زين هتهت تبيع النعناع على الطرقات كي تطعم أطفالها
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، تعمل زين هتهت في بيع المستلزمات البسيطة والنعناع لتوفير قوت أطفالها السبعة.
رفيف اسليم
غزة ـ في منتصف الرصيف تفترش زين هتهت زاوية صغيرة مخترقة المارة الذين يقفون لثواني معدودة لتفقد ماهية الأغراض المعروضة أرضاً، وهي عبارة عن سيقان نبات النعناع، وبطاريات خاصة بالأجهزة الإلكترونية، إضافة للخيطان والإبر والمقصات وبعض الأدوات الأخرى البسيطة التي تمثل كل ما تمتلكه، مترقبة أي منهم سيقوم بالشراء.
تعتمد زين هتهت على بيع الأدوات البسيطة، ونبات النعناع لتحصل على قوت يوم أطفالها السبعة، فتقول لوكالتنا أنها اختارت أن تبيع النعناع على الطرقات بعد أن توجهت للكثير من المؤسسات، وحاولت العمل في عدة مجالات، لينتهي بها الحال على الطريق تعمل لـ 16 ساعة متواصلة وربما أكثر، مشيرةً إلى أنها قد تتأخر لمنتصف الليل لأن النعناع يستغرق وقت طويل حتى يباع، في سبيل الحصول فقط على القليل من المال، لتجلب بهم طعام يسد جوع أطفالها الذين ينتظرون عودتها للمنزل بفارغ الصبر.
وتوضح زين هتهت البالغة من العمر ثلاثون عاماً، أنها تعمل منذ ثلاث سنوات، فتخرج من بيتها في تمام الساعة الثانية عشر ظهراً لشراء النعناع بعد أن تكون استقبلت أطفالها من المدرسة، وأعدت لهم ما تيسر من الطعام ليستطيعوا أن يتموا ما عليهم من واجبات مدرسية، لافتةً إلى أن الأهم بالنسبة لها هو مستقبل أبنائها الذين حرموا من تواجدها في المنزل معهم كي يحظوا على لقمة العيش، ولا ينتهي بهم السبيل كباعة متجولين أو متسولين على الطرقات.
غرفة تضم سبعة أطفال إضافة لمطبخ وحمام تصف زين هتهت ذلك الوضع على أمل أن توصل صورة الحياة التي تعيشها، ومدى الآلام التي تكابدها في كل لحظة لكل من يقرأ تلك السطور، مشيرةً إلى أن حتى الفراش المتواجد لا يكفيهم فيضطر أن يتشارك كل اثنين بالوسادة والغطاء ذاته لينتهي بهم المطاف في ليالي الشتاء قارصة البرد إلى الاقتتال والتنازع أي منهم سيتغلب على الآخر ليغطي الجزء المكشوف من جسده الذي نهشه البرد.
وتضيف أن الغرفة التي تعيش فيها ليست ملكها بل هي ملك لأحد أفراد عائلة زوجها، وهي مهددة بالطرد منها في أي لحظة، لذلك تحاول هي وأطفالها أن يعتادوا على الزرق القليل الذي لربما يكاد لا يفي احتياجات الأشخاص الاعتيادية، مختصرة الكثير من المتطلبات التي يحتاجها أي طفل يريد أن يعيش ويتعلم ليستطيع مواجهة الحياة ومصاعبها فيما بعد، لكنها لم تفقد الأمل في أن يكبر أطفالها، ويصبحوا أشخاص منتجين.
وتشير إلى أن مكان المرأة الطبيعي هو منزلها بجانب أسرتها، ولا يوجد ضرر إذا ما عملت لكن المشكلة تأتي من طبيعة العمل الذي ستمارسه خاصةً إن كان مشابه لعملها، مضيفةً أن عملها كبائعة على الطريق يعرضها للكثير من المضايقات والانتقادات أبرزها كيف لامرأة أن تعمل على الطريق ولساعات من الليل وحدها، لكنها لا تكترث فهي أم، وإن لم تستمر على ذلك العمل سيموت أطفالها من الجوع.
ولم يكن زوج زين هتهت أفضل حالاً منها فهو كما أخبرتنا، يعمل في تجميع البلاستيك من القمامة ليعيد بيعه، وذلك العمل لا يوفر سوى قل قليل في اليوم الواحد، لكنه بالرغم من ذلك يحاول مساعدتها للنجاة بالعائلة المكونة من تسعة أشخاص، لافتةً إلى أنها بعد انتهاء يومها تحاول الجلوس مع أطفالها لتتابع معهم دروسهم التي لا يستطيعون إنجازها وحدهم.
ولا تعرف كيف ستستقبل العيد هي وأطفالها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها وحدها دون معيل أو مساعدة من قبل أي شخص، مستدركةً أنها ستحاول رسم البهجة بأبسط الإمكانيات.
وتلقى زين هتهت دعم كبير ممن حولها فيعرفها الجميع في المكان الذي تفترش زاويتها به بـ "أم لؤي"، مشيرةً إلى أن تعاملها الجيد وأخلاقها الحسنة هي ما تجعلها تلقى ذلك الاحترام من قبل الجميع، خاصةً أنها تعمل من أجل عائلتها، ولا تريد شيء سوى أن يكبر ابنائها، ويحصلوا على حياة أفضل من تلك التي توفرها لهم.
وبحسب آخر تقرير صدر عن مركز الإحصاء الفلسطيني، فإن معدلات البطالة والفقر في غزة وصل إلى 89% عام 2022، وهذه النسبة تعتبر الأعلى في الأراضي الفلسطينية، في وقت كانت معدلاتها قبل عام 2021 تصل إلى 75%.