لبنان... نساء تروين معاناتهن من الأزمة الاقتصادية والعنف الأسري

تعاني كافة فئات المجتمع ولا سيما النساء من العنف الأسري نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد، ما يزيد من أعبائهن في ظل ارتفاع الأسعار وتدني الأجور.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ تواجه النساء اللواتي اضطررن لدخول لسوق العمل لتلبية احتياجات أسرهن، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي انعكست سلباً عليهم وأدت لتدهور الوضع المعيشي، العنف الأسري والزوجي خوفاً من استقلالهن مادياً.

فاقمت الأوضاع الاقتصادية في لبنان من معاناة الأهالي وخاصة المعيلات اللواتي تعرض البعض منهن للعنف الأسري لدخولهن سوق العمل، في الوقت الذي تواجهن فيه صعوبة في تأمين احتياجات الأسرة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطبية وغيرها إضافة إلى أسعار المحروقات، وهو ما زاد من المتطلبات المادية مع حلول الشتاء وتدني الأجور.

تقول ليليان شهوان البالغة من العمر 42 عاماً وتعمل ممرضة في إحدى المشافي اللبنانية "عندما مرضت ابنتي لم أتمكن من إدخالها المشفى لسوء وضعي المادي لأن زوجي كان يعمل بشكل متقطع، حينها اتخذت قراراً بالعمل في المشفى، وبذلك سيكون بإمكاني معالجة ابنتي كلما مرضت دون مقابل مادي كبير".

وأوضحت أنها سعت جاهدة من خلال الدورات التدريبية لمعرفة وتعلم كيفية العناية الكاملة بالمريض وتغذيته، وقياس علامات الحيوية كدرجة الحرارة، والضغط، وعدد ضربات القلب، ونسبة الأوكسجين وكيف يتم تزويد المريض به، وغيرها من الإسعافات الأولية وكيفية إعطاء الأدوية والحقن "كنت في السابق أعمل في مجال التجميل، لذا لم تكن لدي الخبرة حول أساسيات التمريض، وبعد التعرف عليها وتعلمها قدمت طلب التوظيف في إحدى المشافي".

إلا أن زوجها لم يتقبل عملها في المشفى وبالتالي قام بتعنيفها "كان زوجي يعنفني كثيراً خوفاً من أن أصبح مستقلة مادياً، حتى أنه في إحدى الأيام حاول إطلاق النار عليّ، فقمت برفع دعوى طلاق ضده، وقد تمكنت من الحصول على حضانة ابنتي وهي في الرابعة من عمرها، مقابل تنصله من كافة المسؤوليات".

بعد الانفصال عن زوجها انتقلت ليليان شهوان وابنتها للعيش مع والدتها، لتضطر للعمل ساعات أطول من أجل تأمين احتياجات المنزل المؤلف من حوالي 5 أشخاص، حيث كانت تعمل 12 ساعة بمعدل أربعة أيام في الأسبوع "لقد قدمت طلباً للعمل ليلاً عوضاً عن ساعات النهار، لكي أتمكن من الاعتناء بابنتي إلى حين عودة شقيقتي من العمل، فوالدتي لم تكن قادرة على الاعتناء بابنتي لأنها مريضة وكبيرة في السن".

لم تتوقف معاناة ليليان شهوان حد ذلك، فالوضع المعيشي المتدهور صعب عليها تأمين احتياجات العائلة من المستلزمات الضرورية كالأدوية في ظل ارتفاع أسعارها "والدتي مقعدة فهي تعاني من ارتخاء في عضلات الركبة وبحاجة إلى الأدوية باستمرار، ولأن وضعنا المادي صعب، عوضاً عن الذهاب إلى الصيدليات لشراء الأدوية ألجأ إلى المستوصفات، إلا أن الأخيرة لا تصرف الوصفة الطبية إلى حين حضور المريض والكشف عليه وتشخيصه، وهو ما يصعب عليّ الأمر فوالدتي لا يمكنها السير والوقوف على قدميها، لذا اضطر لشراء الدواء من الصيدليات بأسعار مرتفعة".

وأوضحت أنها عملت في السابق كشرطية في بلدية الشباك لأربع سنوات، تقف في الطرقات تحت ظل حر الصيف وبرد الشتاء، في سبيل تأمين لقمة العيش بعد وفاة شقيقتها التي كانت تساعدها في المصاريف، مشيرةً إلى أن ابنة شقيقتها أصبحت تعمل إلى جانب دراستها لكي تساعدها في توفير متطلبات المنزل، ودفع اشتراك الكهرباء لأنه إذا لم تقم بدفع المال سيقوم صاحب المولدة بقطع الكهرباء عن المنزل، ولا يمكنها الاستغناء عنه لأن والدتها تحتاجها لتشغيل جهاز الأوكسجين ليلاً".

وفي ظل الصعوبات والعراقيل والمعاناة التي تعيشها، تأسف ليليان شهوان لعدم تمكنها من توفير تعليم جيد لابنتها التي تبلغ الآن الحادية عشرة من عمرها الآن، مشيرةً إلى أن همها الوحيد أن تعيش ابنتها وابنة شقيقتها مع والدتها حياة كريمة.

 

 

 

ومن جانبها أوضحت الناشطة الاجتماعية هيفاء بو سعيد أنها عضوة في عدد من الجمعيات النسائية التي تعنى بالشأن العام، وبفضل الخبرة التي اكتسبتها خلال عملها لسنوات، استطاعت التعامل مع الأزمات التي كانت تتوالى الواحدة تلو الأخرى، خاصةً في ظل الأوضاع الاقتصادية التي استجدت على لبنان والعالم عموماً، مما اضطر المرأة أن تبذل مجهوداً إضافياً في العمل، وزاد من أعباء أخريات اضطررن لتحمل أعباء إعالة الأسرة ومساعدة الرجل في تأمين قوت العائلة وتربية الأطفال لعيش حياة كريمة".

وأضافت "أنا مديرة لمركزٍ مهني منذ عدة سنوات، لذا أدرك ما يعانيه الطلبة وأهاليهم، خاصة إن كانت النساء هن المسؤولات عن إعالة الأسرة، فالوضع المادي المتدهور أثر على تعليم الطلبة، فارتفاع الأسعار دفع بالبعض للانسحاب من المركز".

وأشارت إلى أنه كونها معيلة لعائلتها فإنها تواجه صعوبة كغيرها من النساء في تأمين متطلبات المنزل "الأجر الذي اتقاضاه لم يعد يكفي يوم أو يومين؛ فاضطررت لتأسيس مشغل للأشغال اليدوية الحرفية مع عدد من النساء، لتزيين المنازل، في محاولة منا لتأمين قوت عائلاتنا التي نتولى إعالتها، نأمل أن تتحسن الأوضاع وأن نعيش حياة كريمة".