وضحة الجدوع تربي الجواميس منذ 40 عاماً

كثيراً ما نتحدث عن كدح المرأة في الحياة ، لكن علينا أن نتحدث عن مدى الإرهاق الموجود في ذلك العمل أيضاً. بسبب ظروف الحياة الصعبة

تربي وضحة الجدوع الجواميس منذ 40 عاماً وتقوم بصنع القشدة واللبن والجبن من منتجاتها. تكافح وضحة مع الحياة على الرغم من كل المصاعب والمشاكل وتقول "نحن النساء معروفات بعملنا الجاد وحيويتنا وريادتا في الحياة ولكن في بعض الأحيان هذه الحياة تجعل تجربتنا صعبة. أطفالي يساعدوني في تربية الجواميس وأنا نفسي لا أستطيع الجلوس بلا عمل".
 
هوزان روج
قامشلو - ، تقوم العديد من النساء بأعمال تفوق طاقتهن، عندما نقول أعمال تفوق طاقتهن، فنحن نتحدث على دور العمر. وضحة الجدوع، 65 عاماً، من سكان حي طي في قامشلو بشمال وشرق سوريا. تربي الجواميس منذ 40 عاماً مع أبناها، وبعد وفاة زوجها وقع العبء الأكبر على عاتقها. النساء في عمر وضحة تجلسن في مجالس العجائز وقد حققن نصيبهن من الحياة ولكن لا تزال وضحة تكافح من أجل هذه الحياة. تتحدث عيناها عن الحياة الصعبة التي عاشتها ولكن حركتها تمنح الشعور بالشباب لدى الإنسان، ومعرفة قيمة وأهمية العمل. على الرغم من أنها تقضي يومها بالعمل الشاق والمرهق، إلا أن تواضعها وضحكها وحبها وتجمع أبنائها حولها يخفف عنها العمل. قمنا بزيارة منزل وضحة الجدوع للتعرف على عملها في تربية الجواميس وصناعة الألبان والأجبان والقشدة. 
 
حياة وضحة الجدوع 
تتحدث وضحة الجدوع عن حياتها والمصاعب التي مرت بها "نحن النساء معروفات بعملنا الجاد وحيويتنا وريادتنا، ولكن في بعض الأحيان تجعل هذه الحياة تجربتنا صعبة. أنا في الأصل امرأة من المكون العربي، مثل كل النساء تزوجت في سن مبكرة وأنجبت أطفال. توفي زوجي ووقع عبء ثقيل على كاهلي. كنا مزارعين نعتمد على عملنا الشاق ولم يكن في أيدينا أي عمل آخر. منذ أربعين عاماً، بدأ زوجي بامتلاك الجواميس وقمنا بهذا العمل معاً. لذلك نحن نعلم كيف نقوم بتربيتها ولكن رعاية وتربية الجواميس تتطلب المزيد من العمل والجهد. لقد عشنا حياة صعبة ولكننا أيضاً كنا سعداء بعملنا وكانت منتجاتنا مربحة للغاية. بعد زوجي، واصل أطفالي العمل معي والآن أصبحت مصدر معيشتنا الأساسي. في كثير من الأحيان يقول من حولي ايتها العجوز لقد تعبتي جداً في هذه الحياة، ولكن لا يمكنني الجلوس بدون عمل. لقد علمت أطفالي جميعاً على تربية الجواميس أصبحوا خبراء في هذا العمل. طالما أقف على قدمي فسوف أواصل تربية المواشي وأكون مسؤولة عنهم."
 
طرق تربية الجواميس
لفتت وضحة الجدوع إلى طرق تربية الجواميس، "تعيش الجواميس في المناطق التي تتوافر فيها المياه ، أي أنه في الأماكن التي تكثر فيها المياه والعشب يكون انتاج الجواميس أيضاً جيداً. لدي الآن 15 رأساً من الجواميس. الجاموس حيوان ضخم وقوي جداً، قرونه ملتفة ويشبه البقر ولكن جسمها أكبر من جسم البقر، ومثلها مثل الأحصنة الأصيلة لها أنواع مختلفة أيضاً. خلال أشهر الصيف، يأخذ ابني البكر أحمد وزوجته الجواميس إلى مدينة الرقة للسباحة في النهر والعودة إلى المنزل بحلول نهاية الخريف. تحتاج الجواميس إلى الكثير من الرطوبة والماء حتى لا تجف أجسامها. نحن نطعمها ثلاث مرات في اليوم لأن الجواميس عندما تأكل بطريقة منضبطة فإن ذلك يطيل عمرها وتعطي أفضل الحليب. في كانون الثاني، نزودها بالعلف الجاف مثل الشعير والخبز الجاف والعلف الجاف، لكن في أشهر الربيع نأخذها إلى البراري المحيطة بقامشلو. تلد الجواميس مرة واحدة في السنة. ولكن من ناحية أخرى، نقوم كل يوم بتنظيف أماكنها ونصنع الوقود من روثها. تغضب الجواميس عندما ترى الغرباء لكن جواميسي أصبحت بمثابة رفاق حياتي، وأتحدث معها في العديد من الأحيان وأمسد ظهورها وأغسل أجسادها وأطلق على كل واحد اسماً، إنه عمل شاق حقاً لكننا اعتدنا عليه ونحبه".
 
منتجات تربية الجواميس
ولفتت وضحة الجدوع إلى فوائد اقتناء الجواميس "أستيقظ الساعة الخامسة صباحاً وأتوجه إلى أماكن وجود الجواميس، ويساعدني ابني أحمد أثناء إطعامها. ثم نقوم بتنظيف مكانها والبدء في صنع منتجات الألبان من حليبها. ولبن الجواميس ليس مثل لبن باقي المواشي، إنه أكثر كثافة ويتم غليه مرتين. نغليه أول مرة من أجل صناعة القشدة (الكيمر)، حيث أقوم بإطفاء النار تحت الحليب في المرة الأولى، ثم أقول بتبريده وتغطيته بالقماش إلى أن تتشكل القشدة، وبعد ساعتين أزيل عنها القماش وثم أقوم بجمع القشدة المتشكلة على سطح الحليب وهكذا أصنع القشدة. ما تبقى من الحليب نقوم بغليه مرة ثانية لنصنع منه اللبن والجبن. نكرر نفس الشيء في المساء. الكيمر أو القشدة غالي الثمن، يباع الكيلو الواحد بـ 40 ألف ليرة سورية، لكن لأننا لا نملك محل فعلينا بيعه للمحلات في السوق بـ 20 ألف ليرة سورية. القشدة دواء للعديد من الأمراض، وهو منتج مليء بالزيوت الطبيعية وتفيد جسم الإنسان. ننتج 2 كيلو من القشطة في اليوم، حيث ينتج كل 8 ليترات من الحليب كيلوغراماً واحداً من القشدة، وبهذا الشكل أيضاً نقوم ببيع منتجاتنا من الألبان والأجبان. إنها حقاً تجارة جيدة وهي مصدر زرقنا. إننا نقوم بتأمين حاجة المنزل من المنتجات ونبيع ما تبقى منه في السوق".
 
صعوبة تربية الجواميس خلال موسم الجفاف
وحول مصاعب ومشاكل تربية الجواميس في هذه الفترة بعد تأخر الأمطار تقول وضحة الجدوع "قلنا إن الجواميس بحاجة للماء والعشب، لكننا نواجه صعوبات جمة بسبب تأخر هطول الأمطار وجفاف الأرض. لم تمطر منذ عامين، والأرض جافة ولا يوجد عشب، ولكن بالإضافة إلى ذلك، فإن الاحتياجات الغذائية للجواميس مثل العلف الجاف والشعير باهظة الثمن، مما يعرض حياة جواميسنا للخطر. بسبب حبس مياه نهر الفرات لا نستطيع أخذ جواميسنا إلى نهر الفرات، والمنطقة حولنا كلها تقريباً جافة. لا يمكننا شراء العلف الجاف للجواميس لأن ذلك سوف يشكل عبئا ثقيلاً جداً علينا. لقد قمت ببيع عدة جواميس حتى أتمكن من شراء العلف بثمنها لأجل باقي الجواميس. أتمنى من الجهات ذات العلاقة تقديم المساعدة لنا حتى أتمكن من تأمين معيشتي. إذا استمرت حالة الجفال خلال فصل الربيع فإنني سوف أفقد جواميسي. وأقول مرة أخرى، يجب على الجهات المعنية أن تساعدنا في تأمين العلف، والنظر إلى أوضاعنا".