لتأمين اكتفائهن الذاتي... نساء تعدن تدوير الصوف
يعتبر جز الصوف وفرزه وتنظيفه وإعادة تدويره إحدى الوسائل التي تعتمد عليها النساء لتأمين مصدر دخل لهن ولعائلاتهن.
يسرى الأحمد
الرقة ـ في ظل الوضع المعيشي والأزمة الاقتصادية، تلجأ العديد من النساء في شمال وشرق سوريا للعمل في المعامل لتأمين اكتفائهن الذاتي وتوفير قوت يومهن، كمعامل إعادة تدوير الصوف.
عن عملها في معمل إعادة تدوير للصوف الذي افتتح منذ ما يقارب الخمسة أعوام في مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا، تقول جياس طه وهي في العقد الخامس من عمرها، أنهن تقمن بفرز الصوف الذي تم جزه وفقاً للون، حيث يتم وضع الصوف الأبيض في أكياس كبيرة لبيعها بينما يتم جمع الصوف ذات اللون الأسود والبني الغامق للتخلص منه.
وأشارت إلى أنهن تركزن خلال عملية الفرز على نوعية وجودة الصوف "إن الصوف الأبيض يختلف عن غيره من الألوان كالأسود والبني من حيث الجودة والنوعية واللون كذلك، فالصوف الأبيض يعد أفضل وهو يدخل في صناعة مختلف الألبسة لسهولة انسجامه مع الأصبغة المطلوبة، بينما الصوف ذات الألوان الغامقة فلا يمكن صبغه".
وبعد الانتهاء من فرز الصوف يتم تنظيفه من الألياف الغير صالحة والشوائب كالعيدان والأشواك وغيرها حتى لا تعرقل عمل الآلات الكهربائية أثناء إعادة التدوير، كما أوضحت، لافتةً إلى أن العاملات تتقاضين أجورهن اليومية حسب كمية الصوف الذي تم فرزه، أي الصالح لإعادة التدوير ويقدر بالكيلو.
وبينت جياس طه أن الصوف يستخدم في العديد من الصناعات "كانت النساء في الماضي تستخدمن الصوف بأنواعه المختلفة في صناعة النضيدة التي تتألف من مجموعة من الأغطية والمفروشات، وهو إرث حضاري وثقافي تناقلته الجدات اللواتي تعتبرنه جزء أساسي من المنزل ويعطيه الجمالية، حتى أنهن كن تتباهين بكبر حجم النضيدة، إلا أنه مع تطور الصناعات الحديثة قل استخدامها وصناعتها، حتى تلك القديمة بات يتم بيعها للمعامل لإعادة تدوير الصوف المصنوع منه، والاستفادة منه في نسج الألبسة".
وعن الصعوبات التي تواجههن خلال العمل تقول "إننا نواجه العديد من الصعوبات خاصة في فصل الصيف، فالصوف يعرف بأنه يولد الحرارة، لذا يتم صناعة الألبسة الشتوية منها، وفي الشتاء بالرغم من البرد لا نستطيع إشعال النار لتدفئة أنفسنا، خوفاً من اندلاع النار فيه فهو سريع الاشتعال"، مشيرةً إلى أنه يسبب الحساسية كذلك فأثناء عملية الفرز تخرج منه رائحة قوية وذلك بسبب مادة كيميائية توضع مع الصوف أثناء صناعة أي قطعة لمنع تشكل الديدان داخلها.
وحول السبب الذي دفعها للعمل تقول العاملة سماهر الحسين البالغة من العمر 28 عاماً "أنا المعيلة الوحيدة لعائلتي، فوالدي لم يعد قادراً على العمل بعد تدهور صحته، لذا اضطررت للعمل في هذا المعمل لأتمكن من شراء الأدوية الطبية له بشكل دوري، بالإضافة إلى تأمين قوت عائلتي"، مشيرةً إلى أن ما تتقاضاه عن عملها في فرز الصوف في المعمل، بالكاد يكفيها لتوفير احتياجات المنزل في ظل الظروف الراهنة والأوضاع المعيشية المتدهورة.
وكذلك الحال بالنسبة لفاطمة علي التي تقوم بعد الانتهاء من فرز الصوف بوضعه في أكياس كبيرة، كما أنها تقوم بوضع تلك الأكياس في السيارة وإنزالها كذلك "أنقل حوالي أربعين كيساً من الصوف تتراوح أوزانها ما بين 20 ـ 30 كيلو غراماً، وهو ما تسبب لي بآلام شديدة في كلتا يدي نتيجة العمل لساعات طويلة".
وأوضحت أنه لم يكن هناك أي معامل في المنطقة تعمل بها النساء في السابق، بينما الآن قد افتتحت العديد من المعامل التي تعتمد على النساء بشكل أساسي والتي تعتبر مصدر دخل لهن، وهن بالتالي تحققن من خلاله اكتفائهن الذاتي، داعيةً جميع النساء للاعتماد على ذاتهن والانخراط في كافة المجالات لتحقيق استقلالهن الذاتي.