عليه هام للغاية فهناك أحداث تتم على الساحة الدولية تراكم من خبرات المجموعات المهتمة بهذا الملف، لافتةً إلى أن أفريقيا من أقل القارات إسهاماً في الأمر ولكنها الأكثر تضرراً، لذلك فالتركيز على هذا الأمر ضرورة.
ونوهت إلى أن هناك العديد من العوائق منها فجوة في تمويل برنامج التكيف المعلن فقط من مؤتمر باريس عام 2015 والذي يقدر بنحو 387 مليار دولار، مؤكدةً أن ذلك يلقي بظلاله على التنفيذ ومن أهم ما يوجه للاتفاقية من انتقادات.
واعتبرت أمنية جاد الله أن ما ورد في اتفاقية باريس يمكن تصنيفه بقانون ضعيف أكثر منه ملزم، لافتةً إلى أن مسألة تكثيف جهود المجتمع المدني لوضع مسألة التغيرات المناخية على أجندة الجهات الحكومية والبرلمان وصانعي القرار باتت ضرورة ملحة.
وكونها مدرسة مساعد في الجامعة ترى أن هناك ضرورة في دمج مسألة المناخ في المناهج الدراسية على نطاق واسع لما لذلك من تأثير في القضية بشكل عام، مضيفةً أن الأمم المتحدة خصصت عدد من الأيام العالمية لحماية أجزاء بيئية ومنها المحيطات والطحالب المائية وغير ذلك، فضلاً عن استخدام الدين في التعامل مع الملف، وكذلك التوجه الدولي نحو تخضير العالم.
وأوضحت أن مصر من أوائل الدول الموقعة والمصدقة على اتفاقية باريس، إلا أنه حتى عام 2022 لم تكن قد أعلنت عن التزامها تجاه تقليل الانبعاثات الكربونية، معتبرةً أن للمجتمع المدني دور هام لردع قصور وتراجع صناع القرار من خلال العمل على رفع معدل الوعي والإرادة والعمل المجتمعي من أجل الوصول للتكيف مع التغيرات المناخية.
التغيرات المناخية تزيد من أزمات النساء
وبدورها قالت نائبة مدير تحرير في مؤسسة "روزاليوسف" والصحفية المتخصصة في المجال البيئي علياء أبو شهب، أنها تحدثت عن مسألة البيئة والتغير المناخي، مؤكدةً أن المتداول بشأنها عادة ما يرتبط بالزراعة والتربة والعمل وغير ذلك والقليل منها يحدث تأثيرها المباشر على البشر وبالتحديد النساء.
وأشارت إلى أن المرأة تعاني أكثر من التغيرات المناخية في مختلف مجالات الحياة منها التسرب من التعليم، والتعرض للعنف الجنسي، فضلاً عن زيادة الفجوة في الأجور بين الجنسين، موضحةً أنها تحدثت عن مصطلح تأنيث الجوع الذي وجدت أنه الأكثر ملائمة لما يحدث وابتكرته في وصف معاناة الفتيات من الحرمان الغذائي "مع نقص مدخول الأسر ونقص الموارد وارتفاع تكلفة الغذاء تكون هناك أولوية لتوفير الغذاء بالأساس للذكور لكونه معيل للأسرة على حساب الإناث".
وبينت أن التسرب من التعليم واحد من المشاكل الكبيرة المتعلقة بنقص دخل الأسرة التي تمنح الأولوية في التعليم للذكور أيضاً لأن المجتمع يعتبر أنه مسؤول عن إعالة الأسرة والإنفاق عليها وبالتالي يجب دعمه ومساعدته بالأدوات التي تمكنه من ذلك على حساب الفتيات والنساء ووضعن في ترتيب أقل.
من جانبها قالت آمنة شرف الباحثة في مجال العدالة البيئية والمناخية، أن أبرز النقاط التي قامت بطرحها تدور حول الإطار النظري لتأثر بعض الأشخاص بالكوارث والتغيرات البيئية والمناخية وقياس العرضة والحساسية والهشاشة.
وأوضحت أن العرضة مرتبطة أكثر بوجود الأشخاص في مكان قريب من التدهور البيئي، والحساسية تتعلق أكثر بوجود ظروف صحية تضيف عبء يزيد من التأثر بالتغيرات المناخية على الأفراد، وأخيراً الهشاشة التي يوصف بها حالة عدم القدرة على التكيف مع الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية.
وأكدت أنه "بتطبيق العناصر الثلاثة على المرأة نجد أن لديها هشاشة تجاه التغير المناخي وأنها تتعرض لقدر كبير من الأضرار البيئية والمناخية"، مشيرةً إلى أنها تحدثت أيضاً عن القانون البيئي وما به قصور في اللوائح التنفيذية وانتهاكات واضحة، والذي يرتبط بغياب المحاسبة وأن غالبية المنشآت الصناعية تقوم بدفع غرامات عوضاً عما تقوم به من جرم بيئي.
وأشارت إلى أن النساء تتأثرن أكثر بالتغيرات المناخية فحال تطبيق الإطار النظري للهشاشة سيتضح ذلك وسيتم التعامل مع هذا الواقع بإعطاء حق القرار للمرأة في وضع الحلول لكونه عادة ما يسلب منها، مضيفةً أن الاهتمام بسياسات الحماية الاجتماعية للنساء فيما يخص المعاشات والتأمين المجتمعي وغير ذلك لأن هشاشتها المجتمعية تجعلها أكثر هشاشة تجاه التغيرات المناخية.
ورقة بحثية لقياس تأثير المناخ على 6 محافظات
وعرضت مديرة المشروعات في مؤسسة جرينتش للتنمية ريم جبر بالتعاون مع الباحثة في المؤسسة جنة راضي ورقة بحثية تم العمل عليها مع مجموعة بؤرية في 6 محافظات لقياس تأثير التغيرات المناخية عليهم كونهم مصنفين أنهم الأكثر تعرضاً لمخاطر التغير المناخي.
ولفتت ريم جبر إلى أنهم شاركوا في المؤتمر مخرجات الورقة التي تم العمل عليها ليعي الحضور الأزمات المتنوعة التي تعاني منها المحافظات بفعل التغيرات المناخية وأنهم تواجدوا على الأرض مع أصحاب المشاكل نفسها وتعرفوا على الوضع الاقتصادي والبيئي في كل محافظة واقتراحات كل مجموعة للعمل على ذلك وما يواجههم من تحديات في العمل والحياة وما طرأ أيضاً من مستجدات بفعل التغيرات المناخية.
وأكدت الباحثة في المؤسسة جنة راضي أن المشاكل والأزمات الموجودة في أرض الواقع مختلفة عما يتم تداوله عبر المنصات المعرفية المختلفة، مضيفةً أن أسباب تغير المناخ متعددة وخاصة ما يتعلق منها بالنشاط البشري والتعامل بالوقود الاحفوري للحصول على الطاقة وهو ما أدى لإطلاق العديد من الاحتباسات الحرارية الدفيئة التي نتج عنها الاحتباس الحراري.
وبينت أنهم نظموا جلسات مركزة مع الـ 6 محافظات وحضروا قائمة من الأسئلة وأثناء البحث تم طرح أسئلة جديدة، مؤكدةً أنهم حصلوا على موافقة المشاركين بالكتابة والتصوير "أن عينة المشاركين من 15 لـ 20 شخص في كل محافظة وهو أمر يصعب معه تعميم النتائج البحث ولكنه مؤشر قوي يمكن الاستناد له في معرفة ما يحدث بالمحافظات".
كاشفتين أنه من ملاحظتهم كباحثتين أن هناك تأثيرات مشتركة بين المحافظات الـ 6 ومنها تنوع كبير في الضرر الواقع على المحافظات ومنها ارتفاع درجات الحرارة وتأثيره على الأعمال والممارسات اليومية سواء كان صيد أو زراعة أو حتى الخروج لشراء المنتجات والاحتياجات.
مشيرتين إلى أن هناك محافظات أخرى ترى أن نقص درجات الحرارة والمطر الشديد مؤثر أكثر وفي الوسط كانت هناك محافظات تتأثر بالاتجاهين فأية تغيرات عميقة سيعاني منها السكان، لأنها غير متوقعة بشكل مسبق وهو ما يترتب عليه تأثيرات اقتصادية وصحية على النساء والتي ظهرت بوضوح في العينة البحثية.
موضحتين أن النساء تأثرن بدرجات كبيرة فعدد كبير من العينة البحثية يعيلن أسرهن وما يقومون به من دور أنجابي كالحمل والرضاعة وجعلهن أكثر هشاشة في التعامل مع التغيرات المناخية وأن هناك نسب اجهاض مرتفعة في محافظة البحيرة على سبيل المثال بسبب عدم احتمال تغير المناخ وقلة الغذاء وغير ذلك.