تونسيات تعلن تضامنهن مع انتفاضة النساء ضد قمع واستبداد النظام الإيراني

نددت النسويات في تونس بمقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في إيران، ودعين إلى إطلاق حملة تضامن تساند المرأة الكردية وكل النساء المضطهدات.

زهور المشرقي

تونس ـ أعلنت ناشطات وحقوقيات تونسيات تضامنهن مع الإيرانيات في انتفاضتهن ضد قمع واستبداد السلطات والمطالبة بحقوقهن المسلوبة.

نظمت ناشطات وحقوقيات تونسيات بمشاركة جمعيات نسوية، مساء الجمعة 30 أيلول/سبتمبر، وقفة احتجاجية تضامناً مع النساء في إيران وانتفاضتهن ضد السلطات بعد مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في البلاد، أمام المركز الإيراني الثقافي بتونس.

ونددت التونسيات بحملة الاعتقالات التي طالت النساء في الفترة الأخيرة وبقمع السلطات للاحتجاجات التي جابت مختلف مدن إيران وشرق كردستان، ورددن شعارات طالبت النسويات في مختلف دول العالم لإطلاق حملة تضامن عالمية تندد بالوضع الذي تعيشه النساء في إيران في الآونة الأخيرة.

وأصبح قص الشعر رمزاً لانتفاضة المرأة؛ حيث ظهرت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات في تونس نائلة الزغلامي وهي تقص شعرها خلال الوقفة الاحتجاجية.

وقالت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي لوكالتنا "مشاركتي في الوقفة الاحتجاجية هو تعبير عن تضامني مع حقوق النساء في إيران، نرفض بشدة أن تمارس الوصاية على المرأة، نناضل من أجل أن تحفظ للنساء مكانتهن وكرامتهن في المجتمع".

وأوضحت على أن "الوقفة تأتي للتعبير عن التضامن مع الإيرانيات واليمنيات والسعوديات والأفغانيات والباكستانيات وتنديداً بممارسة أي رقابة على أجساد النساء في إطار حقوقهن الكونية"، لافتةً إلى أن النساء وحدهن من يقررن تغطية أجسادهن من عدمه لاعتبارها ملكاً لهن فقط.

وشددت على إنه يجب مساندة ودعم الحريات الفردية، معبرةً عن التضامن الواسع واللا مشروط مع الإيرانيات في انتفاضتهن ضد قمع واستبداد الأنظمة الرجعية التي تستعبد النساء.

وأكدت "نحن نسويات متضامنات ضد كل العقليات البطريركية الرجعية وضد كل الفكر الرجعي المتخلف الذي لا زال يختزل المرأة في جسدها أو شعرها أو في جزء من جسمها، أنتن لستن وحدكن، نحن معكن متضامنات وسنبقى على عهدنا لإيماننا بالفكر النسوي والحر وبالتضامن النسوي الواسع"، مشيرة إلى أن قص شعرها هو شكل من أشكال الاحتجاج.

 

 

من جانبها عبرت المديرة التنفيذية لجمعية "أصوات نساء" سارة بن سعيد، عن مساندتها للنساء الإيرانيات في ثورتهن ضد ما تتعرضن له من سحل وقتل وقمع وسلب للحرية، مشيرةً إلى أّن الحركة النسوية التونسية بدورها متخوفة على المكاسب والحقوق التي حققتها النساء طيلة سنوات حيث باتت مهددة في ظل حكم الرئيس الحالي قيس سعيد، خاصة منذ صدور الدستور الجديد والقانون الانتخابي الاقصائي الذي همّش المرأة بصفة علنية.

وأكدت سارة بن سعيد، أن جمعية أصوات نساء لاعتبارها جزءاً من الديناميكية النسوية عبرت عن رفضها للقانون الانتخابي وستشارك في التحركات المقررة تنديداً بما وصفته بالقانون الجائر الذي حرم المرأة من العمل السياسي والمشاركة في الحياة العامة وهي خطوات ستنسف سنوات من نضالات الحركة النسوية التي ناضلت من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين.

ولفتت إلى أن القانون الجديد خلق هوة بين الجنسين وسيتصدر الرجال المشهد على حساب النساء، معتبرةً أنّ القانون الانتخابي سيكون عبارة على مجالس بأغلبية أبوية بحتة بعيداً عن المشاركة العادلة للنساء وسيعطي الحظوظ الأكبر لأصحاب الأموال والوجاهة في مختلف الجهات وسيكون حاجزاً أمام صعود النساء إلى البرلمان، داعيةً لتنقيح هذا القانون بصفة عاجلة لتعمده إقصاء المرأة من الحياة العامة والسياسية.

 

 

وبدورها نددت الناشطة النسوية والحقوقية وعضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أحلام بلحاج، بما تعيشه الإيرانيات اليوم من قمع وعنف بسبب رفضهن لسياسة الوصاية على أجسادهن، معتبرةً أن حرية التصرف في الجسد حرية يجب أن تكفلها كل القوانين الدولية، مشيرةً إلى أن مثل هذه الانتهاكات لا تعيشها ايران فقط بل دول كثيرة تعاني فيها النساء جراء هذه التدخلات القمعية.

وتطرقت إلى أهمية التضامن النسوي العابر للحدود "إن جوهر العمل النسوي هو التضامن، دون التضامن لا يمكن الحديث عن النسوية، لو هناك أمل في تحقيق مطالبنا وضمان حقوقنا وحرياتنا فبالتضامن فقط يمكننا فعل ذلك".

 

 

وبدورها قالت غفران بينوس وهي ناشطة نسوية وحقوقية أن "الوقفة جاءت تنديداً بقمع الحكم الديكتاتوري والرجعي الخامنئي للنساء في إيران"، معبرةً عن أسفها من تواصل قمع النساء واستعبادهن بسبب لباسهن، في إطار وصاية مقيتة على أجسادهن التي خرجت الآلاف في طهران لتحريرها دون خوف.

وأضافت "اليوم رحلت مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق ولا نعرف غداً ماذا سيحدث"، داعيةً إلى توسيع دائرة التضامن "التضامن النسوي شيء مهم ولاحظنا الضغط الحاصل بسبب الاحتجاجات في كل العالم بعد مقتل مهسا، قوة النساء قادرة على تغيير الواقع ومحاربة الأفكار المتخلفة".

 

 

وشددت الصحفية رحاب بوخياطية، على أنه حان الوقت للتضامن مع الإيرانيات لوقف آلة الاستهداف للنساء التي برزت مع بداية النظام الخامنئي وهيمنته على الحكم، داعيةً النسويات حول العالم إلى تكثيف المساندة للإيرانيات اللواتي تعتبرن معزولات عن العالم الخارجي "تحركنا اليوم هو رسالة للإيرانيات أنهن لسن وحيدات نحن معهن وسنواصل دعمهن ونشعر بمعاناتهن".

وعن أهمية المساندة أوضحت أنها بمثابة الضغط على النظام الإيراني رغم كمية القمع المسلط على النساء والمعارضة ومختلف الفئات في تلك الرقعة الجغرافية حيث أن النظام لم يرضخ بعد وواصل استهتاره بالغضب الشعبي ولامبالاته بالاحتجاجات.

وعن الممارسات التركية الاستفزازية والقمعية تجاه الكرد والنساء خاصةً في شمال وشرق سوريا، تقول أن الانتهاكات التركية تتمظهر في أشكال متعددة من بينها استهداف الكرديات وحملات الاعتقال والتنكيل والتهجير القسري، مؤكدة أنه من المؤسف أن لا يصل صوت الكرديات إلى العالم وهن من يعشن مآسي إنسانية وتضحيات من أجل البقاء في أرضهن المحتلة، واصفة النظام التركي بالاستبدادي "نتمنى أن تكون وقفتنا من تونس حملة تضامنية كبرى للنساء الكرديات".

 

 

كما أكدت أسرار بن جويرة وهي ناشطة نسوية وحقوقية تونسية، تضامنها مع الإيرانيات اللواتي تقتلن من أجل حرياتهن الجسدية وتناضلن من أجل إلغاء القوانين المجحفة، مشيرةً إلى أن أكثر من ستين امرأة قُتلت على يد النظام الإيراني، لكن النساء لم تخفن تلك الردة وواصلن الاحتجاج على مقتل مهسا أميني ومن أجل حرياتهن، موجهة رسالة للإيرانيات مفادها "الحقوق تفتك ولا تهدى، واصلن النضال ونحن معكن".

واعتبرت أن التضامن النسوي مهم للضغط على الدول الرجعية لفك حصارها على النساء ولتركهن يمارسن حياتهن الطبيعية دون وصاية ورقابة، لافتةً إلى أن النساء عبر العالم تتواصلن مع بعض للتنديد بكل الانتهاكات والتجاوزات التي تطالهن في أي رقعة.

 

 

وقالت ناشطة نسوية وعضو لجنة تنظيم التحرك النسوي أسماء معتمري أنّ التحرك جاء لكسر عزلة النساء في إيران اللواتي تتعرضن لأبشع الجرائم من قبل النظام الإيراني الذي تفنن في التنكيل بهن.

وأكدت أن الوقفة جاءت لتوجيه صيحة فزع للنساء التونسيات مفادها أن الإيرانيات قبل الثورة الإسلامية كن متحررات تقدميات وتدرسن بأفضل الجامعات ولكن الوضع اليوم بات عكس ما كان عليه، مشيرةً إلى أنه اليوم في تونس تعيش المرأة وضعاً مشابها حيث أن الحقوق والحريات وكل المكاسب باتت مهددة، معتبرةً أن خطاب الخامنئي شعبوي لا يبعد كثيراً عن خطاب النظام اليوم في تونس.

 

 

وحول التضامن النسوي، شددت على أنه في ظل ما تشهده الحركة النسوية عبر العالم من نكسة وهجمة من قبل الخطاب الفاشي الرجعي فلا بد من وجود تضامن نسوي، مشيرةً إلى أن حقوق النساء باتت مهددة في كل بقاع الأرض نتيجة المد الرجعي الخطير ما يحتم تضاعف التضامن النسوي للمحافظة على بعض الحقوق واسترجاع الضائعة منها.

واندلعت على إثر وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في إيران بذريعة عدم ارتدائها الحجاب الإجباري "بشكل جيد"، احتجاجات جابت مختلف مدن شرق كردستان وإيران، وعلى ذلك دخلت الحركات النسوية في تونس وكافة أنحاء العالم على الخط للتأكيد على تضامنهم مع الإيرانيات في انتفاضتهن.