أول نقيبة فلاحين تدافع عن حقوق العاملات وتعمل من أجل نصرتهن

المزارعات هن الأكثر تعرضاً للأزمات بمختلف أنواعها وعلى رأسها العنف بأشكاله لكونهم خارج مظلة الحماية القانونية بشكل واضح.

أسماء فتحي

القاهرة ـ العمل على قضايا المزارعات أمر ضروري أعطته عدد من مؤسسات المجتمع المدني وخاصة النسوي منها اهتمام كبير لكونهن الأكثر تعرضاً للعنف والانتهاكات وتعملن في بيئة خطرة وتحتاج لتدخل جميع المعنيين بالملف.

سلطت رئيسة نقابة صغار الفلاحين بسملوط في محافظة المنيا، وأول نقيبة امرأة على مستوى مصر تدافع عن العاملات بالقطاع الزراعي هناء عبد الحكيم محمد، الضوء على تجربة دعم نقابتها العاملات في الأراضي الزراعية، وأيضاً التعرف على معوقات عملهن والأزمات التي تواجههن.

وكشفت الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها النساء، وما تقدمه النقابة التي ترأسها من خدمات لهن، خاصة إن نحو 95% من عضويتها المقدرة بنحو 700 امرأة و5% فقط رجال.

 

فكرة وجود امرأة في منصب نقيبة الفلاحين صعبة مجتمعياً... ما التحديات التي واجهتك إلى أن وصلتي لهذا المنصب؟

هو مسار صعب للغاية وأول التحديات بل والعقبات تمثلت في العادات والتقاليد، فالمجتمع بالصعيد لا يقبل بوجود امرأة في المناصب القيادية فما بالنا بالحديث عن القطاع الفلاحي.

وهناك صراع من قبل القيادات الذكورية هنا لوجودي أيضاً لكونهم يرون تولي النساء للمناصب القيادية خطر حقيقي يهدد نفوذهم، ويعتقدون أن المرأة يمكنها تشكيل تحالف نسائي يكون له القدرة على تهديد سيطرتهم الذكورية على القرية والتحكم فيها.

وصادفتنا الكثير من التحديات من الزوج ووالدته لكونهم يرفضون أن تتفتح عقول النساء على حقوقهن خوفاً من مطالبتهن لهم بها، ولكننا تجاوزنا جميع التحديات فقد بدأت النقابة بـ 50 امرأة والآن عدد عضوات النقابة 700 امرأة، فعضوية النقابة نحو 5% فقط رجال والباقي من النساء.

 

كونك امرأة على رأس نقابة الفلاحين... ماذا قدمتي للنساء في هذا القطاع؟

النساء بشكل عام تعانين ولكن العاملة الزراعية الأسوأ حظاً لعدم شمولها بمظلة القانون، وبالتالي لا توجد عقود عمل أو معاشات أو تأمينات أو أي سبل حماية أخرى.

كما أن طرق العمل غير آمنة فهناك عربية صغير تنقلهم بعدد قد يتجاوز الـ 50 شخص بينهم رجال وأطفال لمكان العمل إضافة للنساء، وهو ما قد يعرضهم للحوادث، كما أن الأم التي أنجبت حديثاً طفلها عادة ما يكون في خطر فلا توجد حضانات أو أماكن آمنة يمكنهن ترك الصغار بها.

والهدف من النقابة كانت توفير بيئة عمل آمنة كما قمت بعمل كارت متابعة لدى الأطباء بسعر مخفض وكذلك الفحوصات والتحاليل، وتمكنا من توفير القروض بدون فوائد لتستطيع النساء تأجير أرض وزراعتها فيصبح لديهن دخل مستقل.

كما نقوم بعقد تدريبات توعوية حول القوانين والتشريعات وبالتالي يمكنهن المعرفة أكثر عن العنف والتحرش وسبل مناهضتها، وتم تخصيص مكان بالنقابة لتلقي هذا النوع من الشكاوى.

 

تتضمن النقابة 95% من النساء... ما هي طبيعة عملهن وما الدعم الذي تقدمهن للأخريات؟

عدد كبير منهن عاملات تراحيل معرضات لجميع أشكال العنف والانتهاكات وبمجرد تأسيس النقابة شعرن بمساحة من الأمان وبدأن في التردد على المقر باعتباره ملاذا آمنا لهن.

والنقابة أيضاً من جهتها تمد يد العون لهن وتساندهن في أزماتهن أياً كان حجمها، وذلك من أجل مساعدتهن في خلق واقع أكثر أماناً لهن، ودعمهن في مواجهة ما يحدث لهن من انتهاكات وهن أيضاً أصبحن كذلك ترغبن في تقديم الدعم للنساء لحمايتهن مما قد يقع عليهن من أعباء ومخاطر.

وعن الأزمات التي تقعن بها فمنها العنف بأشكاله وخاصة التحرش والتمييز في الأجر، فالنساء تتقاضين أقل من نصف أجر الذكور رغم أنهن تعملن بطاقة ووقت أكبر.

وتمكنا من تأسيس حضانة تتبع النقابة للعاملات في الزراعة  لعدم توفر ذلك وفقد الأطفال أو مرضهم بسبب عدم وجود مكان آمن يمكنه استقبال الصغار.

 

نرغب في التعرف أكثر على المزارعات من خلالك... هلا رويتي لنا جانب من أزماتهن ونجاحاتهن

نحن نعمل معهن ولا نتركهن في جميع الأزمات فقد لجأت لنا مجموعة حرموا من الأجر لـ 5 أيام متصلة وبدورنا تواصلنا مع صاحب العمل وتم التفاوض معه والحصول على أجر العمال كاملاً الذي كان يرغب في خصمه منهن بحجة التأخير.

ونتيجة الغلاء الذي طال مختلف مناحي الحياة لم يعد الأجر كافي وهو الأمر الذي جعلني أتوجه لدعم النساء وتمكينهن اقتصادياً وإتاحة فرص عمل من خلال دورات تدريبية ومنها الخياطة وانتاج الحلويات وغيرها من المشاريع كالمخللات وبالفعل الكثيرات تمكن من فتح مشاريع بجانب عملهن.

وختان الاناث أيضاً مازال مستمراً ومستوى الصحة للنساء بشكل عام صعب جداً لكونهن لا تستطعن الحصول على الخدمات خاصة خلال فترة الحمل والإنجاب بشكل عادل، كما أن مكان العمل لا توجد به حمامات وأيضاً الطرق خطرة لا تصلح لعمل أو انتقال النساء.

ومسألة التملك نفسها تعد أزمة كبيرة لكونه "عيب" فالإرث لا تحصل عليه امرأة ويجعلها ضحية لزواج الأقارب وغيره من أجل منعها من الحصول على حقها.

وأهم النجاحات التي يمكنني ذكرها هو مواجهة النساء لهذا الواقع والانخراط في نقابة تمثلهن للمدافعة عن حقهن في بيئة عمل آمنة خالية من التمييز والعنف لهن.

 

عملت النقابة على الكثير من الأزمات التي تمر بها النساء... ما الذي تحتاجه المزارعات؟

النساء بحاجة لتوعية وفهم للقوانين ومختلف التشريعات خاصة تلك المعنية ببيئة العمل وما يحدث بها وسبل التعامل مع ما قد يواجههن فيها من انتهاكات وكذلك التحديات.

كما أنهن بحاجة لتطوير مهاراتهن في التعامل مع مصاعب الحياة والتفكير في حلول لما قد يواجههن من أزمات وعلى رأسها التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

فأنا مثلا أعمل في مجال التنمية منذ عام 2000 وبدأت مبكراً في التعامل مع مؤسسات المجتمع المدني وانطلقت في مسيرة من الوعي والمشاركة والتواجد حتى أصبحت الآن أول نقيبة للفلاحين في الصعيد وبالطبع كانت هناك الكثير من التحديات ولكنى كنت أستهدف تطوير الجمعية العمومية وتحقيق ما طمحت به من أجل واقع أكثر أماناً للمزارعات وهن كذلك معي الآن.