المواد البلاستيكية تخلق أزمة بيئية
أصبحت التغيرات المناخية والتلوث البيئي والتحديات الناجمة عن المواد البلاستيكية قضايا مهمة جداً لها تأثير كبير على صحة الأنسان والحد من المشاكل البيئية.
روجين قادري
أورمية ـ تعتبر الأزمة البيئية في القرن الحادي والعشرين بآثارها العالمية، بما فيها من تغير المناخ والتلوث وانخفاض التنوع البيولوجي وزيادة النفايات الصناعية والمنزلية، واحدة من أكبر التحديات التي تواجهها البشرية.
أثرت الزيادة في الإنتاج والإدارة غير الكافية للنفايات وخاصةً البلاستيكية، بشكل مباشر على حياة الإنسان والبيئة، والذي يتطلب اتخاذ إجراءات عالمية عاجلة ومنسقة لمواجهة هذه التحديات، بما في ذلك إجراء تغييرات في السياسات، وزيادة الوعي العام، وتطوير التكنولوجيات المستدامة، لأن التعاون الدولي والالتزام الجماعي أمران حيويان للحفاظ على صحة الكوكب والأجيال القادمة.
تحتوي المواد البلاستيكية على أكثر من ألف مادة كيميائية مصنعة تعرف باسم المواد المسببة لاختلال الغدد الصماء وتشمل هذه المواد ثنائي الفينول، والمواد الكيميائية ذات الصلة، ومثبطات اللهب، والفثالات، والمواد البيرفلوروألكيل والبولي فلورو ألكيل (PFAS)، والديوكسينات، والمواد المضادة للأشعة فوق البنفسجية، والمعادن السامة مثل الرصاص والكادميوم، التي تتسرب من المواد البلاستيكية وتهدد الصحة.
وترتبط بعض هذه المواد الكيميائية بمشاكل صحية مثل الاضطرابات الأيضية "بما في ذلك السمنة" وانخفاض الخصوبة التي يمكن أن يحدثه هذا التسرب الكيميائي بشكل أسرع عندما يتعرض البلاستيك للحرارة، والذي يعني الحصول على المزيد من المواد الكيميائية الضارة عن طريق وضع بقايا الطعام في أواني بلاستيكية، ويتعرض الإنسان لمثل هذه المواد الكيميائية ليس فقط أثناء عملية الإنتاج، بل من خلال استخدام العبوات البلاستيكية، حيث يتم نقل بعض المواد الكيميائية من العبوة البلاستيكية إلى محتوياتها.
يؤدي استخراج المواد الخام الأحفورية للبلاستيك ونقلها إلى إطلاق مجموعة متنوعة من المواد السامة في الهواء والماء، بما في ذلك الآثار الصحية المعروفة مثل السرطان، والسمية العصبية، والسمية الإنجابية والتنموية، وخلل في جهاز المناعة، كما يؤدي تكرار وإنتاج الراتنجات البلاستيكية والمواد المضافة إلى إطلاق مواد مسرطنة ومواد أخرى شديدة السمية.
ومع زيادة إنتاج البلاستيك، من المرجح أن ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض الحادة والمزمنة والوفاة بسبب التعرض لاختلالات الغدد الصماء في المواد البلاستيكية، واستناداً إلى الأدلة العلمية، ينبغي للحكومات والشركات اعتماد سياسات تقلل من التعرض المواد الكيميائية المسببة للسرطان لحماية الصحة العامة والبيئة.
فيما يتعلق بالآثار الضارة للجسيمات البلاستيكية الدقيقة على الصحة تقول الطبيبة مهسا . م (اسم مستعار)، والتي تعيش في مدينة أورمية، "تتشكل الجسيمات البلاستيكية الدقيقة والمواد السامة الموجودة في الطعام والملابس ومواد النظافة مشكلة مثيرة للقلق على صحة الإنسان، باحتوئها على المواد البلاستيكية الدقيقة التي توجد غالباً في المنتجات اليومية مثل زجاجات المياه وتغليف المواد الغذائية، وعلى مواد كيميائية سامة مثل البيسفينول أ ، والتي يمكن أن تسبب اضطراباً في الهرمونات ومشاكل في الإنجاب، بل وتزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان"، لافتةً إلى أن المواد الكيميائية الموجودة في الملابس وأدوات النظافة قد تخترق الجلد وتسبب تفاعلات حساسية أو مشاكل جلدية، ولذلك لا بد من الاهتمام بتقليل التعرض لهذه المواد واختيار المنتجات الخالية من المواد الكيميائية الضارة للحفاظ على الصحة.
ومن جانبها أوضحت جیلا. ر إحدى الناشطات البيئيات بأن إطلاق النفايات البلاستيكية في البيئة لها آثار كارثية حيث أنه يبقى في البيئة لمئات السنين، بعد تحلله إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة، ويدخل في السلسلة الغذائية ويضر بصحة الإنسان ويؤدي أيضاً إلى مشاكل بيئية، بما في ذلك تلوث المياه والتربة وفقدان التنوع البيولوجي، ولذلك فإن الإدارة الفعالة للنفايات البلاستيكية ضرورية للحفاظ على توازن البيئة.
وأضافت أن "التعليم والثقافة يلعبان دوراً حيوياً في تعزيز إعادة التدوير وتقليل استخدام البلاستيك، وزيادة الوعي العام حول الآثار الضارة للبلاستيك على البيئة والصحة إضافةً إلى تغيير سلوكيات الاستهلاك وزيادة مشاركة الناس في أنشطة إعادة التدوير"، مؤكدةً أن عقد حملات تثقيفية وبرامج مدرسية واستخدام وسائل الإعلام المحلية لتعزيز المعرفة والثقافة المتعلقة بإعادة التدوير يمكن أن يكون له تأثير كبير على تغيير المواقف وخلق عادات مستدامة، وهذا لن يساعد فقط في تقليل استهلاك البلاستيك، بل يمكن أن يساعد أيضاً في تحسين البيئة.