تمور الواحات مورد رزق مستدام لنساء تورز

الواحات تعد باب الرزق الوحيد المفتوح في وجوه النساء اللاتي لم يحالفهن الحظ لمواصلة دراستهن وفتح لهن العمل في مجال التمور آفاقا جديدة وساعدهن على تحقيق الاستقلالية المادية التي تطمح لها كل امرأة.

إخلاص الحمروني

تونس ـ رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها تونس إلا أن المرأة في محافظة تورز (جنوب غرب البلاد) اثبتت أنها على موعد دائم مع الكفاح والنضال من أجل العيش.

النساء في أرض "الجريد" وتحديداً في الواحات التابعة لها جعلن من التمور التي تعد منتوجاً مميزاً للواحات مورد رزق مستدام لهن لا ينتهي بمجرد انتهاء موسم الجني بل يتواصل على امتداد السنة من خلال استخراج منتوجات غذائية أخرى وتسويقها أو العمل داخل مصانع التمور التي أصبحت لا تقفل أبوابها في وجه اللاتي تقصدنها للعمل نظراً لكثرة الطلبيات على منتوجات التمور التي تسوق باتجاه دول عديدة.

ومع ازدياد عدد المعامل تفضل النساء القيام بفرز التمور في المصانع بأجر زهيد على البطالة والبقاء في المنزل، وتقوم النساء بعمل يدوي شاق خاصة بالفرز في معامل تصدير التمور إضافة إلى العمل إما في مجموعات داخل المنازل أو داخل وحدات صناعية صغيرة داخل "كراجات" والعاملات من كافة الأعمار والفئات فهن إما تلميذات وطالبات وإما ربات بيوت ومسنات وحتى في بعض الأحيان من ذوات الاحتياجات الخاصة.  

ويعتبر قطاع التمور، أهمّ ثروة لأهالي المنطقة وللنساء خاصة، منه يقتاتون ويعيشون، حيث يوفر القطاع مليوني يوم عمل ومورد رزق لقرابة 50 ألف عائلة في أربع محافظات جنوبي تونس هي "قبلي وتوزر وقابس وقفصة"، وتعد التمور أيضاً مشروعا نسوياً بامتياز تبدع فيه نساء الواحات أيما إبداع.

تقول فتحية عرفاوي وهي من منطقة بوهلال التابعة لمحافظة توزر بأن مسيرتها انطلقت مع جمعية تنمية المرأة بمنطقة المحاسن وجمعية المنحلة للمواطنة الفاعلة حيث تلقت تدريباً في مجال تثمين التمور مما مكنها من معرفة أهمية هذا المنتوج الذي اعتبرته بمثابة البحر الذي يعج بالخيرات.

وبينت "تعلمت كيف استخرج من التمر عدة منتوجات أخرى مثل السكر والطحين والقهوة ومعجون التمر وغير ذلك من المنتوجات الغذائية التي تتميز بها منطقة الجنوب الغربي التونسي"، ولأنها تلقت تدريباً حول تثمين التمور حصلت على مورد رزق جعلها تقرر البحث عن الأفضل لها ولأسرتها وأسست مشروعها الخاص في خطوة شجاعة، مشيرة إلى أن العمل في مجال التمور جعلها تنحت عالمها الخاص وتجعل من الضعف قوة وتصنع من التمور منتوجات كثيرة تساعدها على مجابهة صعوبات الحياة المعيشية.

 

 

من جهتها اعتبرت نجاة سالم وهي أيضاً من منطقة بوهلال التابعة لمحافظة توزر التي تتميز بواحات النخيل  بأنها مثل كل امرأة تونسية تكافح للعيش وتقول "اقضي معظم أوقاتي في تربية الصغار والاعتناء بهم لكن بمرور الوقت وبسبب كثرة المصاريف ومتطلبات الحياة اضطررت للخروج من أجل العمل"، موضحةً "كان العمل في معامل التمر هي الفرصة المتاحة لي ككل نساء الواحات والتي تعد باب الرزق الوحيد المفتوح أمامنا خاصة لمن لم يحالفهن الحظ لمواصلة دراستهن، وقد فتح لي هذا العمل آفاقاً جديدة وجعلني أحقق الاستقلالية المادية التي تطمح إليها كل امرأة".

واستطاعت بالتالي أن تساعد زوجها وتوفر لصغارها كل مستلزمات الدراسة وتسدد ثمن ساعات الدروس الإضافية وتمنحهم فرصة للترفيه وتجهز منزلها بكل ما ينقصه من أثاث، مبينةً أن المجهود الذي كانت تبذله للعناية بالأطفال والبيت أصبح مضاعفاً بعد أن أصبحت تعمل، وعن ذلك تقول "متطلبات الحياة أصبحت كثيرة لذلك يجب أن يكون الزوجين إلى جانب بعضهما وأن يتحملا سوياً جميع الأعباء".

 

 

.