بقدمٍ واحدة تعمل على آلة الخياطة
أسماء أبو طير تتحدى الإعاقة والظروف المجتمعية المحيطة؛ لتفتتح مشغلها الخاص وتساهم في إعالة أسرتها.
نغم كراجة
غزة ـ بقدمٍ واحدة تجلس أسماء أبو طير على آلة الخياطة ولم تقف مكتوفة الأيدي تنتظر إغاثات ممن حولها، بل خرجت من رحم المعاناة تكافح لتحصل على عيش كريم؛ لتعيل نفسها وأسرتها التي باتت هي معيلتهم ومدبرة شؤونهم.
أسماء أبو طير 34 سنة أم لثلاثة أطفال، تقطن في جنوب مدينة غزة، فقدت إحدى قدميها عام 2014 في استهداف إسرائيلي للقطاع وتم تصنيفها ضمن ذوي الإعاقة الحركية، تقول "عندما بترت ساقي كانت حالتي الصحية سيئة للغاية، فسافرت إلى الأردن لرحلة علاجية استمرت عام كامل؛ لأن قدمي الأخرى تعرضت لتمزق الشرايين والأعصاب، وقمت بتركيب طرف صناعي عوضاً عن الذي بُتر، كما أنني خضعت للعلاج الفيزيائي الذي استغرق ثلاث سنوات".
وأضافت "بعد انتهائي من فترة العلاج، لجأت إلى فكرة إنشاء مشروع صغير وبسيط؛ لأساهم في المصاريف اليومية ومساعدة زوجي في تحمل أعباء الأسرة، فتوجهت إلى صناعة المعجنات والحلوى عام 2019 وأنشأت صفحة على الفيس بوك تحمل اسم فانتسيا، وبالرغم من توفقي بهذا العمل وإعجاب المحيطين بما أصنعه إلا أنه لم يستمر طويلاً حيث أنه أثّر على مفاصل قدمي بشكل كبير فاضطررت لترك العمل، والبحث عن مجال آخر أقل ضرراً".
وبينت أن إصرارها على العمل بالرغم من سوء حالتها الصحية عائد للوضع الاقتصادي المتردي في القطاع والذي ألقى بظلاله على العديد من الأسر نتيجة الحصار، موضحةً أن مؤسسات الجرحى لم تعترف بحقوقها حتى اليوم.
وأشارت إلى أن البداية كانت عام 2021 عندما أعلن مركز إرادة للتدريب والتطوير عن دورة الخياطة وتصميم الأزياء "تدربت لـ 6 أشهر متواصلة حتى حصلت على المراكز الأولى بين زميلاتي، وتم تمويلي لافتتاح مشروعي الريادي الصغير تحت اسم 'الفراشة' فبادرت باستئجار محل صغير بجانب منزلي، وشراء المعدات اللازمة للعمل".
وبينت أنها لاقت إقبال كبير على مشغولاتها؛ نظراً لبراعتها وخفتها، بالإضافة أنها تراعي الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الجميع وتحصل على مقابل مادي مناسب مبتعدةً عن السعي للحصول على ربح كبير.
وبالرغم من نجاحها بالعمل وتغاضيها عن الإعاقة إلا أنها لا زالت تواجه تحديات وصعوبات خلال عملها أبرزها حالة الإعياء التي تصيبها نتيجة الإجهاد، وإعاقة الطرف الصناعي لها أثناء العمل على ماكينة الخياطة، كما أنها تعاني من انقطاع التيار الكهربائي المستمر الأمر الذي يجعلها تسهر ساعات طويلة؛ لإنهاء طلبات الزبائن "أحتاج إلى كرسي كهربائي حتى أتمكن من الحركة، كما أنني لا أستطيع التسوق وشراء مستلزمات العمل إلا برفقة أحد من العائلة".
وترى أن "النساء والفتيات من ذوات الاحتياجات الخاصة قادرات على العمل والإنتاج لكنهن أكثر عرضةً للتنمر والضغط نتيجة النظرة الدونية السائدة، من جانب آخر نظرات الشفقة والضعف التي تأتي ممن حولنا، هناك العديد من المقربين اقترحوا على زوجي الزواج مرة أخرى كوني بقدم واحدة ويقولون إنني غير مناسبة له".
وتطمح أسماء أبو طير لتوسيع عملها، واكتساب مهارات جديدة، وتحقيق إنجازات أكثر تنوعاً، كما تتمنى تزويد المشغل بمعدات أخرى حتى تستطيع تشغيل عدد من النساء يخففن عبء العمل عليها، ومن جانب آخر تحسين الدخل وتوفير القوت لعوائلهن.