صناعة التنور مهنة متوارثة بين نساء ريف دير الزور

تقول زهرة الشبوط إحدى نساء ريف دير الزور الشرقي أن نقل التراث للأجيال مهمة المرأة لأنها حافظت عليه على مر العصور.

زينب خليف 

دير الزور ـ لا تزال العديد من نساء ريف دير الزور تزاولن صناعة التنانير الطينية كمصدر دخل للعائلة، فصناعة التنور الطيني مهنة ورثنها عن جداتهن، ويعتبر التنور من أهم معالم التراث الشعبي ولا يزال إلى الآن حاضراً في الكثير من مناطق شمال وشرق سوريا.

زهرة الشبوط من مدينة هجين بريف دير الزور الشرقي تحدثت لنا عن المهنة التي تتقنها وهي صناعة التنور الطيني الحجري قائلةً "المرأة بكلتا يديها المعطاءتين تصنع التنور الطيني الذي تمتد صناعته لآلاف السنوات، وما يزال جزء رئيسياً في كل منزل بالقرى رغم انتشار الأفران الآلية".

تستيقظ زهرة الشبوط منذ ساعات الصباح الباكر لتنهي أعمال منزلها ومن بعدها تتجه إلى صناعة التنانير الطينية، وهي تعمل في صناعتها من أجل تأمين قوت أطفالها، تقول بأنها تعلمت هذه المهنة من والدتها التي أتقنتها واكتسبت خبرة منها لتستمر في صناعة التنور الطيني.

وعن كيفية صناعة التنور قالت إنها تجلب التراب من مكان معين يكون أحمراً ذا نوعية خاصة ومن ثم تقوم بخلطه بالماء بيديها بعد أن تضيف إليه التبن الناعم والملح وشعر الماعز حتى يتماسك الطين مع التبن بعد خلطه ويتجانس تماماً، وليشتد الطين عند استعماله".

وأضافت "بعد أن أنتهي من عملية جبل التراب بالماء أترك الطين لمدة يومين حتى يتشرب بالماء جيداً ويتجانس بعد أن يختمر حتى تصبح عملية بناء التنور سهلةً، ويتم صناعة التنور على مراحل".

وعن مراحل صناعة التنور تقول "في البداية يتم اختيار أرضاً مستوية ونظيفة تبنى عليها قاعدة التنور وتكون عبارة عن حلقة واسعة ومتينة وبارتفاع شبر تقريباً، كما وتترك لتجف تحت أشعة الشمس، ثم تبنى الحلقات الأخرى شيئاً فشيئاً وجزء بعد جزء بحيث يكون قطر كل حلقة أصغر من التي قبلها وبارتفاع شبر لكل حلقة فتكون حلقاته متدرجة في قطرها حيث تشكل هذه الحلقات مع بعضها التنور".

وأضافت زهرة الشبوط "للتنور فتحة صغيرة على شكل دائري تكون في الجزء الأسفل وتسمى عين التنور لدخول الهواء الذي يساعد على تصاعد النار". مبينةً أنه "بعد تجهيزه يتم فحصه للتأكد من خلوه من النواقص، وإضافة تحسينات أخرى عليه ليصبح جاهزاً للاستخدام".

وتقول زهرة الشبوط بأنها تبني في اليوم الواحد ثلاث تنانير "كل يومين أنهي بناء تنور، وأبيعها بحسب الحجم ما بين الصغير والوسط والكبير".

وعن طريقة تركيب التنور على الأرض أقوم بتنظيف الأرض بحيث تكون مستوية ونظيفة ونضع التنور عليها ونقوم بوضع الأحجار حول التنور "بعد أن ننهي عملية تركيب التنور نقوم بوضع الحطب وإشعاله، ومن بعدها نقوم بإحضار عود ونلف عليه قطع من القماش عليه ماء وملح لكي يتم مسح التنور فيه".

تأمل زهرة الشبوط من النساء الحفاظ على تراثهن من الضياع والاستمرار في تطويره لأن التراث يمثل وجود وهوية الإنسان "نقل التراث للأجيال مهمة المرأة لأنها تمثل التاريخ والحاضر". والمرأة تملك لغة التفاهم بينها وبين التنور لأنها واكبت وحافظت عليه على مدى عصور.