الفطر البري... مصدر رزق موسمي لنازحات في إدلب
مع انتصاف فصل الشتاء وتشكل الضباب على السهول والمروج والوديان والتي أضحت بيئة مناسبة لنمو الفطر البري
سهير الإدلبي
إدلب ـ ، اتجهت الكثير من النساء النازحات لجمع الفطر والاستفادة مما يبعنه في الإنفاق على أطفالهن وسط الظروف المعيشية القاسية التي يواجهنها في مخيمات النزوح بإدلب.
اعتادت رائدة خليل (32) عاماً الانطلاق مع ساعات الصباح الأولى باتجاه الأراضي الزراعية والحراجية القريبة من مخيمها في كفر عرق شمال إدلب للبحث عن الفطر البري، وهي لا تجد أن الأمر سهلاً إذ يتوجب عليها أن تجوب الأراضي الواسعة، وتسير مسافات طويلة في رحلة البحث عن كميات وافرة من الفطر، من أجل بيعها والاستفادة من عائداتها بجلب بعض الاحتياجات لأطفالها الأربعة في نهاية المطاف.
تقول إنه بعد نزوحهم عن بلدتهم صوران بريف حماة الشمالي فقد زوجها عمله في الأراضي الزراعية التي كانوا يملكونها، ولم يعد لديهم من عمل يساعدهم في تحمل الأعباء الكبيرة التي ألقيت على كاهلهم "الغلاء يثقل الأبدان، والفقر ينهش حياتنا بلا رحمة، لم نعد نستطيع تأمين قوت يومنا في كثير من الأحيان".
وتضيف أن موسم جني الفطر البري شكل مصدر رزق لعائلتها وللكثير من الباحثين عن فرصة عمل ومصدر رزق وسط انعدام فرص العمل وقلة وسائل الدخل.
تبيع رائدة خليل الكيلو غرام الواحد من الفطر بمبلغ (25) ليرة تركية إلى أصحاب محلات الخضار وأحياناً ترسل ابنها أكرم البالغ من العمر (12) عاماً لبيعها في السوق بنفسه للزبائن مباشرةً خوفاً من استغلال أصحاب المحلات وشرائه بمبالغ ضئيلة.
من جهتها تواجه سعدية الجبان (40) عاماً وهي نازحة من قرية الرفة ومقيمة مع أبنائها الخمسة بمخيمات قاح صعوبة في تمييز الفطر السام من الفطر الجيد وتقول" لست على خبرة جيدة بمعرفة أنواع الفطر، وأخشى عدم التفريق بينهما وأن أكون سبباً بأذية أحد، ولكنني أتوخى الحذر في اختيار أنواع محددة من الفطر وهي الأنواع التي أعرف مواصفاتها وأنها صالحة للأكل بينما أمتنع عن قطاف الأنواع الأخرى التي أجهلها".
وتشير إلى وجود الفطر بكثرة في مناطق متعددة من ريف إدلب الشمالي، غير أن عملية البحث عنه لا تخلو من المخاطر لنموه في المناطق غير المأهولة بالسكان حيث القنابل غير المتفجرة من مخلفات الحرب والكلاب الشاردة.
ولا يقتصر جمع الفطر البري على النساء بل الأطفال أيضاً والذي غالباً ما يشاهدون ضمن مجموعات لجمع الفطر وبيعه أو تحضيره كوجبة غداء لذيذة ومجانية إن لم تكن الكمية التي تم جمعها كبيرة.
الطفل وائل المحمودي (11) عاماً ينتظر موسم الفطر بفارغ الصبر كي يجمعه ويتمكن من مساعدة والدته بتحمل بعض أعباء الإنفاق من عائداته، ويقول "ليت موسم الفطر يستمر طوال العام، إنه موسم وفير ولا يحتاج إلى عناء كبير".
وعن فوائد الفطر وكيفية التميز بين أنواعه تقول الخبيرة الغذائية داليا حاج حميدان أن الفطر يعتبر من الأغذية قليلة السعرات الحرارية ومصدر جيد للألياف والبروتين وغني بالبوتاسيوم وفيتامين ب، ويعزز مناعة الجسم والوقاية من الأمراض التنفسية، كما أنه يتمتع بقدرة على محاربة السرطان وتدمير الخلايا غير الطبيعية في الجسم، ورغم صغر حجم الفطر إلا أنه يلعب دور فعال في الحفاظ على الصحة والتوازن البيئي.
وتوضح أنه ليس من السهولة التفرقة بين الفطر السام والغير سام إلا عن طريق معرفة بعض الصفات المتعلقة بكلا النوعين، فالفطر السام له خياشيم بيضاء في المنطقة الموجودة تحت القبعة التي تحمل عادة اللون الأحمر وتكون له رائحة كريهة، بينما يحمل الفطر الصالح للأكل اللون البني المائل للسواد ذو الرائحة المنعشة.
ومع زيادة أوضاع مخيمات إدلب سوءاً كشف فريق "منسقو استجابة سوريا" أن الأوضاع الإنسانية متدهورة وشهدت ارتفاعاً في الأسعار وزيادة نسبة البطالة.
وقال الفريق في تقرير له إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 400 بالمئة، في حين ارتفعت أسعار المواد غير الغذائية بنسب 200 بالمئة، وارتفعت أسعار المحروقات بنسبة 350 بالمئة، وزادت أسعار الخبز بنسبة 300 بالمئة.
وأضاف التقرير أن معدلات الفقر وصلت إلى مستويات قياسية، حيث تجاوزت الـ 90 بالمئة، موضحاً أن أعداد الأسر التي خفّضت عدد الوجبات الأساسية وصلت نسبتها إلى 65 بالمئة، في حين وصلت ضمن المخيمات إلى 89 بالمئة.