غريتا تونبرغ.. أصغر ناشطة بيئية تحصل على جائزة نوبل البديلة

تردد اسم الفتاة السويدية غريتا تونبرغ التي لم يتجاوز عمرها الـ 16 عاماً في الصحف والإعلام العالمي في الآونة الأخيرة كأصغر ناشطة تحصل على جائزة نوبل البديلة للسلام

مركز الأخبار ـ .
استطاعت الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ، والتي تعد أيقونة مجال الحراك العالمي ضد التغير المناخي، إلهام صغار السن والمراهقين الذين بدأ وعيهم بالاستيقاظ على قضية تغير المناخ بتحمل مسؤولية مستقبلهم، فأدركوا أنهم يجب أن يأخذوا الخطوة الأولى بشأنها والتي تعتبر نقطة تحول في قضية تغير المناخ.
وتجاوب الملايين من الجيل الشاب والبالغين إضافة لحركات التغير المناخي حول العالم، مع نضال الناشطة غريتا تونبرغ التي أطلقت احتجاجها وهي وحيدة أمام مبنى البرلمان السويدي ليتبعها فيما بعد مظاهرات واحتجاجات مليونية في أكثر من 160 بلد حول العالم.
وأصبح نضال غريتا تونبرغ قدوة للفتيات الصغيرات فقد حثتهن على كسر النمطية الجندرية والانطلاق في مساعي الحياة، كما أنها شجعت ذوي الاحتياجات الخاصة بالانخراط في القضايا العالمية مكونة فكرة إن كل من لديه إعاقة لا يوجد ما سيمنعه من وضع بصمته في العالم.
وإن ما ميز حملة وحراك الناشطة غريتا تونبرغ من أجل البيئة بأنها تواجه القادة والمسؤولين عن البيئة في المؤتمرات الدولية المخصصة للمناخ، وتوجه لهم انتقادات قوية اعتبره الكثيرون استفزازياً لكن المنظمات النشطة في مجال البيئة دعمتها وأثنت عليها. 
ونتيجة لجهودها تم ترشيحها من قبل ثلاث نواب نرويجيين لجائزة "رايت ليفلهود" المعروفة أيضاً بجائزة نوبل البديلة للسلام في 13 آذار/مارس 2019، وبفوزها أصبحت أصغر شخص يحصل على تلك الجائزة بعد الباكستانية "ملالا يوسفزي " الناشطة في مجال تعليم الإناث.
 
نشاط غريتا تونبرغ
أطلقت الناشطة حملتها باسم "العدالة المناخية الآن"، وشكلت حركة شباب دولية لمكافحة مشكلة تغير المناخ من خلال تنظيمها إضراب مدرسي أمام البرلمان إلا أن الحركة فشلت في الاتفاق على رأي موحد، فاعتصمت لوحدها أمام البرلمان السويدي في 20 آب/أغسطس 2018 وهي حاملة لافتة كتبت عليها بخط اليد "الاعتصام المدرسي لأجل المناخ"، مطالبةً بلادها باتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة التغير المناخي ومناشدة الحكومات المشاركة في قمة المناخ بالتحرك العاجل والتحلي بالمسؤولية واتخاذ قرارات صارمة لوقف تفاقم المشاكل المناخية لما لها من تأثيرات خطيرة على الأجيال القادمة. 
وعلى مدار السبعة أشهر الأولى استطاعت أن تلهم العديد من النشطاء وزملاءها في المدرسة في الانضمام إليها، واستطاعت غريتا تونبرغ إسماع صوتها وأصوات الملايين من الشباب اليافعين للعالم أجمع وتحويل حملتها إلى دعوة اعتصام عالمي.
واستوحت غريتا تونبرغ فكرة اعتصامها من اعتصام مدرسي قام به طلبة مدرسة باركلاند في ولاية فلوريدا الأمريكية في آذار/مارس 2018 للدفع بتغيير قوانين حيازة السلاح بعد أن فتح مسلح النار داخل المدرسة.
وتعاني الناشطة غريتا تونبرغ إلى جانب اضطراب الوسواس القهري والطفرة الانتقائية من متلازمة "أسبرغر" منذ أربعة أعوام، وهو أحد أنماط مرض التوحد، يجعل المصابين يتعاملون مع العالم بحساسية زائدة، فتجلت هذه الحساسية مع بدء معرفتها بقضية التغير المناخي.
وخصت غريتا تونبرغ جيلها من الشباب بالتظاهر والمطالبة بتوقف الدول عن النشاطات التي تسبب تغير المناخ لأنهم من سيتحملون نتائج ضرر المناخ والبيئة مستقبلاً، وفي كل يوم جمعة كان التلاميذ يغيبون فيها عن مدارسهم، للانضمام إلى المظاهرة التي دعت إليها غريتا تحت اسم "أيام الجمعة من أجل المستقبل"، مستنكرين تقاعس الكبار عن مواجهة خطر تضرر البيئة والمناخ.
وحازت تظاهراتها على اهتمام دولي عالمي بعد مشاركتها في مؤتمر المناخ العالمي للأمم المتحدة في دورته الرابعة والعشرين في بولندا الذي انعقد في كانون الأول/ديسمبر 2018، واتهمت قادة العالم على هامش قمة الأمم المتحدة للمناخ الذي انعقد في 23 أيلول/سبتمبر 2019 صراحة بالتقصير في مواجهة قضية التغيّر المناخي.
ويأتي نشاط غريتا البيئي وسط تقارير أممية تتحدث عن ارتفاع مقلق بدرجات حرارة الأرض والذي سيلامس حد 1،5 درجة مئوية بحلول عام 2030، إذا ما استمرت الأمور كما هي الآن من حرائق الغابات وارتفاع درجات الحرارة، وإذا لم يتوصل العالم إلى خفض انبعاثات الغازات، خصوصاً الكربونية منها سيؤدي إلى ندرة الإجهاد المائي وقلة المحاصيل الزراعية وزيادة الجفاف مما سيؤثر على التنمية الاجتماعية والاقتصادية وصحة السكان.
ويحذر العلماء من أن الوقت بدأ بالنفاذ أمام قادة العالم ليضعوا حدا للاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة الذي يسببه حرق الوقود الأحفوري أي الغاز والفحم والنفط.
وفيما بعد دعي الحراك إلى وقفة احتجاجية كبيرة تحت شعار "الاعتصام العالمي من أجل المناخ"، حذرت غريتا تونبرغ قادة العالم خلال تلك الاحتجاجات من تشريد المليارات من منازلهم وجعل كافة مناطق العالم غير صالحة للسكن لأجزاء من السنة نتيجة تضرر المناخ من ارتفاع نسبة درجة حرارة الأرض.
وقد عرف الساسة الكبار عن أضرار تغيّر المناخ منذ عقود خلت وأدركوا خطورة الأمر وخاصة على الأجيال القادمة ولكن كل تلك المعرفة وسنوات من المفاوضات والمحادثات وإعداد الصفقات التي لا تحصى بشأن تغير المناخ كانت دون فائدة تذكر أو اتخاذ أي قرارات جادة بشأن ذلك، ففضلوا عدم تحمل المسؤولية تجاه هذه الظاهرة.
وأشارت غريتا تونبرغ في لقاء لها أن السبب الأكبر في تغير المناخ ليس الإنسان وحده بل الدول والسياسات والشركات الكبرى التي تهدف للربح على حساب بقاء الإنسانية، وعبرت الأمم المتحدة عن مدى تقديرها لجهودها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمناخ لعام 2030.
واستجابة لأصوات الشباب، اعتمدت الأمانة العامة للأمم المتحدة خطة عمل مناخية مدتها عشر سنوات تهدف إلى تحويل في عملياتها يؤدي إلى خفض بنسبة 45% لانبعاثات الغازات الدفيئة وتوفير 80% من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
واختارت غريتا السفر إلى الولايات المتحدة بالركوب على متن مركب شراعي خالي من الكربون والانبعاثات الضارة يعمل بألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الماء المولدة للطاقة عوضاً عن السفر بالطائرة، متعمدة في إبراز زيادة الوعي بمخاطر الانبعاثات المتزايدة والتلوث الناجم عن النشاط البشري.