اليوم العالمي للبيئة قارب النجاة للعالم

خوفاً من مستقبل خالٍ من بيئة صحية سليمة، ولدعوة الأفراد والحكومات للتحلي بروح المسؤولية تجاه البيئة، لمواجهة الكم الهائل من الأضرار والمشاكل التي تسبب بها الإنسان لبيئته، والتي باتت تتطلب جهوداً عالمياً لحلها، أعلنت الأمم المتحدة أن الخامس من حزيران/يونيو من كل عام هو يوم البيئة العالمي

مركز الأخبار ـ .
البيئة لغوياً تعرف على أنها المكان الذي يتخذه الكائن الحي مكاناً للعيش، بكل ما تتضمنه من ظروف مناسبة للحياة كالماء والهواء والتراب، وبالتالي هي الحيز الجغرافي المؤلف من المناخ والتضاريس، أما تعريفها علمياً فهي الوسط الذي يؤثر على أفكار ومشاعر الكائن الحي.
 
اليوم العالمي للبيئة مهمة لإنقاذ العالم 
أثبتت الدراسات العلمية والاحصائيات الدولية أن الأنشطة والممارسات البشرية ومن ضمنها النزاعات والحروب التي استخدمت فيها الأسلحة الكيميائية، غيرت من طبيعة ثلاث أرباع سطح الأرض وثلثي مساحة المحيط، فقد اختفى ما يقارب 32 مليون هكتار من الغابات، بالإضافة لذوبان الجليد بمعدلات كبيرة، وزيادة الحموضة في المحيطات وانخفاض مساحات الشعب المرجانية في البحار إلى 50%، وانقراض عدد كبير من الكائنات الحية، وهذه بعض الأسباب التي دفعت منظمة الأمم المتحدة للإعلان عن اليوم العالمي للبيئة.
شكل مؤتمر البيئة الذي انطلق في 5 حزيران/يونيو وانتهى في الـ 16 من الشهر نفسه في العاصمة السويدية ستوكهولم عام 1972 برعاية الأمم المتحدة، منعطفاً مهماً في مجال تغيير السياسات والممارسات الخاطئة بحق البيئية، ووضع العالم على المسار الصحيح لخلق مستقبل مستدام.
وعلى اعقاب هذا المؤتمر وبالتحديد في 15 كانون الأول/ديسمبر عام 1972، اعتمدت الجمعية العامة قراراً يقضي بتحديد الخامس من حزيران/يونيو يوماً عالمياً للبيئة أو يوم البيئة العالمي، لكن لم يتم العمل بموجب القرار لغاية عام 1974، واعتمدت فكرة اختيار دولة مضيفة لهذا اليوم في عام 1987.
وشكل هذا اليوم دعوة للأفراد والحكومات لتحمل مسؤولياتهم تجاه البيئة، وزيادة وعيهم وتتم دعوة صناع القرار لاتخاذ إجراءات وإطلاق نشاطات فورية تهدف لمعالجة المشاكل والقضايا البيئية المستعصية كالاحتباس الحراري والتصحر والتلوث وغيرها.
 
احتفاليات اليوم العالمي للبيئة 
تشارك في إحياء اليوم العالمي للبيئة أكثر من 150 دولة حول العالم، بمختلف منظماتها ومؤسساتها الحكومية وغير الحكومية، وتم الاحتفال لأول مرة بهذا اليوم في عام 1974 وحمل شعار "أرض واحدة"، وبدءً من عام 1987 تتولى دولة من هذه الدول إقامة الاحتفالية، مستغلة هذا اليوم للتوعية وتقديم النصائح لمواجهة كم الإهمال والمخاطر التي تحيط بالبيئة.
نا مع الطبيعة" شعار يوم البيئة العالمي الذي استضافته كندا عام 2017، وشكل هذا الموضوع مصدر إلهام لأكثر من 1500 مبادرة، منها غرس الأشجار في مدينة مومباي الهندية وحرق العاج في جمهورية أنغولا لمنع التجارة بالعاج من أجل حماية الفيلة من الانقراض، وصولاً إلى سباق الجري في متنزه إيغواسو الوطني في البرازيل، واستخدام قوارب التجذيف على طول نهر نياجرا المشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
وفي عام 2018 استضافت الهند الاحتفال الخامس والأربعين تحت شعار "التغلب على التلوث البلاستيكي"، وتجمع آلاف الأشخاص على شواطئ مومباي لتنظيفها من المواد البلاستيكية، والتزمت الحكومة الهندية حظر استخدام المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة بحلول عام 2022.
ونظراً لتفوق الصين في معالجة تلوث الهواء محلياً، فقد استضافت احتفاليات اليوم العالمي للبيئة عام 2019 تحت شعار "تلوث الهواء"، حثت الصين الحكومات والمجتمعات المدنية على العمل جنباً إلى جنب لتطبيق تقنيات الطاقة المتجددة لتحسين جودة الهواء، والعمل على تعويض الغطاء الأخضر الذي انخفضت مساحته بسبب قطع الأشجار أو حرق الغابات بالإضافة لتنظيف الشواطئ من النفايات، وغيرها من النشاطات الهادفة لحماية البيئة والحفاظ عليها.
ومع وجود مليون نوع نباتي وحيواني مهدد بالانقراض استضافت كل من كولومبيا احتفالات يوم البيئة العالمي عام 2020، تحت شعار "التنوع البيولوجي" بعد أن احتلت كولومبيا المرتبة الأولى عالمياً من حيث التنوع البيولوجي، والمرتبة الثانية في تنوع النباتات والفراشات وأسماك المياه العذبة والبرمائيات، كما أنها تحافظ على جزء كبير من غابات الأمازون المطيرة.
أدى انتشار فايروس كورونا لكشف تبعيات فقدان النظام البيئي، وخلال الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة التي عقدت في شباط/فبراير 2021، اعتزمت باكستان استضافة احتفاليات اليوم العالمي للبيئة وحمل موضوع هذا العام شعار "استعادة النظام البيئي"، من خلال حملة تسونامي للتشجير والتي ستمتد لخمس سنوات متواصلة، لاستعادة الغابات المدمرة وكذلك زراعة ساحات المدارس والجامعات والحدائق العامة.
 
أهم المواثيق والاتفاقيات المطروحة لحل مشاكل البيئة
يعد تغير المناخ ومشكلاته من أهم القضايا العالمية التي تتطلب تظافر الجهود الدولية لحلها، فقد حضر قادة العالم وزعماء أكثر من أربعين دولة عبر الأنترنت في قمة المناخ، التي جاءت تزامناً مع اليوم العالمي للأرض 22 نيسان/أبريل 2021، وتعهد القادة بأن بلادهم ستسعى لخلق بنية تحتية لتوفير صناعات صديقة للبيئة.
وكانت الأمم المتحدة قد اعتمدت الميثاق العالمي للطبيعة عام 1980، الذي أعلنت فيه أن النظم البيئية بما تحويه من كائنات حية برية أو بحرية يعتمد عليها الإنسان في حياته، يجب الحفاظ على إنتاجيتها المستدامة بطريقة لا تعرض سلامتها للخطر، كما حددت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 مسؤوليات وحقوق الدول المستخدمة للمحيطات، ووضعت مبادئ للأعمال التجارية والبيئية وإدارة الموارد الطبيعية البحرية.
كما تعاونت دول حول العالم لحماية طبقة الأوزون العليا وقدمت إطار عمل عرف باتفاقية "فيينا لحماية طبقة الأوزون" عام 1985، وتضمنت الاتفاقية التزام الأطراف الموقعة عليها بتبادل المعلومات الخاصة بطبقة الأوزون وكذلك المواد الكيميائية والعمليات التي تؤثر على هذه الطبقة، مع اتخاذ إجراءات للحد من الأنشطة البشرية ذات التأثير السلبي عليها.
ونظراً لاضطراب التوازن بين مكونات الهواء نتيجة سوء استخدام التقدم الصناعي، وزيادة في معدلات الكربون الجوي التي أدت لخسائر بشرية واقتصادية، صادقت 191 دولة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية عام 1992 وبروتوكول كيوتو بشأن التغير المناخي عام 1997، والتزمت الدول الأطراف في الاتفاقية على وضع استراتيجيات وطنية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وكانت التقارير أو البلاغات الوطنية على رأس هذه الاستراتيجيات، حيث يجب أن تحتوي التقارير على نسب الانبعاثات الحرارية المسجلة في كل دولة منها. 
وتُلزم الاتفاقية والبروتوكول الملحق بها جميع الأطراف بتنفيذ برامج وتدابير وطنية للسيطرة على حجم الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كالمشاركة بحملات التشجير العالمي التي رأت فيها السبيل الوحيد للحد من تلوث الهواء وتعويض الفاقد من الغابات التي اندلعت فيها الحرائق، بالإضافة لتشجيع استخدام تكنولوجيا لا تلحق الضرر بالمناخ، والإدارة المستدامة للغابات وكل عمل بمقدوره خفض النسبة المرتفعة لغازات الاحتباس.
وقامت العديد من الدول بحملات للحد من استخدام الوقود الأحفوري (الفحم الحجري والغاز الطبيعي والنفط)، المسبب للتلوث البيئي والاحتباس الحراري، وصلت الحملات إلى حد سن غرامات مالية على كل من يقوم باستخدامه، كما حرصت على استخدام الأسمدة العضوية بدلاً من الأسمدة المعدنية والمبيدات الكيميائية، حفاظاَ على التربة ومكوناتها من التآكل، وللتقليل من التلوث البيئي. 
وشكل بناء اقتصاد أخضر لتحقيق التنمية المستدامة أهم المحاور التي تم تداولها في مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة عام 2012، بالإضافة لقضايا الفقر والسبل المقترحة لانتشال الناس من براثن هذه الظاهرة، من خلال دعم الدول النامية وتوجيهها إلى مسار أخضر للتنمية.
 
برنامج الأمم المتحدة للبيئة "UNEP"
في نفس اليوم الذي أقرت فيه الجمعية العامة أن 5 حزيران/يونيو يوم البيئة العالمي، أقرت أيضاً قراراً يقضي بإنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة "UNEP"، الذي يعمل على تنظيم أنشطة بيئية تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مساعدة البلدان النامية ذات المرتبة المنخفضة في مؤشر التنمية البشرية على سن القوانين والسياسات التي تحميها من الأخطار الناجمة عن تدهور البيئة. 
ومنذ إعلان هذا القرار علقت الجمعية على عاتق البرنامج مسؤولية وضع الخطط والبرامج لحل المشكلات البيئية، فقد لعب البرنامج دور المفصل في تطوير الاتفاقيات البيئية الدولية بالإضافة لدعم العلوم والمعلومات البيئية، وإعطاء شرح مفصل عن الطريقة التي ستنفذ بها بشكل لا يتعارض مع السياسات السائدة في الدول، وتمويل مشاريع إنمائية متعلقة بالبيئة.
كما استطاع برنامج الأمم المتحدة للبيئة إعادة صياغة الأسس التوجيهية والمعاهدات المتعلقة بالبيئة منها قضية التجارة بالمواد الكيميائية التي يمكن أن تسبب تلوث الهواء العابر للحدود بالإضافة لتلوث الممرات المائية الدولية، وأنشأ بالتعاون مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية اللجنة الدولية للتغيرات المناخية عام 1988 المعنية بتقديم تقارير عن التغير المناخي وأسبابه وتأثيراته والأساليب الواجب أتباعها للتصدي لهذا التغير.
وقدم البرنامج دعمه للعديد من الاتفاقيات الدولية المطروحة لمواجهة التحديات المعيقة لحل المشكلات التي تواجه المجتمع البيئي، ومنها بروتوكول مونتريال عام 1987 الذي يهدف لحماية طبقة الأوزون من الانبعاثات الغازية المسببة لترققها، فكان دور البرنامج في هذا البروتوكول هو التخلص التدريجي من إنتاجية عدد من المواد التي يعتقد بأنها مسؤولة عن عملية الترقق تلك، ولحماية البيئة من انبعاثات الزئبق ومركباته دعم البرنامج اتفاقية ميناماتا للزئبق التي أبرمت عام 2012.
أما بالنسبة لحماية الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض فقد دعم البرنامج اتفاقية واشنطن (سايتس) الموقع عليها عام 1973، والتي هدفت لمنح مستويات مختلفة من الحماية لأكثر من 33000 نوع من الحيوانات والنباتات.