رغم تدني أجور العمل النساء تعملن في جني محصول القطن

رغم تدني أجور عملهن إلا أن النساء لا تأبهن لذلك وتعملن في جني محصول القطن، كونه فرصة موسمية لتأمين احتياجاتهن.

دلال رمضان

الحسكة ـ يعد القطن من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية نظراً للأهمية التي يحظى بها عالمياً، وحظي باهتمام أكثر في مناطق شمال وشرق سوريا، إلا أن كميات الإنتاج ونسبة الزراعة تشهد تراجعاً كبيراً نظراً لظروف الحرب وإغلاق المعابر الحدودية.

تعمل نساء مدينة الحسكة في شمال وشرق سوريا على جني محصول القطن مع بدء موسم القطاف في بداية الخريف، لتأمين قوتهن والاعتماد على ذواتهن ولتوفير احتياجاتهن المادية رغم تدني الأجور التي تتقاضينها خلال الساعات الطويلة من العمل المستمر.

تبدء زراعة القطن مع دخول فصل الربيع من بداية شهر نيسان/أبريل وإلى نهايته ومن ثم سقايته الى بداية الخريف والذي يبدأ فيه موسم القطاف، والذي يعد فرصة لعدد كبير من النساء والأيدي العاملة في المنطقة ومصدر رزق لهم لتوفير الاحتياجات المنزلية، لذا تلجأ العديد من النساء للعمل فيه، والذي يعتبر من أهم المحاصيل الزراعية حيث تحتل زراعة القطن المرتبة الثانية بعد القمح في شمال وشرق سوريا.

صبحة عساف 38 عاماً نازحة من قرى بلدة الشدادي التابعة لمقاطعة الحسكة بشمال وشرق سوريا، لديها سبعة أطفال تعمل منذ خمسة أعوام في جني محصول القطن لتأمين احتياجات منزلها وأطفالها تقول "لقد نزحت من قريتي القريبة من بلدة الشدادي أثناء سيطرة مرتزقة داعش على المنطقة وتدميرهم منزلي، وخوفاً على أطفالي انتقلت للعيش في بيت بالإيجار في حي العزيزية بمدينة الحسكة، وأعمل كل عام في جني محصول القطن لتأمين لقمة العيش لأطفالي ولزوجي المقعد".

وأوضحت أنها تعمل على جني محصول القطن منذ ساعات الفجر الأولى مع ابنتها الصغيرة التي تبلغ 9 أعوام والتي تركت دراستها في سبيل مساعدتها "أعمل كل يوم من الساعة السابعة صباحاً إلى السابعة مساءاً، ومنذ أربعة أيام بدأت العمل فيه بعد أن تركت العمل في معمل لصناعة المنظفات، نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية".

وأضافت "في كل عام ننتظر موسم قطاف القطن لمساعدة عائلتي وتأمين قوتهم اليومي ودفع أجار منزلي"، ودعت كافة النساء للعمل والاعتماد على ذواتهن لتحقيق اكتفائهن الذاتي.

من جهتها قالت عنود الأسود (50) عاماً من حي العزيزية بمدينة الحسكة "يحتاج القطن إلى تكاليف باهظة من أجل زراعته من حيث الحراثة، البذور والمحروقات بالإضافة لحاجته إلى مياه وفيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، كما يحتاج إلى تنظيف الأعشاب الضارة منه وتفريده ورش السماد عليه لمنع الحشرات الضارة والديدان بالدخول إليه ومن ثم يأتي موسم القطاف والذي يحتاج أيضاً إلى عدد كبير من العمال"، مبينة إن إنتاج الموسم لا تسد التكاليف الأساسية له، إلا أنه يوفر فرص عمل للكثير من النساء اللواتي تحتجن إلى عمل "في السنوات الأخيرة ارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة أدى إلى انخفاض إنتاجه" .

وأوضحت أنه بسبب قطع الاحتلال التركي للمياه عن المنطقة أدى إلى انخفاض انتاج القطن "أعمل مع ابنتي منذ الفجر في جني محصول القمح بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في المنطقة والحصار والحرب المستمرة وغلاء الأسعار بسبب ارتفاع صرف الدولار في المنطقة".

وقالت "لدي 3 أولاد، ومن أجل لقمة العيش فقدت إحدى بناتي حياتها وهي عائدة إلى منزلها على طريق الحسكة ـ عامودا، لقد كنا نعمل في موسم قطاف القطن خارج مدينة الحسكة حينها".

وبينت أنها تعمل في محصول القطن من خلال نظام اليوميات "نعمل كعمال مياومة في هذا المحصول ونؤمن من خلاله احتياجاتنا اليومية ومستلزماتنا المنزلية بالرغم من الأجور القليلة التي نتقاضاها عن كيلو القطن في المنطقة، نعمل في ظروف صعبة ونتحمل الجوع والتعب والعطش في سبيل أن نعيش بكرامة ودون الحاجة إلى أحد"، مبينةً أن موسم هذا العام أفضل من السنوات السابقة بسبب هطول كمية كافية من الأمطار بداية الموسم في المنطقة.

وأكدت عنود الأسود على ضرورة فتح مشاريع صغيرة للنساء لتلبية احتياجاتهن اليومية "عندما يكون انتاج القطن جيداً نستفيد منه ونؤمن جميع احتياجاتنا، فجني محصول القطن يكون موسمي لذا نحتاج إلى عمل يومي ومستمر لتأمين لقمة عيشنا وعدم طلب المساعدة من أحد".