المرأة اللبنانية تساهم في تخفيف الأزمة الاقتصادية بالعمل الزراعي

يمر الاقتصاد اللبناني بأصعب مراحله حيث أن أكثر من نصف اللبنانيين عاطلون عن العمل و60 بالمئة يعيشون تحت خط الفقر، ومعدل بطالة النساء في لبنان ارتفع إلى 26 بالمئة

كريستيان واكد 
بيروت ـ .
يعتبر لبنان ثالث بلد مثقل بالديون في العالم، حيث يواجه أسوأ أزمة اقتصادية ويتطلب خارطة طريق جادة لا يزال المسؤولون اللبنانيون يفشلون في تقديمها.
فبحسب بيانات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي، الذي بلغ 53 مليار دولار في عام 2019، بشكل غير مسبوق إلى 18 مليار دولار بنهاية عام 2020. 
وتجاوزت خسائر القطاع المالي 100 مليار دولار بينما يقدر بعض الخبراء أن لبنان سيحتاج الآن إلى خطة إنعاش بقيمة 63 مليار دولار مقابل 26 مليار دولار تحت تصرفه، وبحسب الخبراء الاقتصاديون فإن جميع البنوك اللبنانية معسرة الآن. أما الدين العام للدولة، فقد بلغ نحو 95 مليار دولار بنهاية أيلول/سبتمبر 2020.
بحسب هيئة الأمم المتحدة للمرأة فإن معدل بطالة النساء في لبنان ارتفع إلى 26 بالمئة، وهذا يعني بالأرقام المطلقة أن 132 ألف امرأة عاطلة عن العمل الآن في البلاد، بزيادة قدرها 63 بالمئة عن العامين السابقين.
الضرورة أم الاختراع كما يقول المثل، وعلى اللبنانيين واللبنانيات أن يستخدموا كل مهاراتهم من أجل الصمود أمام انهيار اقتصادهم؛ لكي يتمكنوا من وضع الطعام على موائدهم، على ذلك قررت العديد من النساء زراعة الأراضي التي يمتلكنها. 
أما أولئك اللواتي ليس لديهنَّ أراضٍ للزراعة فقد قمنَّ بشراء أحواض كبيرة ملأت الشرفات بجميع أنواع النباتات، كالبطاطا والطماطم والبصل والريحان والذرة.
هؤلاء النساء يتبادلنَّ البذور والنصائح مع جاراتهنَّ وهنَّ الآن يتذكرنَّ أكثر من أي وقت مضى أوقات الحرب حيث جمعتهنَّ الشدة والتقشف والمصاعب. 
فمع ارتفاع التضخم، تجد العديد من العائلات اللبنانية طريقة بديلة لمحاربة الجوع بزرع البذور أينما أمكنها، على أسطح المنازل، وفي الأراضي التي يمتلكونها، والشرفات.
من بين هؤلاء النساء فوز الريس (67) عاماً، تعيش في قرية حملايا الجبلية مع زوجها، ويملكان مكتبة صغيرة، لكن الأزمة الاقتصادية اجبرتهما أن يتحولا إلى العمل الزراعي "نحن نعيش في الجبل ولنا أراضٍ قابلة للزراعة بجانب المنزل، ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار قررنا أن نقوم بزراعة موسمية، ففي الشتاء لا نستطيع أن نعيش مما تقدمه لنا الأرض لأنه ليس وقت الحصاد. لدينا فائض ماء في فصل الخريف فهذا جيد لكي نزرع الملفوف، الفول والثوم، أما فصل الربيع فهو جيد لزراعة البقدونس والطماطم واللوبياء والكوسا والخضروات ذات الورقة العريضة".
أما عن الفوائد الأخرى التي جنتها من الزراعة تقول "الزراعة تساعد في قتل الملل وهي تساعدني على أن أبقى نشيطة فهي صديقتي ونوع من الرياضة، ومع انتشار وباء كورونا فهي توفر علينا الخروج من البيت للتبضع".
فيما قالت لوسينه ساروخنيان، (34) عاماً، وهي أيضاً من قرية حملايا أن الأزمة الاقتصادية في لبنان قاسية على الجميع وأنها وزوجها لم يكونا يملكان أحواض للزراعة لذلك جمعا الأخشاب لصنع أحواض شبيهة بتلك التي تباع في الأسواق بحيث تكون صالحة للزراعة "نزرع الخضار التي لا تحتاج لأدوات خاصة لريها فقد أصبح سعرها خيالي كالملفوف، والحوامض، الكيوي". 
وأشارت إلى أن زوجها يقبض بالعملة اللبنانية التي فقدت قيمتها، وأن زراعة الخضار والفاكهة إضافة إلى تربية بعض الدواجن هي إحدى الطرق لمواجهة الأزمة حيث الأسعار في الأسواق أصبحت خيالية "لا أمانع العمل بالزراعة فهذه الطريقة تساعد في إعالة الأسرة". 
لوسينه ساروخنيان تبقى متفائلة بأن الأزمة في لبنان ستنتهي لتعود الأمور إلى مجراها الطبيعي. فمهما كانت ظروف الحياة صعبة يمكن للمرأة أن تساهم في القطاع الزراعي، ويمكن أن تكون منتجة في الحقل ومن خلال هذا العمل تساعد الشركات المحلية على النمو وتقليل الطلب على الصادرات.