الحرف اليدوية فرصة لنساء فقدن الأمل في السوق الرسمية
تقول (معصومة. ر) إحدى العاملات في حياكة السجاد بالعاصمة الإيرانية طهران أن "الحكومة ليس لديها مجال لي ولأمثالي للنمو والتطور. لقد تم طردنا من كل مكان، لذلك عملت لبقية حياتي في ورشة لنسج السجاد".
شبنم توكلي
طهران ـ على الرغم من العقبات التي تواجهها المرأة في سوق العمل الرسمي والوضع الصعب الذي تواجهه النساء، وخاصة نساء الطبقات الدنيا، في توفير سبل العيش، فضلاً عن التمييز بين الجنسين في سوق العمل الرسمي، إلا أن نسبة كبيرة من النساء تخترن العمل في وظائف غير رسمية.
تعتبر جميع أنواع الوظائف غير الرسمية، من الحرف اليدوية كصناعة الدمى والنحت وبيع الزهور ونسج السجاد وغيرها، فرصة محدودة للنساء اللاتي لم يعد لديهن أمل في السوق الرسمية، وخاصة النساء في جنوب البلاد.
كان نسج السجاد في يوم من الأيام صناعة يدوية للنساء الريفيات والبدو، في غياب أزواجهن، فتعملن في نسج السلال والقماش والسجاد المزخرف. بينما لم يكن هناك أمل في سوق العمل الرسمي، استطعن كالمعتاد الاعتماد على قدراتهن ومهاراتهن للحفاظ على حياتهن، ثم تبعنها في النهاية بثمن بخس فتجار السجاد الرئيسيون هم الذين يحصلون على أرباح ضخمة، ونتيجة 13 ساعة من العمل اليومي للنساء في نسج السجاد آلام في القدمين، وأيدي متعبة ومتصلبة، ودخل قليل يستخدم لمعالجة الإصابات طويلة الأمد الناتج عن العمل الشاق والمرهق.
تقول معصومة. ر البالغة من العمر 28 عاماً، وتعمل في ورشة لنسج السجاد منذ بداية حياتها المهنية "أنا حاصلة على بكالوريوس في الإدارة، أنسج في هذه الورشة بعد أن توفي زوجي منذ 3 سنوات"، موضحةً "عدت إلى عائلة والدي مع طفل صغير، كان والدي كبيراً في السن ولم أرغب في أن أكون عبئاً عليهم مع طفل، لذلك بدأت العمل بمفردي ومن ناحية أخرى، لم أكن أريد أن تكون هناك شائعات ورائي بأن شخصاً ما سيراني خارج المنزل في منتصف الليل ويختلق قصة. في هذه الأحياء القديمة، أنت دائماً تحت مجهر الناس، خاصة إذا كنت امرأة وإذا كان زوجك متوفياً أو مطلقة، ولم أكن امرأة تجلس خاملة في المنزل، ولهذا بحثت كثيراً عن عمل يناسب ظروفي وسمعت بالصدفة من أحد جيراني أنهم بدأوا ورشة النسيج".
وأضافت "لم تمنحني الحكومة وأمثالي مجالاً للتطور والتقدم، لقد تم طردنا من كل مكان كما لو كنا أطفال غير مرغوب بهم ولم تكن حياتنا مهمة لأي شخص، لكن في الورشة، قدمت إحدى النساء التدريب اللازم لي وحصلت على الوظيفة بسرعة كبيرة وبدأت العمل هنا".
ولفتت معصومة. ر إلى أن "ورشتنا هي منزل النساء اللاتي حياتهن مليئة بالصعوبات، جميعهن عانين، وبسبب هذا، فإنهن متشابهات جداً مع بعضهن البعض، والكبيرات في السن تشتكين من آلام في أرجلهن وأذرعهن وظهورهن، ليس لدينا أي وسيلة ترفيه سوى المحادثات العرضية مع بعضنا البعض، ووقت فراغنا هو الغناء والمزاح والضحك ونحافظ على معنوياتنا بهذه الأشياء الصغيرة".
وترى أن العمل يجعلهم يستمرون في الحياة "عندما أجلس خلف هذه السجادة، أنسى كل أحزاني ومشاكلي، ونساعد عائلاتنا في تأمين احتياجات المنزل في ظل هذا الوضع الاقتصادي المتدهور، ولا أريد لطفلي أن يكبر بمساعدة أحد أو يشعر بغياب الأب على الأقل هنا أستطيع أن أعتني بطفلي بنفسي".
وبينت أنه "نجلس خلف هذا النول لساعات طويلة من اليوم، طاقتنا وشبابنا وصحتنا تستهلك شيئاً فشيئاً مثل هذه الخيوط، وفي النهاية السجادة التي يتم إعدادها بالعمل الجاد، والربح الرئيسي يذهب إلى جيب صاحب العمل، صحيح أن المواد منه، لكن الربح الذي يحصل عليه من عملنا هو عدة أضعاف الراتب الضئيل الذي نحصل عليه، بينما نحن صنعناه بأيدينا. ربما يعتقد شخص ما في نفسه أن السجادة لها سعر جيد في السوق وربما دخلنا هنا جيد جداً، لكن الأمر ليس كذلك".
وأشارت إلى الأمراض التي يسببها العمل في نسج السجاد "المسنات اللاتي قضين شبابهن في نسج السجاد، جميعهن تقريباً تعانين من مشاكل مثل آلام العين، وآلام القدم، وآلام الظهر، ولأن تكاليف العلاج مرتفعة للغاية، فإنهن لا تستطعن تحملها للذهاب إلى الطبيب وعليهن مواصلة العمل بنفس الوضع. هنا نجلس لساعات، ولهذا السبب فإن صحة عظامنا معرضة للخطر، إحدى مشاكلنا الأخرى هي بيئة الورشة التي نأتي إليها ونصاب بالصداع، هناك العديد من المشاكل على أي حال، حاجتنا المالية لهذا العمل هو أكثر من ذلك بكثير. العديد من هؤلاء النساء تدرن حياتهن بأنفسهن. كما أن العديد منهن تساعدن الأسرة".
واختتمت حديثها بالقول إن "العمل الذي يتطلب موهبة وقدرة خاصة به يلعب دوراً بارزاً في مواصلة عملنا الشعور بأن هناك فائدة في هذه الحياة".