من أجل بيئة بحرية مستدامة... لبنانيات تخضن تجربة رائدة في إيطاليا
كسابقة جديرة بالاهتمام شاركت 5 ناشطات لبنانيات في وفد ضم 8 أشخاص في مشروع BLUE TYRE، وهو عبارة عن شراكة محلية من أجل التنمية البحرية والساحلية المستدامة.
فاديا جمعة
بيروت ـ خمس لبنانيات تمثلن بلدية مدينة صور ومحمية العباسية وحمى المنصوري في جنوب لبنان وهن ناشطات وجامعيات، شاركن في ورشة عمل بيئية في إيطاليا، وكن ضمن وفد مؤلف من ثمانية أشخاص، وكسرن بمشاركتهن الأطر النمطية بتخطيهن لعدد الرجال المشاركين.
مشروع BLUE TYRE، هو عبارة عن شراكة محلية من أجل التنمية البحرية والساحلية المستدامة، وهذا المشروع معتمد من قبل الوكالة الإيطالية للتنمية وبالتعاون مع بلدية تريكازي (LE) كقائد للمشروع.
وتهدف المبادرة إلى المساهمة في التنمية الإقليمية المستدامة والمرنة (اجتماعياً واقتصادياً وبيئياً) للمنطقة الساحلية والبحرية لمدينة صور، من خلال تشكيل نظام تخطيط إقليمي تشاركي وتنفيذ الأنشطة الريادية المرتبطة بها.
ويتوجه المشروع إلى السلطات المحلية والمجتمع لتلبية الحاجة إلى تنفيذ تدابير للتكيف والوقاية من المخاطر المتعلقة بتغير المناخ والحصول على خدمات الرصد البيئي وإدارة النفايات البحرية والساحلية. وتشمل المهام الرئيسية للمشروع، العمل على حماية موائل السلاحف البحرية، وزيادة الوعي البيئي من أجل مكافحة النفايات البحرية والشاطئية عبر إنشاء حملة توعية بيئية من خلال أدوات التعليم غير الرسمي التي تستهدف الطلاب والأطفال، وعبر حملات تنظيف لشواطئ المحميات وعبر تدريبات من خبراء متخصصين، إضافة إلى مراقبة ودراسة الكائنات والنباتات الغازية.
وعن تجربتها في ورشة العمل البيئية في إيطاليا قالت كوثر قطيش وهي مهندسة مدنية وممثلة الوفد الرسمي لبلدية صور جنوب لبنان في زيارتها لمدينة تريكازي جنوب إيطاليا "يتخلل عملنا الكثير من المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى تعزيز التنمية المحلية المستدامة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، لأن صور مدينة ساحلية وبحرية مهمة بموقعها على البحر الأبيض المتوسط، ومن ضمن هذه المشاريع التي نعمل عليها مشروع Blue Tyre وهو مشروع معتمد من الوكالة الوطنية الإيطالية للتنمية وبالتعاون مع بلدية تريكازي جنوب ايطاليا وعدد من الشركاء الايطاليين".
وأضافت "خضعت خلال هذه الزيارة لدورات تدريبية مع بقية الوفد المؤلف من ثمانية أشخاص ممثلين لثلاث مناطق ساحلية بحرية محمية في جنوب لبنان، وهي محمية صور ومحمية العباسية وحمى المنصوري جنوب لبنان، وهذه الزيارة بحد ذاتها كانت بالنسبة لي فرصة للاستفادة من تشارك الخبرات والتجارب، خصوصاً بعد اجتماعات مع عدد من رؤساء البلديات بمقاطعة تريكازي والمستشارة البيئية للمقاطعة بحيث تمحورت النقاشات حول إيجاد صيغ لتعاون أكبر بين اتحاد بلديات صور ومقاطعة بوليا على أمل أن تصل إلى حد التوأمة".
وبينت أنه "التقينا بعدد من ممثلي رؤساء الجمعيات البيئية وناقشنا إمكانية الاستفادة وتعزيز الأماكن العامة بيئياً في مدينة صور ومقاطعة بوليا"، مؤكدةً أن "كل هذه الاجتماعات تصب في هدف التنمية البيئية والساحلية والبحرية المستدامة لفائدة البلدين".
من جهتها قالت مريم بزي وهي طالبة جامعية وناشطة بيئية منذ أكثر من ست سنوات ومهتمة بعالم البحار ورعاية وحماية أعشاش السلاحف وصغارها عن اهتمامها بالبيئة "بدأت التطوع بعمر صغير، وقد تطور اهتمامي وتعلقي بكل ما هو مرتبط بالبيئة البحرية والساحلية يوماً بعد يوم مع تقدم تجربتي التطوعية والخبرة التي اكتسبتها من خلال العمل الفعلي الميداني".
وأضافت "من خلال مشاركتي في مشروع Blue Tyre مثلت حمى المنصوري جنوب لبنان، وخضعت لدورة تدريبية وتشاركية كانت بالنسبة لي مميزة جداً ومهمة، فكانت فرصة للتعرف على شركائنا الوطنيين في المشروع والذين يعملون لنفس الأهداف وفي المجال نفسه وهذا من الطبيعي أن يراكم لدي خبرات تشاركية".
وأضافت "الفرصة الثانية كانت في مشاهدتي وتعرفي على التجربة الإيطالية التي أثارت اهتمامي كونها نجحت في الحفاظ على البيئة من ناحية مجتمعية وإمكانية الاستفادة منها في لبنان لتطبيقها، خصوصاً وأن هناك تشابها كبيراً بين البيئة والمجتمع في لبنان وايطاليا ولو أنهم سباقون في هذا المجال".
وعن الاجتماعات، قالت "هذه اللقاءات أغنت أفكاري بالأمثلة والتجارب التي تعزز التنمية البيئية والبحرية بطريقة مستدامة، ودائماً أقول إن ما نتعلمه ونختبره لا يرتد علينا فقط بل هو فرصة للمجتمع بأكمله ليتطور ويزدهر، ومن هنا كان مهماً بالنسبة لي أن أسافر واتعلم وأختبر تجارب أخرى".
فيما تؤكد خريجة الجامعة اللبنانية ـ كلية العلوم وحائزة على ماجستير في العلوم البيولوجية والإيكولوجية للبحار، رنيم طحان أن "المركز الوطني لعلوم البحار في لبنان، قدم لي فرصة مهمة جداً لكي أتابع أبحاثاً مع المركز تعنى بمواضيع الساحل والبحر، ونعمل في المختبر وإما على الشاطئ وننجز أبحاثنا ونعد دراسات علمية، وأحيانا نغوص في المياه في سياق الأبحاث التي نجريها، والدراسات نعدها على مستوى لبنان أو خارجه أيضاً".
وأضافت "منذ طفولتي أمشي على الصخور وأعاين الكائنات الموجودة في البحر وعلى الشاطئ وأستكشف، إضافة إلى ذلك تلقيت في الجامعة دراسة مكنتني من معرفة هذه الأنواع التي كنت أشاهدها على التلفاز، ولم أحب جمال البيئة فحسب، وإنما العنصر العلمي لهذا الجمال البيئي، وهذا ما دفعني لكي أعطي وقتي وطاقتي في سياق مواضيع تطوعية تعنى بحماية الشاطئ، فضلاً عن وجودي في لجنة محمية العباسية التي تأسست حديثاً وهي من المحميات الجديدة على الشاطئ اللبناني".
وعن المشاركة في مشروع Blue Tyre قالت "التجربة الإيطالية بالنسبة لي مفيدة جداً، فهذه التجربة جمعت كل المواضيع في رحلة تدريبية لها فوائد كبيرة بالنسبة للمشاركين/ات جميعاً، فالطريقة التي أوصلوا لنا فيها الفكرة مهمة، وكان هناك تطوير للقدرات بحسب الأمور التي اكتسبناها، مثلا هناك فكرة أعجبتني في موضوع المجتمع أقوم بتطويرها وأصل إلى النطاق الذي أريده"، مشيرةً إلى أن "المشكلات البيئية في إيطاليا تشبه التي في لبنان وعلينا الاستفادة من الحلول التي يجدونها وطريقة التوعية لمجتمعهم بحيث أن هذا المجتمع لا يتسبب الأذى لبيئته".
وأكدت أن "هذه التجربة دفعتني للتفكير بحلول للمشكلات التي نواجهها في لبنان، ليست البيئة فحسب، فقد تحدثنا عن الفقر وعن المجتمع، وكيفية إشراك الجميع بطريقة تساهم في ازدهاره، ونحن لدينا قدرات ولكن ليس هناك مكان لتوحيد هذه القدرات، وهذا ما دفعني لأوسع فكري في نطاق المجتمع".