أسواق كرماشان لا تخلو من التحديات التي تواجه النساء

قالت صاحبات المحلات في سوق كرماشان شرق كردستان، عن تجاربهن في مجال الاستقلال المالي للمرأة والعنف والتحرش والوضع الاقتصادي والثقافي، إن المرأة قادرة على محاربة كافة المشاكل وإظهار قدراتها.

سمانة سعيدي

كرمشان ـ تحديات عديدة تواجهها العاملات في سوق كرماشان شرق كردستان وسعيهن لتحقيق استقلالهن الاقتصادي وأبرز هذه التحديات العنف، والاعتداء اللفظي والجسدي والجنسي، إضافةً للوضع الاقتصادي والثقافي للسوق في ظل أزمة اقتصادية تعاني منها إيران.

 

"الاستقلال المالي ركيزة أساسية للمرأة"

قالت هلیا مُبکی 25 عاماً التي تمتلك متجر ملابس نسائية في شارع كاشاني "بعد دراستي في مدرسة الموهوبين عملت في مجال التدريس وحصلت على شهادة البكالوريوس في الحقوق، وربما كان هذا أحد أخطاء حياتي، لأن مادتي المفضلة كانت الفن والكتابة، لكن للأسف تغير مسار حياتي ودخلت مجال تجريبي، ولأنني لم أكن مهتمة بهذا المجال لم أنجح به، ولهذا السبب كان الشيء الوحيد المتاح لي والذي كنت مهتمة به هو السوق ومحلات الملابس".

ولفتت إلى الاستقلال المالي للمرأة وتأثيره على حياتها الشخصية والاجتماعية "الاستقلال المالي هو بالتأكيد حاجة وركيزة أساسية جداً للمرأة خاصة بالنسبة للفتيات مثلي اللاتي يرغبن دائماً في أن يصبحن مستقلات بكل الطرق. إحدى الأسباب التي جعلتني أعتمد دائماً على عائلتي هي المسألة المالية وإحدى الطرق التي يمكنني من خلالها أن أجعل نفسي مستقلة عنهم ماليا، وعلى الرغم من أن وضع السوق ليس جيداً وكثيراً ما ألجأ إلى مساعدة عائلتي، إلا أنه لدي نفس الشعور بأنني أخيراً أعمل من أجل مستقبلي ويمكنني أن أكون كذلك شخص مفيد وهذا ما يغرس فيني الاكتفاء إلى حد ما".

 

"في المجتمع الإيراني المرأة هي الجنس الثاني"

وتناولت هلیا مُبکی أيضاً قضية نظرة المجتمع الإيراني للنوع الاجتماعي وانتقدت وجهات النظر الجندرية "على الرغم من أنني أعيش ظروفاً صعبة، إلا أنني ما زلت أقاوم، لأنه على أية حال، لسوء الحظ، المرأة في المجتمع الإيراني هي الجنس الثاني، وكثيراً ما أتعرض للمضايقات حتى السياسية على سبيل المثال، تعرضت للضغوط عدة مرات بسبب ملابسي، إضافة للنظر إلي على أنني الجنس الآخر وقد عايشت هذا الأمر في سوق العمل، كما عايشته وشعرت به في شبابي وأثناء دراستي ولكن مرة أخرى أرى أنه من الأفضل بكثير أن تكون مستقلاً مالياً، والشعور بالاكتفاء يرضيني إلى حد ما ولهذا السبب على الرغم من أنني لا أملك سوقاً جيدة، إلا أنني أواصل ربما يتحسن الوضع يوماً ما".

وبينت أن "هذه النظرة الجنسية في السوق من قبل التجار والمتسوقين، في الحقيقة هي نفس النظرة الجنسية التي أعيشها في الشارع، وكونني أملك خبرة في سوق العمل مثلهم أزعجني هذا الأمر حقاً، لكنه ليس جديداً ولن يجعلني أتراجع. التحرش اللفظي، الذي أصبح قضية مشتركة بين جميع النساء، أمر نتعرض له عدة مرات في اليوم، حتى داخل المحل ولكن نظراً لأن لدي متجراً للملابس النسائية، فأنا لا أتعرض للإيذاء الجسدي داخل المتجر، ولكن بالتأكيد إذا كان لدي ملابس رجالية وكان معظم العملاء من الذكور، فمن المؤكد أن التحرش سيصل إلى ذلك الحد".

 

"هدفي هو تأكيد قدرتي على العمل"

وترى أنه "في السوق والشارع هناك تحرش بكافة أشكاله، وأعتقد أن جميع النساء تتعرضن له، لكن هناك مضايقات أخرى موجهة لنا في مجال العمل وهي أنهم يقولون 'إنها فتاة، لا تستطيع' إنها نظرة مزعجة فعلى الرغم من وضع السوق والظروف الصعبة، إلا أنني ما زلت مستمرة وهدفي الوحيد هو التأكيد على إنني أستطيع".

وقالت إن على النساء ألا تتراجعن عن أهدافهن تحت ضغط المجتمع "لقد كنت دائماً مناضلة منذ إن كنت طفلة، أي أنني لم أرغب أبداً في التراجع في مواجهة المشاكل، وسوف أقاتل ضدها بقدر ما أستطيع، وإذا لم أحصل على النتيجة سأذهب بطريقتي".

 

"العمل والاستقلال المالي يؤديان إلى السلام والتواصل الأفضل"

من جهتها قالت فرحناز اللهیاری 45 عاماً والتي تمتلك محلاً لبيع الملابس النسائية في شارع كاشاني عن رأيها في ضرورة الاستقلال المالي والعمل خارج المنزل للمرأة وآثاره "آثاره إيجابية، لأنه سيتم توفير دخل مالي مستقل مما يساعد المرأة في التغلب على الاكتئاب جراء الجلوس في المنزل فتصبح أكثر هدوءً، وتتواصل بشكل أفضل مع الآخرين، وتصبح على دراية بالوضع والأخبار خارج المنزل، فالبقاء في المنزل مضر جداً للحالة النفسية ففي الخارج يمكنك تجربة الكثير من الأشياء ويحصل الشخص على المزيد من السلام".

ولفتت إلى أن إجبار المرأة على البقاء في المنزل يحبط الإنسان، ويجعله يبتعد عن المجتمع، متسائلةً "كيف يتم التواصل بين فئات المجتمع إذا بقيت المرأة محبوسة في المنزل؟ كما أن البقاء في المنزل يؤدي إلى الاكتئاب، أي أنك إذا بقيت في المنزل طوال الوقت ستصبح إنساناً مكتئباً لا يمكنك الشعور بالسعادة وبالتالي تصبح غير مسؤول".

وعن تجربتها في العمل بالسوق في محاربة الاكتئاب قالت "أحاول منذ عام أن أغير مزاجي وأتخلص من الاكتئاب بعد فقدان شقيقتي، ولقد استفدت كثيراً من العمل في السوق وأنصح جميع النساء بعمل شيء خارج المنزل قدر استطاعتهن لتحسين حالتهن النفسية والتعرف على المجتمع بشكل أفضل".