جلسة حوارية في السويداء تناقش واقع المرأة والتحولات الاجتماعية
ناقشت الجلسة الحوارية التي نظمت في مدينة السويداء السورية قضايا العنف بأشكاله المختلفة، علاقة المرأة بالقانون، وتطور دورها في المجتمع.
روشيل جونيور
السويداء ـ شهدت الجلسة الحوارية التي نظمت تحت عنوان "المرأة بين الأمس واليوم: رحلة التحول في الثقافة والمجتمع"، مداخلات متنوّعة أكدت على أهمية الحوار والشفافية، وطرحت حلولاً عملية وقانونية لتعزيز مكانة المرأة وضمان حقوقها في مواجهة التحديات.
نظّمت المنظمة الدرزية العالمية بالتعاون مع مجلس المرأة السورية في مدينة السويداء السورية جلسة حوارية أمس الاثنين الثامن من كانون الأول/ديسمبر، ناقشت خلالها قضايا محورية تمس واقع النساء، بدءاً من أشكال العنف المتعددة وسبل التصدي لها عبر إصلاح القوانين، مروراً بالتحديات الناجمة عن البنى القبلية والعشائرية، وصولاً إلى عرض مسرحي جسّد أشكال العنف، ولا سيما العنف العاطفي الذي قد يقود إلى نهايات مأساوية.
ناقش المشاركون ثلاثة محاور رئيسية تمس واقع المرأة السورية، العنف ضد المرأة، علاقة المرأة بالقانون السوري، تطور دورها في السويداء خلال العقد الأخير، وقد جاءت هذه المحاور في إطار محاولة لرسم صورة شاملة لمسار التحولات الاجتماعية والثقافية التي تخوضها المرأة السورية اليوم.
الحوار ركيزة أساسية
بدورها، أكدت مديرة مكتب المنظمة الدرزية العالمية في السويداء ولاء تاج الدين، خلال الجلسة التي نُظّمت ضمن حملة الـ ١٦ يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، على أهمية الدور المحوري الذي تؤديه المرأة في المجتمع، مشيرةً إلى أنها كانت وما تزال الركيزة الأساسية لقوته وتماسكه.
وأوضحت أن الهدف من الجلسة إيصال رسالة واضحة حول مسيرة المرأة في المدينة عبر الماضي والحاضر وصولاً إلى المستقبل، مع التأكيد على ضرورة توفير مساحة أكبر من الأمان وتمكينها من أداء دور فاعل في الحياة المجتمعية.
وأشارت إلى أن الحوار يشكّل الركيزة الأساسية في مثل هذه الفعاليات، ولا سيما بين الفئات الشبابية، لما له من دور في بلورة حلول عملية تعزيز حضور المرأة وتساعدها على مواجهة التحديات القائمة، مؤكدةً أن هذه النقاشات تهدف إلى ابتكار آليات تضمن للمرأة موقعاً تمثيلياً في القانون، وتفتح أمامها آفاقاً أوسع للريادة والقيادة داخل المجتمع.
وتطرّقت في حديثها إلى واقع المرأة في السويداء، التي واجهت في الأشهر الأخيرة أشكالاً متعددة من العنف النفسي والجسدي وحوادث الخطف الناجمة عن الفكر المتطرف، مؤكدة أن المختطفات يتمتعن بالقوة والصمود، وأن جوهر المشكلة يكمن في الفكر المفروض عليهن من الخارج.
واختتمت حديثها بالتشديد على ضرورة إيجاد حلول تضمن للنساء مزيداً من الأمان في أوقات النزاعات، بما يعزز حضورهن الفاعل ودورهن الحيوي في المجتمع.
أشكال العنف والانتهاكات التي واجهت النساء
من جانبها، أوضحت المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل مها مسعود، أن الجلسة تناولت مختلف أشكال العنف التي تتعرض له النساء في المدينة، سواء كان معنوياً أو سلوكياً أو لفظياً، إضافة إلى الظروف الصعبة التي واجهتها نساء السويداء مؤخراً من اختطاف واغتصاب وتشريد واضطرارهن للإقامة في مراكز الإيواء.
وشدّدت على أهمية الجلسة، معتبرةً إياها خطوة أساسية لطرح القضايا بقدر عالٍ من الشفافية، بعد أن كانت تُناقش سابقاً بخجل أو بشكل نظري دون أن تُترجم إلى إجراءات عملية، موضحةً أن ما يميز هذه الجلسة هو الجدية في البحث عن حلول واقعية، والجرأة في التحدث عن التحديات التي تواجه المرأة.
ولفتت إلى أهمية أن تتحول النشاطات النسوية إلى حلول عملية ملموسة، من خلال مبادرات فردية وجهود مشتركة مع ناشطات يعملن على توفير أماكن آمنة للنساء المعنفات، معربةً عن أملها في أن تترافق هذه الخطوات الحوارية مع إجراءات قانونية داعمة، بما يعكس نضجاً أكبر في التعامل مع قضايا المرأة التي كان يُنظر إليها اجتماعياً في السابق على أنها تمس بالكرامة المجتمعية.
واختتمت مها مسعود حديثها بالتأكيد على ضرورة أن تشمل الجلسات الحوارية جميع الفئات النسائية، وأن تصل بشكل خاص إلى النساء المهمشات اللواتي يواجهن هذه المشكلات بصورة مباشرة، بما يتيح لهن مساحة أوسع للمشاركة في النقاش وصياغة الحلول.
من جانبها، أكدت ديما هنيدي إحدى المشاركات، أن الجلسة كانت مهمة، مشيرةً إلى أن نتائج مثل هذه اللقاءات الحوارية تُبنى على الوعي والحوار البنّاء الذي تجلّى خلال النقاشات.
وبيّنت أن المحاور الرئيسة التي ينبغي التركيز عليها تتمثل في القانون، النظم المجتمعية في البيئة المحلية والمدنية، الأسرة، معتبرةً أنها تشكّل الركائز الجوهرية لأي انطلاقة جادة نحو تحقيق مكاسب حقيقية للمرأة والمجتمع.
أما ممثلة مجلس المرأة السورية في السويداء بسمة قرعوني قالت إن النقاشات اتسمت بدرجة عالية من الشفافية والراحة، حيث جرى تبادل الآراء وطرح حلول مستقبلية، في مقدمتها تعديل القوانين بما يكفل حقوق المرأة ويعزز مكانتها، واصفةُ الجلسة بـ "أنها ملهمة وغنية بالحوار، خالية من النزاع أو التشدد، ومبنية على تقبّل جميع الآراء بروح منفتحة وبنّاءة".