آلاء وياسمين تواجهان البطالة بـ"باركود الحظ"
لانعدام الأمن الوظيفي ما بعد انتشار فايروس كورونا ومواجهة معضلة البطالة وتحديد مصدر دخل خاص ومستقل، ابتكرت كلاً من آلاء عاشور وياسمين الحويحي مشروع "باركود الحظ"
رفيف اسليم
غزة ـ .
لمعت فكرة العمل على مشروع "باركود الحظ"، عندما كانت تنقل آلاء عاشور وياسمين الحويحي عيناهما من مكان لآخر في الفراغ المحيط بهن، تجدان بداية توصلهن إلى فكرة مميزة لتنسيق هدية لصديقتهن، عشر دقائق أو أكثر قد مر على هذا الحال حينما قطع ذلك الصمت صوت آلاء وهي تطلب زجاجة الماء البلاستيكية، لتقع عيناها على الورقة البيضاء ذات الخطوط الطولية الملصقة على العبوة وتقول بضحكة ساخرة "ما رأيك أن نضع باركود كهذا على الهدية"، لتستقبل ياسمين الفكرة بجدية وتبدأ بالبحث عبر الانترنت عن كيفية تنفيذها.
آلاء عاشور ذات الـ 26 عاماً التي لم تأخذ الفكرة في البداية على محمل الجد وبدأت بالبحث مجاراة لصديقتها، تقول إنه بعد الاطلاع المكثف عبر محرك جوجل ومنصة اليوتيوب وجدت أن هناك طريقة ممكنة لصنع الباركود، ملفتةً أن تخرجها من كلية الاقتصاد بدرجة الماجستير فرع "إدارة أعمال"، وتخرج صديقتها ياسمين الحويحي (24 عاماً) أيضاً من الكلية ذاتها فرع المحاسبة، جعل الأمر صعب عليهما لأن لا علاقة لتخصصهما في صناعة الأكواد البرمجية واستخدام برامج الحاسوب الخاصة بتصميمها.
وعن سبب اتجاه الفتاتان لتحويل تلك الفكرة إلى مشروع، لفتت آلاء عاشور إلى أن انعدام الأمن الوظيفي ما بعد انتشار فايروس كورونا، وهذا إن وجدت الوظيفة أمر مرعب فخشيت أن تجد عمل ثم يتم الاستغناء عنها بحجة اكتفاء المؤسسة بعدد محدد من العاملين لديها، مقررة هي وصديقتها التفكير بمشروع ناجح خاص بهما لا تطردان منه بعد سنوات من العمل والمثابرة، خاصةً أن معدل البطالة في قطاع غزة قد بلغت نسبته (45.1%) وذلك بحسب التقرير الأخير لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني.
وبالعودة لتنفيذ فكرة الهدية توضح آلاء عاشور أنها خلال أيام تعلمت كيف تصنع باركود مستعينة بهاتفها الذكي وبتطبيق رفضت ذكر اسمه، كما استطاعت بالشراكة مع ياسمين الحويحي إنتاج العديد من التصميمات المميزة لتفاجئا صديقتهما في يوم ميلادها بهدية مليئة بشيفرات، مكملة أن الاستغراب كان ظاهراً على ملامح الفتاة عند فتحها للهدية وقد ازداد عندما نصحتها بتحميل تطبيق قراءة الأكواد، فيما كانت آلاء تتابع حماسها عند فكها لكل رسالة وقراءتها للكلمات المكتوبة أو مشاهدتها للصور والفيديوهات.
وتقول آلاء عاشور أن الباركود عبارة عن رمز شريطي أي مجموعة من الخطوط الطولية أو العريضة، وهو تمثيل ضوئي لبيانات قابلة للقراءة من قبل الحاسوب مثل الأرقام والحروف، يمثل البيانات في مناطق العرض والفراغات بين الخطوط المتوازية، ويمكن أن نطلق عليها الرموز أو الشفرات الخيطية أحادية البعد، ويستخدم في المجالات التجارية بكثرة لقراءة أسعار المنتجات في نقاط البيع الكبيرة كـ المولات التجارية.
وأشارت آلاء عاشور إلى أن المشروع لم يلقى اهتمام كبير ودعم لا من قبل عائلتها ولا عائلة صديقتها، مما زاد إصراهما على النجاح فقامت بإنشاء عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أسمتها "باركود الحظ"، كما أجرت إعلان ممول واحد لتعرف مدى نجاح هذا المشروع وكيف سيستقبله المجتمع في غزة، ملفتةً أن هذه الطريقة في توصيل الهدايا ليست جديدة وقد استخدمت من قبل في بلدان مختلفة ولاقت قبولاً واسعاً.
تضيف آلاء عاشور والفرحة تتلألأ في عينيها، بعد عدة ساعات فقط من الإعلان عن "باركود الحظ" تلقت طلبان لعمل باركود خاص بهديتين مختلفتين، ثم تتابعت الطلبات وقد شعرت حينها بفائدة تلك المحاولات عند تلقيها أول مبلغ مادي من مشروعها، مشيرةً أنها أوقفت الإعلان الممول في الفترة الحالية لتحضير حفل تعلن من خلاله عن افتتاح متجر "باركود الحظ"، مستعينة بعرض أعمالها السابقة من تجهيز مختلف الهدايا وتحضير حفل ماجستير خاص بإحدى صديقاتها لتكون كل الترتيبات مرتبطة بباركود خاص يفكها الزائر.
تنهي آلاء عاشور تنسيق تلك الهدية لتضعها على الرف وتكمل أنها منذ صغرها وهي تحب تغليف الهدايا وتنسيقها والرسم على الورق، لكن فكرة متجر بيع الهدايا وحدها ليست كافية في قطاع غزة لأن المتاجر المتخصصة في تلك الأمور تكاد لا تعد لذلك ويجب أن يكون هناك شيء مختلف ليقبل الناس على الشراء، مضيفةً أنها ستستثمر مواهبها خلال مشروعها الخاص وستقوم بتدعيم أفكارها سواء في تجهيز أماكن الاحتفالات أو الديكورات من خلال رسمها على الورق لتكسب ثقة الزبون.
فيما ترى ياسمين الحويحي أنه يجب على الخرجين أن يتجهوا للمشاريع الخاصة ذات الأفكار المبتكرة أياً كانت لتخفيف نسبة الفقر التي بلغت نسبتها للعام 2020 ما يقارب الـ 75% في قطاع غزة، مضيفة أن التخصص الجامعي ليس شرط للحصول على العمل بل هو بداية الطريق للتفكير بالاستقلال وتحديد مصدر دخل خاص لكسب المال من خلاله، خاصة أن الانترنت والمنصات الإلكترونية بمثابة مدرسة لتعليم أي شيء يرغب الإنسان بإتقانه وذلك ما حدث معها بالفعل.