نبات القبار... مصدر رزق لنساء وأطفال إدلب

تشكل نبة القبار أو ما تعرف بـ الشفلح، مصدر دخل للكثير من النساء والأطفال في إدلب في ظل ارتفاع مستويات الفقر وقلة فرص العمل بالتزامن مع ارتفاع الأسعار، ليشكل القبار بأسعاره المقبولة وزيادة الطلب عليه من قبل التجار والصيادلة ومعامل الأدوية فرصة عمل لمن ضاقت بهم السبل

سهير الإدلبي
إدلب ـ  .
القبار هو نبات حراجي أخضر اللون ترتفع شجيراته بحدود ٧٥ سم عن سطح الأرض، وينحصر موسمه مع قدوم فصل الصيف وينتهي بانتهائه أي ما بين شهري حزيران/يونيو وآب/أغسطس، ويستخدم لأغراض دوائية لاحتوائه على نسب عالية من الفيتامينات والمعادن.
يخرج الطفل عبد الحميد العرندس (١٢) عاماً كل يوم برفقة إخوته الثلاثة عمر (١٠ سنوات)، سليم (٨ سنوات)، يوسف (٦ سنوات)، في ساعات الصباح الأولى وحتى المساء لجني ما يستطيعون جنيه من ثمرة القبار ليبيعوها في نهاية اليوم ويتمكنوا من تأمين ثمن طعامهم. 
يقول عبد الحميد العرندس أنه اعتاد جني ثمار القبار كل عام في موسمه، لجني بعض المال بغية مساعدة والدته بتحمل بعض الأعباء التي راحت تثقل كاهلها بعد وفاة والده، "نقيم في مخيمات دير حسان داخل خيمة مهترئة، وإن لم نعمل فلن نجد ما نأكله"، هكذا عبر الطفل النازح مع عائلته من مدينتهم سراقب إلى الشمال السوري منذ أكثر من عامين عن معاناتهم، وأضاف "القبار نبات شوكي ولذا أواجه صعوبة كبيرة مع إخوتي في جني ثماره نظراً لكثرة الأشواك التي تغزو أيدينا ونقضي ليلنا في إخراجها من أجسادنا".
وتنمو شجيرات القبار الشوكية الزاحفة، في المناطق ذات البيئة الجافة وأطراف الطرق وبعض المناطق الجبلية والمنحدرات الكلسية، ويتطلب نموها التعرض لأشعة الشمس، وهي تتميز بفروعها الكثيفة والمتشعبة ذات اللون البنفسجي وأزهارها البيضاء.
من جهتها تقول والدة عبد الحميد وتدعى هيام الصديق (٣٨) عاماً، أنها تخشى على أطفالها من تعرضهم لضربة شمس أو لسعة عقرب أو أفعى وسط ارتفاع درجات الحرارة، غير أنها مضطرة للاعتماد على عملهم رغم صغر سنهم وضعف أجسادهم، "فليس باليد حيلة" وفق تعبيرها.
وتشير هيام الصديق إلى أنها تحصل كل يوم على عشرة دولارات لقاء ثمن ما يجنيه أطفالها الذين يجمعون كيلو غرام من نبات القبار في اليوم كحد أدنى.
وتبيع القبار إلى جارتها عايدة الحلبي الأربعينية التي تقوم بدورها بتجميع القبار بكميات كبيرة داخل براميل بلاستيكية بعد شرائه من النساء والأطفال الذين يقومون بجنيه لتبيعه بعد ذلك لتجار متعاقدة معهم.
وعن طريقة تجميعه وحفظه تقول عايدة الحلبي "بعد فرز حبات القبار وتنقيتها من العيدان ومما تحمله من ديدان وشوائب، أغسلها جيداً وأخزنها داخل أوعية كبيرة وأحفظها بإضافة الماء والملح إليها".
ويتم قطاف ثمرة القبار قبل أن تتحول إلى زهرة وكلما قل حجمها كلما ارتفع سعرها وزادت فوائدها، ويعمل في هذه المهنة فئات متعددة وهي لا تحتاج إلى شهادات ولا إلى رأس مال ولا أي مجهود بزراعتها كونها تنمو بمفردها في مناطق متعددة ومتفرقة.
تحت أشعة الشمس الحارقة تخرج الخمسينية خديجة البركات بشكل يومي لجني نبات القبار علها تتمكن من خلال عملها هذا من الإنفاق على نفسها وتأمين ثمن أدوية الضغط والسكري المرتفعة الثمن، تقول خديجة "لا معيل لي، فأحد ابنائي مات خلال القصف، وابن آخر يعمل في مجال البناء وما يحصل عليه من أجر لا يكفيه لتغطية نفقات عائلته، ولذا أحاول العمل في جني القبار كي لا أكون عالة على أحد رغم كبر سني".
وعن استخدامات القبار الدوائية تقول الصيدلانية منى كليدو (30) عاماً، "يستخدم القبار في صناعة المستحضرات التجميلية ومعالجة الحساسية وأمراض الروماتيزم والسكري والنفخة إضافة لاستخدامه في علاج التهاب الأذن والأمعاء وتنشيط الكبد ومكافحة السرطانات أيضاً، كما أن القبار له فوائد علاجية كمنشط جنسي وفاتح للشهية ويخفض ضغط الدم المرتفع ويعالج الأمراض الصدرية وتصلب الشرايين".
وأوضحت أن ثمرة القبار تحتوي على كلوزيدات وحموض أمينية وزيوت طيارة ومواد صابونية وحموض عضوية وذهنية، وهو من أغنى النباتات الطبية المتعددة الاستخدامات على الإطلاق.
وبالرغم من أن موسم قطاف القبار شاق، إلا أن إدلب تنتج سنوياً نحو ثمانين طناً من براعم القبار، يتم في الغالب تصديرها إلى خارج البلاد.