اتفاقية باريس أول اتفاقية تختص بشؤون البيئة والتغيّر المناخي
تسعى اتفاقية باريس التي تختص بشؤون البيئة والتغيّر المناخي، إلى احتواء الاحتباس الحراري العالمي، والحدّ من ارتفاع درجات الحرارة، ومواجهة مشكلة انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي
مركز الأخبارـ ، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة.
تعد اتفاقية باريس التي تعرف بـ "كوب 21" الأولى من نوعها بشأن المناخ، عقدت عقب عدة مفاوضات أثناء مؤتمر الأمم المتحدة الـ 21 للتغيّر البيئي المناخي في باريس في 12 كانون الأول/ديسمبر عام 2015، وقعت عليها 194 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
من أهم النقاط التي تم التركيز عليها والتحذير منها في مفاوضات باريس هي الخوف من المؤثرات السلبية للتغيرات المناخية والعواقب التي تخلفها، حيث يتوجب إحاطتها بنوع من الأهمية كي يسهل تجنبها وتحجيمها بمقاييس التكيف السريع.
وفي 22 نيسان/أبريل من عام 2016، وبالتحديد في احتفالية دعم البيئة "يوم الأرض" وقع 175 من رؤساء دول العالم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك اتفاقية باريس للتغير المناخي ودخلت حيز التنفيذ، للعمل على مواجهة المشاكل والظواهر التي تطرأ على البيئة والمناخ.
مواجهة مشكلة الانبعاثات الغازية
تهدف اتفاقية باريس المناخية إلى احتواء الاحتباس الحراري العالمي، والحدّ من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين قياساً وتكثيف الجهود لتقليصها لدرجة 1.5 مئوية، فضلاً عن مواجهة مشكلة انبعاثات الغازات الدفيئة وهي "ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروس وسداسي فلوريد الكبريت" المتواجدة في الغلاف الجوي، والتي تتميز بقدرتها على امتصاص الأشعة المفقودة من الأرض والأشعة تحت الحمراء، بحيث تقلل من ضياع درجات الحرارة من الأرض إلى الجو، ما يساعد على ارتفاع الحرارة في الجو ويساهم في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري.
العمل على تركيز تلك المشكلة عند مستوى يسمح للنظام البيئي التكيف بشكل طبيعي مع التغيّر المناخي، وكيفية إيجاد حلول مناسبة والتخفيف من حدة ضررها على البيئة.
فقد أشارت بعض الدراسات التي أجراها علماء المناخ والأرصاد الجوية أن حدوث موجات حرارة متكررة ولفترات طويلة، مع اضطراب في توزيع الأمطار يؤدي إلى تراجع معدلات نزول الأمطار على المناطق الجافة، وتزايد معدلات نزولها على المناطق الرطبة، التي يمكن أن تتسبب في حدوث احتباس حراري، فضلاً عن حرائق الغابات الذي يخلق ظروف مناخية جافة وساخنة، وارتفاع في مستوى المحيطات وزيادة شدة الأعاصير.
كما أن أولى ضحايا ظاهرة ارتفاع مستوى المحيطات هي الأرخبيلات والجزر، ومن المتوقع أن تغمر المياه العديد من المدن الكبرى التي بنيت على مستوى سطح البحر والتي قد تعرض كثيراً من المدن الساحلية للفيضانات سنوياً. وزيادة شدة الأعاصير ستكون واحدة من التداعيات المباشرة للاحتباس الحراري، والتي غالباً ما تستمد شدة قوتها من المحيطات التي تشهد احتراراً.
تسعى هذه الاتفاقية إلى خلق بيئة سليمة وحماية الإنسان من أي خطر يخلّ في توازنه أو يصل إلى النقص في الغذاء والماء، والعمل على إيجاد وخلق سبل للتنمية الاقتصادية المستدامة.
"كيوتو" لخفض الانبعاثات الغازية
جرت مفاوضات بين البلدان عام 1995 من أجل تعزيز الاستجابة العالمية لتغيّر المناخ، وفي عام 1997 جاءت هذه المفاوضات وبروتوكول قمة الأرض "كيوتو" الذي عقد عام 1992، كي يتم الاتفاق على خفض الانبعاثات الغازية. أُلزمت كل من الدول المفاوضة على الاتفاق، وبدأت فترة الالتزام الأولى عام 2008 وانتهت عام 2012، بينما فترة الالتزام الثانية بدأت عام 2013 وانتهت عام 2020.
الجهود المبذولة
يتضمن ميثاق الأمم المتحدة "الحق السيادي في استغلال الموارد الخاصة، ويقع على عاتق الدولة المسؤولية الكاملة في حال حدوث أية حادثة أو نشاط يسبب خلل في توازن البيئة" وهذه المبادئ والأحكام تُطبق على جميع البلدان كي يتم تحقيق منافع إيجابية للبشرية وتوفير حياة آمنة ولا تتسبب في أي ضرر لها في مجال البيئة. بالإضافة إلى بذل كافة الجهود بين جميع الدول والبلدان وضرورة وجود استجابات فعالة وتعاون مشترك بين الدول الموقعة والدول المخالفة.
وتعد الدول الموقعة على الاتفاقية مسؤولة عن 87% من انبعاثات الغازات، ومن الدول التي تتسبب بحوالي 42% من الانبعاثات هي "أمريكا وكندا وألمانيا وروسيا والصين".
وعقدت بعض الدول العزم على اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة لوقف ظاهرة التغيّر المناخي، منها فرنسا حيث أصدر الوزير الفرنسي نيكولا إولو في تموز/يوليو عام 2017 قراراً يقضي فيه إنهاء أية ظاهرة تتسبب في خلل أو إساءة للبيئة، والتقليل من استخدام المنتجات البترولية في وسائل النقل والمواصلات، وأعلن أن فرنسا لن تعتمد على الفحم كمصدر لإنتاج الكهرباء، فضلاً عن استثمار 4 مليار يورو في مشروعات دعم استخدام الطاقة المتجددة.
وقد تم إلزام الدول ذات الاقتصاد والدخل المرتفع عام 2009 بتقديم 100 مليار دولار سنوياً للدول التي تعاني من دخل محدود لمساعدتها على تمويل اختبار الطاقات البديلة والمتجددة بدءاً من عام 2020، وانتقالها إلى الطاقات النظيفة لتتلاءم مع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
تتم المراجعة كل خمس سنوات لمساهمات الدول المشاركة والتي تعد اختيارية، فيما ستجري مراجعة إجبارية للمساهمات في تقليل انبعاث الغازات بحلول عام 2025 والتي يتعين أن تشهد إحراز تقدم، كما ويتطلب من الدول المتقدمة تقديم مساهمات في سبيل خفض الانبعاثات، فيما يتعين على الدول الأخرى مواصلة وتحسين جهودها في التصدي للاحتباس الحراري.
الانسحاب من الاتفاقية
يجوز لأي طرف موقع أن ينسحب من الاتفاقية وفقاً للمادة رقم 28 بإشعار خطي في أي وقت بعد 3 سنوات من تاريخ بدء تنفيذ الاتفاقية بالنسبة للطرف المنسحب، كما تتم إزالته من أي بروتوكول يكون طرفاً فيه، ففي بداية حزيران/يونيو عام 2017 أعلنت الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب سابقاً انسحابها من اتفاقية باريس، لكن الرئيس الأمريكي السادس والأربعون جو بايدن تعهد بعودة بلاده إلى اتفاقية باريس فور توليه المنصب في كانون الثاني/يناير عام 2021.
وبحسب التقديرات والدراسات تعد الولايات المتحدة مسؤولة عن نسبة 15% من مجموع الانبعاثات الكربونية عالمياً، لكنها بالمقابل تعد المصدر الرئيسي للتمويل والتكنولوجيا التي تعتمد عليها معظم الدول الأخرى في محاربة ارتفاع درجات الحرارة.