محاسن مرسل: المرأة تشكّل نحو 25 % من القوى العاملة في لبنان

تشهد الليرة اللبنانية تقلبات كثيرة مقابل الدولار الأميركي منذ نحو سنتين. وسجل سعر صرف الدولار مع بداية العام ارتفاعاً جنونياً وصل إلى 33 ألف ليرة، في حين عاد وانخفض إلى نحو 25 ألف ليرة بفعل عدة عوامل

كارولين بزي
بيروت ـ تتحدث عنها لوكالتنا الخبيرة الاقتصادية محاسن مرسل، كما تتطرق إلى تأثير الأزمة على اللبنانيين والمقيمين في ظل غلاء المعيشة. 
"أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار"
تستهل محاسن مرسل حديثها عن سبب ارتفاع سعر صرف الدولار أولاً، وتقول لوكالتنا "ندرك تماماً أن منحى الدولار تصاعدي نتيجة رفع الدعم عن المحروقات، خاصةً أنه تم تسعير المازوت بشكل كامل من السوق الموازي أو كما يعرف بالسوق السوداء أي رفع الدعم عن المازوت بنسبة 100% ولكن بقي البنزين مدعوم بنسبة 85% ولكن على سعر منصة الصرافة، ويتم تأمين 15 % من السوق الموازي وبالتالي هذا أحد أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار، بالإضافة إلى تعاميم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتي لها انعكاسات سلبية على سعر صرف الليرة اللبنانية".
وأوضحت "مثلاً عندما وصل سعر صرف الدولار إلى 33 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، اتخذ حاكم مصرف لبنان قراراً رفع فيه سقف سحوبات الدولار من 3900 ليرة إلى 8000 ليرة، (الدولار هو أموال المودعين الموجودة في المصارف بالدولار ويتقاضونها بالليرة اللبنانية على سعر صرف أصبح مؤخراً 8000 ليرة للدولار الواحد بعدما كان 3900 ليرة)، وبالتأكيد كلما ازداد حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية كلما انخفضت قيمتها مقابل الدولار، إلى أن وصلت إلى 33 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد".
وأضافت "هذا لا يلغي أن هناك جزءاً من المضاربة في السوق وأيضاً ما يسمى الارتفاع والانخفاض السياسي الذي تتحكم فيه التطبيقات الإلكترونية". 
ولفتت إلى أنه معروف من يشّغل التطبيقات أو من يقوم بتغطيتها وهناك الكثير من المستفيدين منها "ما يجري اليوم هو مضاربة على الليرة وأيضاً لعب بالناس".
وأوضحت "الناس التي تملك الدولار وليست على دراية بما يجري، تسارع إلى بيع ما لديها من دولارات عندما ترى أن سعر صرف الدولار يتراجع مقابل الليرة على التطبيقات، خوفاً من أن تخسر قيمة المال الذي بحوزتها، علماً أن هذا المفهوم خاطئ ودائماً نكرر ونطلب من الناس ألا يبيعوا الدولار إلا بقدر حاجتهم للمال. بالمقابل هناك من يذهب ليشتري الدولار لكي يحافظ على قيمة العملة التي بحوزته كي لا يخسر قيمة المال".
"رحلة التعميم 161"
ولفتت إلى أن رحلة التعميم رقم 161 التي صدرت عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي تزامن مع انخفاض قيمة العملة الوطنية، إذ سمح فيه للمصارف بالحصول على الكوتا الخاصة بكل مصرف بالدولار الأميركي بدلاً من الليرة اللبنانية على سعر منصة صيرفة، (سعر منصة الصرافة هو سعر يتغير يومياً ولكنه أعلى من سعر صرف الدولار وأقل من سعر صرف السوق الموازي ويتراوح بين 22000 و24000 ليرة) وأن يتم بيع هذه الدولارات للمودعين وللموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية عبر المصارف، على سعر المنصة.
وأوضحت "هذا الأمر أدى إلى تضارب وتعارك على أبواب المصارف لكي تحصل على رواتبها التي تتقاضاها بالليرة اللبنانية بالدولار".
وبينت "ارتأى حاكم مصرف لبنان أن يُدخل تعديلاً على التعميم 161، وذكر رياض سلامة أنه بعد مشاورات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، سيقوم بتعديل التعميم وسيسمح للمصارف بشراء دولارات بقدر ما تريد من مصرف لبنان وعلى سعر منصة الصرافة، وتبيعها للمودعين أو لمن يريد أن يشتري أي لم يحصر بيع الدولارات بالموظفين. إذ يعتبر سلامة أنه من خلال هذه الخطوة سيحصل على العملة الوطنية من السوق ويخفف الضغط على الليرة اللبنانية وبالتالي ترتفع قيمتها مقابل الدولار".
"مصادر دولارات مصرف لبنان"
وتسأل محاسن مرسل "من أين أتى رياض سلامة بالدولارات التي يبيعها للمصارف على سعر منصة الصرافة؟"، ثم تجيب "هنالك عدة مصادر، قد يكون من الاحتياطي الإلزامي أو ما تبقى من أموال المودعين التي أصبحت 12 مليار و500 مليون دولار. قد تكون من وحدات السحب الخاصة، التي حصل عليها مصرف لبنان من صندوق النقد الدولي عندما أعطى الأخير مبلغاً مالياً بلغ نحو مليار و400 مليون دولار دعماً للقطاع الاقتصادي بسبب انتشار كورونا لكي يستعيد هذا القطاع نشاطه، وبالتالي هذه الأموال تدخل حكماً بحسابات مصرف لبنان وقد يكون قد تصرف بها، علماً أنه كان يعتمد على هذا المبلغ لتمويل البطاقة التمويلية التي كانت ستخفف من عبء الأزمة على الناس".
وتتابع "قد تكون هذه الأموال نتيجة مضاربة رياض سلامة في السوق الموازية لأنه أيضاً اشترى دولارات من السوق الموازية، ويدّعي سلامة أن هذه الأموال عائدة لشركة طيران الشرق الأوسط التي حققت أرباحاً كثيرة، ولكن الأمور ليست بهذه البساطة. يزعم سلامة بأنه سيضخ نحو مئتي مليون دولار وهناك من يقول بأنه سيضخ 400 مليون دولار، في المحصلة من سيستفيد من الدولارات بعض المحظيين لأن المصارف تبيع لمن تريد دولار".
وأضافت "أثبتت المصارف بأنها لا تتحلى بالأخلاق ولا الضمير في تعاملها مع الناس، هي لا تهدف لتحصيل الأرباح فحسب بل هي تضارب وسرقت أموال الناس، وبالتالي الشعب لم يعد يثق بها، فهي لا تؤتمن على ليرة فكيف بشرائها دولارات من المصرف المركزي".
وتعتبر محاسن مرسل أن "الهدوء بسعر صرف الدولار سيشهد موجة ارتفاع حادة عندما يعلن حاكم مصرف لبنان بأن الدولارات التي بحوزته نفدت، عندها لا يمكن توقع سعر الصرف الذي سيصل إليه الدولار".  
وتشير إلى أن انخفاض سعر صرف الدولار لم ينعكس على أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية لأن التجار يدّعون دائماً أنهم اشتروا السلع على سعر صرف مرتفع، لذلك لا يقومون بتخفيض الأسعار مباشرةً ولكن مع ارتفاع سعر الصرف يقومون برفع الأسعار في الحال.
"هكذا أثرت الأزمة الاقتصادية على النساء والأطفال" 
وعن تأثير الأزمة على اللبنانيين والمقيمين، تقول "تآكلت قدرة العائلات الشرائية، إذ أن سعر ربطة الخبز التي كانت منذ سنة تقريباً بـ1500 ليرة اليوم أصبح سعرها 12000 ليرة، حتى أن سعرها بات مفتوحاً كالبورصة يرتفع وينخفض مع سعر صرف الدولار".
ولفتت إلى أن نحو 85 إلى 90 % من اللبنانيين والمقيمين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، وبالتالي حكماً انهيار قيمة الليرة وغلاء الأسعار سينعكس على قدرتهم الشرائية، غلاء الأسعار وصل في لبنان إلى نحو 600%، ارتفع معدل أسعار الغذاء إلى 1000 %، وبالتالي يمكننا أن نتخيل الوضع السيء الذي وصلت إليه العائلات في لبنان".
فيما يتعلق بالنساء، تقول محاسن مرسل "النساء هن عنصر من عناصر المجتمع، وسيتأثرن كغيرهن، وقد شهدنا مع الأزمة ازدياد حالات العنف، كما ارتفع معدل الطلاق بسبب هذه الأزمة".
أما عن تأثر الأطفال، فتقول "بسبب ارتفاع الأسعار هناك أطفال لم يستطيعوا أن يحصلوا على كتب مدرسية، كما واجهوا صعوبة الالتحاق بالعام الدراسي مع زيادة الأقساط وغلاء المعيشة، ولا نبالغ أن قلنا بأن هناك أولاداً ينامون جائعين، وهذا ما ذكرته اليونيسف والتقارير الدولية. بالإضافة إلى العنف المعنوي الذي يواجهه الأولاد بسبب الأزمة، فهم ضحايا الأزمة، لأن الأهل يصبون غضبهم على أولادهم بسبب الضائقة الاقتصادية، النساء والأطفال هم أكثر عرضة في الأزمات للضغوطات وينصب عليهم الغضب لأنهم العنصر الضعيف في المجتمع".
وعن قدرة المرأة على المساهمة في ظل الأزمة التي نعيشها، تقول "لكي نكون واقعيين لا يمكن للمرأة بمفردها أن تساهم بحل الأزمة، فهي تعمل إلى جانب أنها ربة منزل. ولكن لدينا معضلة بأن هناك طبيعة مهن لم تعتد عليها بعد النساء اللبنانيات علماً أن كل ما هو متاح على المرأة أن تعمل فيه، مثل المهن الحرفية أو مساعدة ربات المنازل.. ولكن لغاية اليوم المرأة اللبنانية ترفض هذا النوع من المهن علماً أن "الشغل مش عيب"، فجميعنا نعمل من أجل أن نؤمن لقمة عيشنا. إذ تبدل النموذج الاقتصادي وتبدلت الحالة الاجتماعية ونحن ملزمون بالعمل لكي نساعد عائلاتنا".
ولفتت إلى أن المرأة تشكّل نحو 25 % من القوى العاملة في لبنان، وأشارت إلى أن "دور المرأة مهمش بعدة مجالات، في القوانين وسوق العمل لأنهم ينظرون إليها دائماً بدونية أي أنها أقل من الرجل، كما أن المرأة تتعرض لمضايقات كثيرة في مجال العمل ولا تؤمن لقمة عيشها بسهولة"، وتوضح "مثلاً كيفية التعامل معها في مرحلة الأمومة، فثمة شركات لا تسجلها في الضمان الاجتماعي، أو يتم صرفها من العمل كي لا تستفيد من إجازة المرض والأمومة، ولكن إذا أُعطيت المرأة الفرصة ستبدع".