"المركبة " مسرحية تسلط الضوء على معاناة المرأة المغربية

تحدثت مسرحية "المركبة" عن الصراع بين المرأة والرجل وسط مجتمع رجعي يهضم حقوقها، وسلطت الضوء على الدمار الذي لحق بكوكب الأرض من حرائق وزلازل وفيضانات وانتشار الأوبئة.

حنان حارت

المغرب ـ افتتح مسرح نجبال موسمه الفني بعمل إبداعي جديد عبر تقنية "سيني تياتر"، مسرحية "المركبة" في مسرح سيدي عثمان، لتسليط الضوء على معاناة المرأة المغربية.

قدم مسرح نجبال في الدار البيضاء بالمغرب، يوم السبت 24 أيلول/سبتمبر، العرض الأول الافتتاحي، لمسرحية "المركبة"، وهي من بطولة زينب القادري، ولوزيني محمد، ومن إخراج صلاح الجبالي، حيث تناقش قضية بشرية كونية في قالب إبداعي متجدد.

وتظهر لنا المشاهد الأولى للمسرحية سيرة الأرض وهي في هناء وهدوء وصفاء، وفجأة تتغير الأجواء وتأتي مشاهد صادمة يظهر فيها تشويه الطبيعة من رمي النفايات الصلبة بالبحار وفي كل مكان، وتكاثر الأوبئة والتلوث وإعلان الجفاف وندرة المياه، إنها لحظة احتضار الأرض.

وتأتي هذه المشاهد لدق ناقوس الخطر، بأن هناك هول كبير قادم؛ مع لحظة أخرى تضعنا أمام هول الدمار الذي تعيشه الكرة الأرضية، زلازل قوية عامة عبر المعمور، التسونامي، حرائق الغابات، انفجار البراكين، هول الدمار يقدم صوراً بشعة وعبرها نسمع أصوات النجدة والخوف والترقب، ثم يظهر لنا الفضاء الهلامي خارج الكرة الأرضية يعج بمحطات فضائية من العالم وهي هاربة إلى خارج الأرض لتنجوا من الفناء، تتبعها في تلك الأثناء نيازك مدمرة حارقة من كل جانب فترديها رماداً، خلال هذا الهجوم تنجوا مركبة فضائية وحيدة.

ويظل الجمهور مع هذه المركبة الناجية، وهي تراوغ النيازك وتستحوذ على الفضاء، في لحظة سكون وعلى متن تلك المركبة الفضائية الوحيدة الناجية، نتعرف عن قرب على عالمين (رجل وامرأة)؛ يتم إقناعنا كمتلقين أننا أمام ناجين فقط من الدمار الذي لحق كوكب الأرض.

قالت الفنانة زينب القادري التي لعبت دور عيشة، إن مسرحية "المركبة" تتناول ذلك الصراع الأزلي بين المرأة والرجل، بحيث كل طرف يود إقناع الآخر بوجهة نظره، مشيرةً إلى أنه في نهاية المسرحية تنتصر المرأة.

وأوضحت أن المسرحية تقدم حكاية امرأة تدعى "عيشة" وزوجها "عيش"، اللذان يصارعان من أجل البقاء، لكن لكل واحد منهما وجهة نظره، وتظهر المرأة في المسرحية وهي تعاني في مختلف العصور والعهود مع الرجل ومع نظرة المجتمع من تمييز وظلم، وفي المقابل يعيش الرجل كذلك معاناة مريرة نتيجة التربية والمجتمع والتمثيلات الاجتماعية.   

وترفض "عيشة" العودة إلى كوكب الأرض، وتقترح شروطاً يستجيب لها الرجل "عيش" الطامح للعودة إلى الأرض لتحقيق أمانيه بأي ثمن، وبينهما الشبح (المجتمع) الذي يود نزولهما، بحسب ما قالته زينب القادري.

ونتيجة صراعات ومخاوف ومعاناة عاشتها "عيشة" على كوكب الأرض، سببها التمييز والظلم وهضم حقوقها، باتت لا تريد العودة إلى الأرض بعد الدمار الذي لحق بالطبيعة، ما جعلها تخلق قطيعة مع الأصول البشرية (المجتمع)، فدمار الأرض قادها رفقة زوجها "عيش" إلى عالم جديد.

ورأت أنها يمكن الاستمرار في العيش خارج كوكب الأرض بعيدةً عن مجتمع يراها امرأة ضعيفة، ولا يعطيها حقوقها كاملة، وتعاني فيه من التمييز والتهميش والحرمان، فتحاول إقناع زوجها للعيش في هذا العالم الجديد، بحثاً عن فضاء تتحقق لها فيه المساواة والاحترام والكرامة لكي لا تعيد مأساة المرأة عبر تجربتها التاريخية، وبذلك ترفض العودة للأرض، لكن زوجها يظل متشبثاً بأفكاره ويرغب في العودة إلى كوكب الأرض من أجل ممارسة سلطته عليها.

في المشهد الأخير للمسرحية تظهر فيه المركبة وقد نزلت في فضاء آخر ولكنه ليس بالأرض، فضاء تتحقق فيه حياة أفضل لـ "عيشة" بشروط العالم الفضائي خارج الزمن وتبعاته لتنتصر المرأة وينهزم الرجل.