من ربة منزل إلى صاحبة مصنع
كرست المرأة حضورها أكثر في رحاب الحياة وفضاءات كثيرة ومنهن فريال حجازي التي أكدت أن "كل عمل مهما كان صغيراً هو قابل للتطور بالإرادة والعمل والتصميم، وما على النساء إلا القيام بخطوة أولى".
فاديا جمعة
بيروت ـ ثمة الكثير من نماذج رائعة لنساء فرضن حضورهن في ميادين العمل، بعد أن تحدين ظروف الحياة، وأكدن أن داخل كل امرأة قوة كامنة تمكنها من الانطلاق لتكون داعمة لأسرتها، وأيضاً لمحيطها الاجتماعي، خاصةً في المجال الاقتصادي، وكم من النساء اليوم يرفدن عائلاتهن بالدعم، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها لبنان.
فريال حجازي ابنة بلدة معركة في قضاء صور جنوب لبنان واحدة من نساء كثيرات قررن إنجاز وإدارة مشاريع في حدود إمكانياتهن في البداية، لينطلقن بعدها، وهي تدير مصنعاً خاصاً في بلدتها لصناعة الألبان والأجبان وتقول "بدأت مشروعي هذا بعد دورة استهدفت النساء في جنوب لبنان مع إحدى الجمعيات المعروفة في عملها لبناء القدرات، ولم تكن دورة عادية، فقد اعتدنا على الدورات القصيرة المدى والبسيطة، إلا أن هذه الدورة استغرقت أشهراً عدة، وتخللتها تدريبات وامتحانات وزيارات ميدانية لمعامل كبيرة للاطلاع على دورة الإنتاج فيها وبأدق التفاصيل، كما أننا خضعنا لتقييمات كنت فيها الثانية على مستوى مجموعتي، وقد اسعدتني النتيجة خصوصا وأن الخمسة الأوائل في هذه الدورة حصلن على معدات أولية لإنتاج الألبان والأجبان، وقد تفاجأت وعلمت أنني أمام مهمة تأمين مكان لكي أستفيد من هذه الهبة".
وأضافت "في البداية كان المشروع قائماً على نطاق أوسع من حجم مطبخ المنزل، وقد تيسرت الأمور بمساعدة زوجي وأخيه، وحصلت على جزء من مكان عملهم تحت المنزل مباشرة، وبدأت فعلياً بالعمل على كميات صغيرة من الحليب البلدي الطازج لأبدأ ببيع الإنتاج في محيطي العائلي الضيق، ومن ثم تلقيت دعماً من الأصدقاء والجيران وزاد الطلب بعدها على منتجات المعمل حتى وصل العمل اليوم إلى 700 كيلو يومياً، وأصبحت أغطي احتياجات المنطقة التي أسكنها ومحيطها والكثير من المحال التجارية.
وأضافت "أحب المستهلكون منتجاتي، لأنها بلدية، ولأنني أعتمد بشكل كامل على المواد الطبيعية في تصنيعها، وخصصت للأطفال بمنتجات خاصة في قوالب جميلة الشكل تجذب انتباههم وتشجعهم على تناولها، فبات الأطفال يطلبونها بقولهم نريد "جبنة فريال"، هذا الأمر وردات الفعل والإقبال من الأطفال أسعدني وأعطاني حافزاً على الاستمرار وزيادة الإنتاج، ما تطلب مني العمل على تطوير معملي وشراء معدات أكبر وتجهيزات حديثة".
زيادة الانتاج
وترى أنه على الصعيد المادي نجح المشروع وأن "هذه الفرصة فتحت أمامي باب رزق جديد استفدت منه أنا وعائلتي في تغطية الاحتياجات المادية خلال فترة جائحة كورونا، ومن ثم الأزمة الاقتصادية في لبنان والتي تأثر بها عمل زوجي كنجار".
وأوضحت أن ما ساهم في زيادة الإنتاج، زيادة الطلب على المنتجات، ولا سيما من قبل المغتربين، مبينةً أن "خلال هذه الفترة وبعد توقف عمل زوجي اتحدنا كعائلة وعملنا سوياً مع أولادنا في المعمل وهذا ساعد في زيادة الإنتاج وفتح أسواق جديدة للإنتاج، واختصاص أولادي في الجامعات ساهم في تطوير مسيرة العمل كون ابني يتابع دراسته كمراقب صحي فهو المراقب الرسمي على المعمل وابنتي التي تخصصت في إدارة الأعمال تساعدني في التسويق وإدارة الحسابات والتوزيع أيضاً".
وأكدت على أهمية التكاتف العائلي في دعم مشروعها، لافتةً إلى أنه "بدأت العمل في المنزل وأنا اليوم صاحبة معمل، ولا أترك مجالاً إلا وأخوضه لتمكين نفسي، وهنا أشدد على أن الفرص كثيرة أمام النساء للاستفادة منها والعمل على بناء كيانهنّ الخاص ولو من المنزل، فالبدايات هي الأساس، وكل عمل مهما كان صغيراً هو قابل للتطور بالإرادة والعمل والتصميم، وما على النساء إلا القيام بخطوة أولى".