عاملات زراعيات تعانين من أوضاع معيشية هشة في شمال خراسان
لطالما كانت العاملات مضطهدات في إيران فقط لكونهن نساء، وتتعرضن للتمييز ولا تحصلن على ضمانات اجتماعية، وهن الأكثر عرضة للخطر والإصابة بسبب بيئة العمل غير الصحية.
سویدا خراساني
خراسان ـ في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تشهدها إيران وشرق كردستان، تعاني العاملات في الزراعة، من أوضاع معيشية هشة، وتتعرضن للاستغلال والتمييز.
منذ بداية التاريخ قدست الشعوب المرأة وشبهتها بالآلهة باعتبارها واهبة الحياة؛ فتولت إدارة المجتمع الزراعي، وأخذت مكانة روحية عظيمة بين الناس. كانت الأرض بالنسبة لهم هي الأم مصدر العطاء. الأم الأرض أول معبود اتخذته البشرية في كل مكان عُرفت فيه الزراعة وتدجين الحيوانات، ومع مرور الوقت والقضاء على المجتمع النيولوتي، تضاءل دور النساء في جميع المجالات حتى بتن مهمشات إلى درجة كبيرة.
ففي إيران لا توجد احصائيات دقيقة لعدد المزارعات، ولكن وفقاً لنتائج الأبحاث، فإن ما يقارب من 50% من الأنشطة الزراعية تقوم بها النساء حالياً، وعلى الرغم من أنهن تلعبن دوراً مهماً للغاية في الإنتاج الزراعي، إلا أنه بسبب قلة المعرفة والحرمان من التعليم والجهل بالحقوق الاجتماعية والحماية القانونية، تعانين من ظروف عمل مرهقة وعدم المساواة، ولا تحصلن على أدنى الحقوق بناءً على قوانين العمل، وليس هناك اهتمام بمشاكل المزارعات من قبل الحكومة.
بحسب الإحصائيات الرسمية لإيران، هناك 82 ألف نوع من المحاصيل الزراعية في محافظة خراسان الشمالية، نصفها تعمل فيها مزارعات، 90% من العاملين في زراعة وحصاد اللفت هم من النساء.
"ربيت أطفالي بالعمل بمفردي"
تقول مريم رباني البالغة من العمر 47 عاماً، التي تعمل في أحد حقول اللفت في ضواحي مدينة خراسان "لقد مرت 20 عاماً منذ أن تركني زوجي مع أطفالي، منذ ذلك الوقت وأنا أعيل أطفالي لوحدي وأؤمن قوتهم من خلال العمل الموسمي في الزراعة، فحالياً أنا أعمل في حقول اللفت والبصل والبطاطس والطماطم".
وكالعديد من النساء لم تحصل مريم رباني على التعليم وتعاني الكثير من الصعوبات إثر ذلك، لذا تلجأ للعمل في الزراعة، وخلال الأشهر التي لا تتوفر فيها الزراعة تكسب مريم رباني لقمة العيش من خلال العمل في المنزل ورعاية كبار السن مقابل أجور زهيدة، وتتكفل بنفقات أطفالها الأربعة دون أي رؤية للمستقبل أو تأمين العمل أو حتى المدخرات، وأوضحت أنه على الرغم من أنها تعاني من أمراض عدة كالمشاكل في القلب والربو، إلا أنها تفضل العمل والاعتماد على نفسها عوضاً عن طلب المساعدة من الآخرين.
"العمل في الحقول الزراعية تجعلني أعاني كثيراً"
وعن عملها في حقول اللفت تقول زهرة محمد بور البالغة من العمر 50 عاماً، أنها تعمل في الزراعة منذ 18 عاماً، لمساعدة عائلتها في كسب لقمة عيشهم في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة.
وأضافت "زوجي يعمل بالمياومة ولا يستطيع توفير مصاريف الأسرة جميعها، لذا أعمل على مساعدته في تأمين قوت عائلتنا وتوفير احتياجاته الأساسية، إلا أن العمل الشاق في الأراضي الزراعية تسبب لي بأمراض عدة، زوجي يملك تأميناً وضماناً اجتماعياً، ولكن بسبب قلة معرفتي بالحقوق الاجتماعية، لم أتخذ أي إجراءات للحصول كذلك على تأمين صحي وضمان اجتماعي، بالرغم من أنني أعمل بدوام كامل وبدون إجازة، وفي حال عملت لمنتصف النهار يتم تخفيض الأجر".
وقالت ابنتها التي تعمل معها في الأراضي الزراعية منذ 12 عاماً، "إنني أعمل مع والدتي في الأراضي الزراعية حتى نستطيع تأمين قوت عائلتنا، إثر التضخم المرتفع لم يعد الأجر المنخفض الذي يحصل عليه والديّ يكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية لـ 9 أشخاص، عندما تواجه صعوبة الحياة عليك العمل كعائلة للحصول على قطعة من الخبز حتى لا تكون في حاجة لأحد".
تعمل هؤلاء النساء جنباً إلى جنب مع الرجال خلال جميع أيام الزراعة، إلا أنهن أكثر عرضة للخطر والإصابة بسبب بيئة العمل غير الصحية وضغط العمل الكبير، لأنه بناءً على تقسيم غير مكتوب وغير متماثل للعمل في الوظائف الزراعية يكون الرجال أكثر احتمالاً للعمل في الصناعة والميكانيك، بينما تعمل النساء في الغالب في القطاعات التقليدية واليدوية، وعلى المدى الطويل بسبب العمل الشاق فإنهن تعانين من أمراض مختلفة مثل التهاب المفاصل في اليد والركبة.