الصرف الصحي المكشوف... خطر يهدد الأطفال والنساء في مخيمات إدلب
يوماً بعد يوم تزداد معاناة النازحين في مخيمات الشمال السوري من سوء الوضع المعيشي والخدمي، وسط عجز المنظمات عن تغطية الاحتياجات، وافتقارها لقنوات الصرف الصحي، والتي تعد من أكبر المشاكل الصحية التي تهدد بازدياد انتشار وباء كورونا
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
أصيبت الطفلة روعة الخالد البالغة من العمر ثماني سنوات بمرض القوباء الجلدي جراء وجود خيمتها بالقرب من مياه الصرف الصحي المكشوف داخل مخيمات دير حسان الحدودية.
وعن إصابة روعة الخالد تقول والدتها وتدعى رهام السائر (35 عاماً) أن الأمراض الجلدية لا تفارقهم منذ أن نزحوا عن مدينتهم في سراقب وأقاموا داخل تلك المخيمات التي تخلو من كافة مقومات الحياة.
وتضيف أن ابنتها روعة الخالد ليست الوحيدة التي أصيبت بهذا المرض الجلدي وإنما أخيها الصغير علاء البالغ من العمر (3 سنوات)، وعدداً من أطفال المخيم، وهي تحاول عرضهم على أطباء جلديين بعد أن راح المرض ينتشر في أنحاء متعددة من أجسامهم.
وبدأت رهام السائر بمرحلة العلاج عن طريق الأدوية والمراهم وحمامات التعقيم ولكن استجابة أطفالها المصابين للعلاج بطيئة، وترجع السبب في ذلك لبقاء المشكلة الأساسية قائمة وهي الصرف الصحي المكشوف الذي لم يلفت انتباه المسؤولين للعمل على إصلاحه وحفر قنوات رئيسية حتى اللحظة، رغم أهمية الأمر وفق تعبيرها.
أما سميرة المحمود (40 عاماً)، فقد كادت تفقد حياتها بعد إصابتها بحمى التيفوئيد، وهي تشكو وجود خيمتها بالقرب من مياه الصرف الصحي داخل مخيمات حربنوش شمال إدلب، وتقول "الروائح الكريهة لا تفارق المخيم وخاصة في هذا الجو الحار، عدا عن الحشرات والقوارض التي راحت تغزو الخيام بشكل مستمر ما أدى لانتشار الأمراض والأوبئة".
وعن مرضها تشير إلى أن أكثر من طبيب أكد لها أن الفيروسات الناجمة عن مياه الصرف الصحي هي السبب بإصابتها بهذه "الحمى القاتلة"، ونصحها الأطباء بالابتعاد عن الروائح الكريهة وأماكن تكاثر الجراثيم قدر الإمكان، تقول "أين سنذهب فلا مكان آخر نقصده ولا قدرة مادية لنا على تحمل أعباء دفع إيجارات المنازل المرتفعة، نحن مرغمون على البقاء هنا في الوقت الذي لا نحظى فيه بأي رعاية أو اهتمام من أي جهة كانت".
ويتزامن وجود الصرف الصحي المكشوف في معظم مخيمات الشمال السوري التي تضم آلاف النازحين مع ضعف الخدمات الطبية المقدمة، ما يزيد الوضع الصحي سوءاً يوماً بعد يوم.
وقد حذرت الطبيبة صفاء الجندي (38 عاماً)، من استمرار مشكلة الصرف الصحي المكشوف في المخيمات لما تتسبب من أمراض أهمها التهاب الأمعاء الفيروسي والكوليرا، يضاف إليها انتشار الليشمانيا التي تنقل عن طريق ذبابة الرمل التي تضع يرقاتها على المياه الراكدة والمستنقعات، مؤكدة أن الأمر لا يقف عند هذا الحد وإنما يتعداه لتأثيره المباشر على الصحة النفسية لقاطني المخيمات التي تسوء حالتهم ويصابون باليأس والإحباط مع تلك الروائح والمناظر المزعجة ورؤية الحشرات المتنوعة.
وتضم منطقة الشمال السوري نحو 1300 مخيم، يقطنها أكثر من مليون شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، بينها حوالي 380 تجمعاً عشوائياً تفتقر لأبسط مقومات الحياة الأساسية والخدمات الصحية.