تزرع الزهور لتحيي ذكرياتها في عفرين وتعيل أسرتها
رغم الآلام والمأساة التي خلفها التهجير القسري لدى أهالي عفرين، إلا أن إصرارهم ومقاومتهم على العودة إلى أرضهم مستمر في جميع جوانب الحياة، ومن بينهم النساء اللواتي يسعينَّ إلى إعادة الحياة لمقاطعة الشهباء بإمكانياتهنَّ القليلة من خلال زراعة الورود.
روبارين بكر
الشهباء ـ
تزرع أمينة حسين الأزهار والورود أمام خيمتها محولة إياها إلى حديقة صغيرة، كمشروع اقتصادي يؤمن لها مورداً يعينها في الظروف الصعبة التي تعيشها في مخيمات النزوح.
أمينة حسين (50) عاماً، مُهجرة من عفرين منذ الهجوم التركي على مدينتهم قبل نحو ثلاثة أعوام تعيش اليوم مع أسرتها في مخيم المقاومة/برخودان في مقاطعة الشهباء بشمال وشرق سوريا.
"أتذكر عفرين عندما أزرع الورود"
حولت أمينة حسين المساحة القليلة أمام خيمتها إلى حديقة مُصغرة تتضمن الأزهار والورود المتنوعة، تقول عن مشروعها "زراعتي للأزهار أمام خيمتي تذكرني بتفاصيل حياتي وأرضي في عفرين، وأيضاً أقوم ببيعها لتكون مصدر رزق أعيل به أسرتي وأؤمن احتياجاتها".
وتضيف "بعد عام من تهجيرنا قمتُ بجمع بذور الأزهار التي كانت متوفرة لدى أهالي المنطقة، وزرعتُ العديد من أنواعها، وفيما بعد جلبتُ أنواع أخرى من مدينة حلب لتكون حديقتي مختلفة ومميزة".
وعن سبب اختيارها لزراعة الورود على وجه التحديد، تقول "أردتُ أن أمنح الخيمة جمالاً، هذه الخيمة منزلي لحين عودتي إلى منزلي في عفرين، لا أريد أن يخلو المخيم من ألوان الطبيعة، فنحن كنا نعيش في طبيعة خلابة، ونعرف بارتباطنا بالأرض، إنها وسيلتي للترويح عن النفس في ظل المعاناة التي يعيشها المهجرين". وتضيف "نحن نبعث الحياة من جديد أينما تواجدنا، أرغب في إيصال هذه الفكرة".
أمينة حسين لطالما اهتمت بزراعة الأزهار في منزلها بعفرين "كان لدي العديد من أنواع الورود وأعدادها كانت كثيرة، فقد كان منزلي يشبه الجنة".
حتى زراعة الأزهار لا تخلو من الصعوبات في بلد باتت الحرب سمته الأساسية "النظام السوري يفرض ضرائب كبيرة على المواد التي تدخل إلى المقاطعة ولا يستثني بذور الأزهار، وهذا ما يسبب ارتفاع في الأسعار، ويؤثر بشكل سلبي على عملي في بيعها، فأنا أريد أن أستفيد وأكون ذات فائدة لكل من حولي".
وتبيع الأزهار بأسعار تتناسب مع الأوضاع المعيشية وتقول عن الإقبال على الشراء "ميسوري الحال يشترون الأزهار، وكذلك من يعانون من أوضاع معيشية صعبة فهي بالنسبة لهم غذاء للروح، أحاول المساعدة دائماً في هذه الحالات إما بإعطائهم بنصف القيمة أو بالمجان".
"أعتني بأزهاري وورودي كأبنائي"
وتشبه أمينة حسين ارتباطها بالورود بحبها لأطفالها، وتحرص على العناية بها كجزء من حياتها، "العمل في الزراعة وخاصة الأزهار يحتاج إلى الرعاية والاهتمام، أقضي معظم أوقاتي بين الورود حرصاً على عدم ذبولها".
في كل صباح تتفقد أمينة حسين أزهارها وتنظف ما حولها "أزيل الأعشاب الضارة والأوراق المصفرة عنها، بعض الأزهار تحتاج إلى حفر تربتها، وأقوم بسقايتها في المساء، لكي أحمي جذورها وأحافظ على رونقها".