المرأة التونسية في الصناعات التقليدية... ابتكار وإصرار على الاستمرار

لم تحافظ المرأة التونسية على الصناعات التقليدية فحسب بل ساهمت في تطويرها بالابتكارات والأفكار الجديدة واللمسات الحديثة

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ لم تحافظ المرأة التونسية على الصناعات التقليدية فحسب بل ساهمت في تطويرها بالابتكارات والأفكار الجديدة واللمسات الحديثة لترفع من نسب الإقبال على شرائها واستعمالها والاستفادة منها في تحقيق الاستقلال المادي.

تهتم التونسيات بالصناعات التقليدية والحفاظ عليها وتطويرها بمختلف أشكالها من ملابس، أغطية صوفية، أواني للزينة، مفروشات وزرابي، وتحف للديكور وغيرها ويعود اهتمامها بها إلى أهمية هذه المنتوجات من جهة وحرصها للحفاظ على حرفة الأجداد من جهة أخرى، وفي تونس كل منطقة لديها صناعات تقليدية تتميز بها تتعلمها المرأة من والدتها أو في مركز تكوين مختص في المجال.

وفي هذا الإطار تحدثت وكالتنا مع مجموعة من النساء الحرفيات على هامش صالون الابتكار في الصناعات التقليدية الذي انطلق في الثامن عشر من آذار/مارس الجاري ويستمر حتى 27 من الشهر ذاته.

قالت دليلة العبيدي صانعة الدمى المتحركة منذ أكثر من أربعين عاماً عن تجربتها "بدأت إعداد الدمى المتحركة عن طريق برامج الأطفال التلفزيونية، وصنعت الكثير من الدمى من الخشب والقماش".

وعن سبب اختيارها لصناعة الدمى أوضحت "الأمهات بحاجة إلى وسيلة سهلة لإيصال بعض المعلومات للأطفال، لأننا درسنا سابقاً بالصور وحالياً نحن نعيش في عصر الصورة".

وبخصوص إقبال الأطفال على استعمالها ومما تستوحي اختيار الأشكال التي تصنعها أكدت أن الأطفال يحبونها باستثناء عدد قليل منهم، والشخصيات التي ترسمها هي من المخزون الثقافي لأنها امرأة مثقلة بملامح مرسومة على أرصفة الطريق وفق تعبيرها، إذ نجد دمى ترتدي ملابس تقليدية لمختلف الجهات وأخرى لشخصيات برزت في التاريخ ولها علاقة بالفكاهة والفن.

وذكرت أن بعض المدارس التربوية تستعمل الدمى في التدريس وحبذا لو يتم تعميم ذلك على بقية المدارس وخاصة للأطفال في السنوات الأولى من عمرهم لمساعدة المعلم على إيصال المعلومة بسهولة.

وأضافت أنه يمكن استعمال الدمى المتحركة أيضاً في العلاج النفسي لبعض الأشخاص لأن المريض يشعر بالراحة عندما يخاطبها ويتجاوز الخجل أو الخوف من إفشاء الأسرار للأشخاص الطبيعيين.

وحول كيفية ترويج منتوجها قالت "أروج المنتوج بالسوق المحلية وكذلك بالخارج، وزرت العديد من المعارض في بلدان مختلفة منها الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الوجهة الأهم لتصدير منتوجاتي".

 

ابتكار وإبداع

اشتهرت محافظة الكاف بالمرقوم التقليدي وهو أحد أنواع المفروشات الصوفية المعروفة بجمالها وجودتها، وزينة سعدي إحدى النساء اللواتي ورثن إعداده عن والدتها وتفننت في ابتكار أنواع وأشكال جديدة تتماشى ومتطلبات العصر.

وعن عملها في هذا المجال قالت "منذ أكثر من أربعين عام وأنا أقوم بإعداد "المرقوم" و"الكليم" وأحاول أن أطور المنتوج برسوم جديدة تتماشى ومتطلبات العصر، وباتت منتوجاتي أكثر حرفية وجودة".

وفي ما يتعلق بالإقبال على شراء مثل هذه المنتوجات قالت "لدي محل بالقرية الحرفية بالكاف المدينة وأحظى بالإقبال على الشراء، إلا أن جائحة كورونا كان لها تأثير سلبي، كما نعاني من ارتفاع الكلفة التي أثرت على الأسعار ولكن رغم كل الصعوبات لن اتخلى ابداً عن حرفتي".

فأذ كانت زينة سعدي فنانة ومبدعة في ابتكار المرقوم فإن دليلة حرز اللاوي تحولت إلى مبدعة في استغلال المرقوم في صناعة الحقائب النسائية، فالمرقوم بالنسبة إليها هو تراث جهات بعينها ويجب المحافظة عليه بطرق أخرى مختلفة وأكثر تطوراً ويسهل ترويجها وبالتالي تكون مصدر رزق.

وعن الصعوبات التي تواجهها كحرفية أوضحت أن ضعف الترويج هو المشكلة الأساسية بالنسبة لها والترويج يكون أفضل إذ ما توفرت الحركية السياحية في البلاد.

 

 

من جانبها قالت صوفية شتالي "أعمل على تحويل جميع المنتوجات الصوفية القديمة من مفروشات وأغطية و"مرقوم" إلى أشياء جديدة بالاستعانة بالخياطة والنجارة والحدادة، وأعيد تدويرها لاستعمالها في إعداد اللوحات أو تغليف كرسي أو أدوات للديكور لإضفاء لمسات جميلة للمنزل".

وذكرت أنها مختصة في الخياطة ولديها ورشة تعمل فيها النساء بالمناوبة وأحياناً يصل عددهن إلى عشرين امرأة.

 

حرص ومثابرة

قالت زهور عون الله الوتر صاحبة ملابس زهور للصناعات التقليدية "أنا حريصة على تطوير الملابس التقليدية للتعريف بمنتوجات بلادي". لافتةً إلى أن المرأة بصفة عامة مثابرة أكثر في مجال الصناعات التقليدية ورغم جميع الصعوبات لديها عزيمة قوية وتسعى لتطوير منتوجها وتحسين وضعها.

وأشارت إلى أن جائحة كورونا أثرت سلباً على العاملين في هذا المجال، لذلك ترغب في تنظيم العديد من المعارض لمساعدتهم على تسويق منتوجهم وتجاوز الصعوبات المادية.

وبدورها قالت راضية سالمي أخصائية في تقطير الأعشاب أنها بدأت منذ ثلاث سنوات في عملها ضمن مجمع نسائي ثم أرادت أن تستقل عنه وهي حالياً تعمل بمفردها ولكن تواجه صعوبة لأنها تجمع الأعشاب من مناطق بعيدة بالجبال وتحملها على ظهرها لتعود بها إلى المنزل.

وطالبت راضية سالمي من السلطات مساعدتها على تطوير صناعتها بتوفير المعدات المطلوبة لتقطير الأعشاب وترويج المنتج.

وباتت المرأة التونسية أكثر حضوراً في قطاع الصناعات التقليدية وأكثر رغبة في الابتكار واصراراً على الاستمرار رغم جميع العراقيل والصعوبات.