"بيد واحدة"... ولاء نتيل تفتتح مشروعها الخاص في غزة

بالرغم من الصعوبات التي واجهتها والوضع الاقتصادي المزري، افتتحت ولاء نتيل مشروعها الخاص لتتحدى به المجتمع الذي يرى أنها عاجزة عن فعل أي شيء.

رفيف اسليم

غزة ـ تمسك ولاء نتيل الخيط بيد واحدة لتدخل حبات الخرز المكملة لأحد القطع التي ستسلمها في مساء ذات اليوم، وبخفة عالية تنهي عمل القطعة وحدها في حضور عائلتها التي تجلس محاوطة لها كي ترى كيف تصنع كلاً من القلائد، والتعليقات، وأسوار المعصم، والمسابيح، وغيرها من المشغولات التي تحصل من خلالها على مصروفها الشخصي بعد تسويقها عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولدت ولاء نتيل (19) عاماً، بإعاقة جزئية في يدها اليسرى، لكنها لم تشعر في يوم ما أنها تنقص عن غيرها من فتيات جيلها بشيء، بل أصرت دوماً على تقديم الأفضل خلال سنوات دراستها، والمشاركة بكافة الأنشطة، منها المعارض التي تقام لعرض المشغولات اليدوية للطالبات، لافتةً إلى أنها كانت تحظى باحترام ومحبة جميع من حولها سواء زميلاتها أو معلماتها.

ويعد أكثر ما يزعجها هو فضول البعض وأسئلتهم حول إعاقتها أو كيفية استعمالاها للمسطرة، فكثيراً ما كانت تجد إحدى زميلاتها تحاول لمس يديها، وأخرى تطلب منها الكشف عنها لترى ماهية شكلها، بحسب ما أوضحته ولاء نتيل، مضيفةً أنها لا ترى أن إعاقتها شيء محرج لتحاول إخفائه لكنها تشعر بالضيق من الأسلوب الذي تهاجم به، ومن التعليقات المستفزة التي توجه لها، وتشعرها بأنها غير سوية.

وقالت والدتها نداء نتيل لوكالتنا، أن ولاء نتيل أكبر ابنائها، وتعتمد عليها في كافة أعمال المنزل التي تنجزها ببراعة، وبدقة متناهية، وفي رعاية شقيقها الصغير الذي يعتبرها بمثابة أماً له، مضيفةً أن ابنتها أنهت الثانوية العامة لكنها لم تتمكن من إكمال دراستها الجامعية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تكابدها الأسرة، وهذا ما دفعها للبحث عن مشروع تستطيع من خلاله أن تحصل على مصروفها الشخصي.

وأوضحت ولاء نتيل أن فكرة المشروع كانت صدفة، فعند انهائها الثانوية العامة شعرت بضجر شديد لأنه لم يكن أمامها سوى أعمال المنزل التي لا تشغل سوى ساعات معدودة من يومها، فلمع ببالها وهي تقلب منشورات على موقع التواصل الاجتماعي، فكرة صناعة المشغولات اليدوية من الخرز خاصةً أن هذا النوع يلقى رواجاً واسعاً بين الشابات اللواتي يعتبرن مستهلك أساسي لتلك المقتنيات.

ولأنها لم تعرف الإحباط يوماً أو الكسل بدأت على الفور بفتح فيديوهات عبر اليوتيوب لتتعلم من خلالها وتعرفت على المواد الخام، فتقول أنها بعد ساعات ارتدت ملابسها، وذهبت إلى السوق وبحوزتها مبلغ قليل من المال، اشترت بهم الخيوط، والخرز، ومقص، ولاصق، ومستلزمات أخرى، ثم عادت إلى المنزل حاملة معها نشوة الانتصار لبدء رحلتها الجديدة.

وأشارت إلى أنها بعد امتلاكها ما تحتاجه أغلقت باب غرفتها، وانكبت على صناعة قطعتين كانت إحداهما قلادة، والأخرى ميدالية لتفاجئ بعد عدة ساعات أنها نجحت، وببراعة عالية، وكأنها تعمل على إنتاج تلك المشغولات منذ سنوات، مضيفةً أنها أنشأت صفحة جديدة خاصة بها على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشرت عليها صور ما صنعته، وطلبت من المتابعين الدعم لتتلقى طلب شراء لإحدى القطعتين.

تأخذ ولاء نتيل نفس عميق لتكمل حديثها، أنها دوماً ما تشعر بمحبة الناس، ودعمهم لها، فأكثر جملة تقال لها جمال ملامحك تخفي إعاقتك، وهذا ما يعطيها دافع قوي لتكمل ما بدأته، وترى أن الإقبال على منتجاتها مناسب خاصةً أنها تتلقى الكثير من الردود الإيجابية عبر رسائل الصفحة حول مشغولاتها، مما يجعل الزبون يكرر طلب المنتج لعدة مرات.

ومن الصعوبات التي تواجهها حسبما أخبرتنا هو توفير رأس المال لشراء المواد الخام في ظل الوضع الاقتصادي المزري، تضطر لشراء تلك المواد بشكل يومي أي حسب كل طلب.

وتحلم ولاء نتيل أن توسع مشروعها الحالي الذي بدأته منذ عدة أشهر فقط، بالإضافة إلى التسجيل لإكمال دراستها الجامعية بتخصص سكرتارية طبية؛ لأنه التخصص الأقرب من حلم الطب والتمريض الذي رغبته، لكنها لم تتمكن من دراسته بفعل إعاقتها، متمنيةً أن تستطيع الحصول على طرف صناعي عما قريب من إحدى المؤسسات الداعمة.