مشروعها الذي بدأ برغيف خبز يواجه عدة تحديات

تمنت غدير زعرب أن يتوسع مشروعها، ليشمل نساء أخريات لتمكينهن اقتصادياً وتشجيعهن على الاستفادة من مهاراتهن.

رفيف اسليم

غزة ـ لم تسلم غدير زعرب من الانتقادات التي توجه لها من الأشخاص الذين يقللون من قيمة عملها، لكنها لا تكترث وترد عليهم بإنجاز عمل جديد.

أمام موقد النار تجلس غدير زعرب البالغة من العمر (30) عاماً، مكابدة متاعب الحياة وحرارة الصيف القاسية التي تشتعل كلما اشتعلت النار في فرن الطين، فكونها أم تعيل أسرة مكونة من 6 أفراد لا يوجد أمامها خيار سوى أن تعمل بمساعدة أطفالها الذين لا يتركونها وحدها في إعداد وبيع خبز التنور.

وعن قصتها التي بدأت منذ عامين، عندما أصيب زوجها بإعاقة بظهره نتيجة عملة في البناء، ليتركهم صاحب العمل في حيرة من أمرهم بكيفية تدبير شؤون الأولاد والمنزل دون تعويض أو تأمين، قالت إنها لم تكن تملك سوى بعض الطحين وفرن التنور الذي تخبز عليه عدد من الأرغفة يومياً لسد جوعهم.

وأضافت أنها عندما كانت تعد الخبز تخرق رائحته الهواء فتنهال عليها الطلبات كي تعطيهم رغيف واحد، وبالرغم من ضيق الحال إلا أنها لم ترد أحد خائب، ألا إن ابنتها اقترحت عليها أن تبيع الخبز مقابل عائد مادي كي تستطيع الحصول على ثمن الطحين وبعض الرزق.

لم تتقبل الفكرة في البداية لكنها بعد تفكير جاد لم تجد منفذ آخر فعرضت الفكرة على جارتها التي وافقتها وشجعتها عبر شراء الخبز منها لجودته وتفوقه على الجاهز الذي يباع في الأسواق، لافتةً إلى أن الأمور سارت بوتيرة جيدة، لكن الاعتماد على المحيط المحلي من العائلة والجيران لم يكن يجدي نفعاً، ففكرت بإنشاء صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي باسم "نور".

وبدأت غدير زعرب أو نور كما أسمت نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي بتلقي الطلبات من خلال الصفحة فما أن تحدد الكمية حتى تقوم بعجن الطحين ثم إشعال النار تمهيداً لخبزه وتغليفه، وفي حالات أخرى هناك من يرسل لها الطحين كي تقوم بخبزه وتتلقى فقط مقابل العجن والخبز والتوصيل للعنوان المذكور الذي يتولاه زوجها أو أحد الأبناء.

وأوضحت "في اليوم الذي لا أعمل فيه يحرم المنزل من المتطلبات الأساسية كالكهرباء التي قطعت لثلاث أيام متواصلة"، مشيرة إلى أن عملها شاق لكنها لا تستطيع الحصول على راحة في أيام الطلب المتزايد لأنها لا تعلم متى ستنقطع تلك الطلبات وتعم حالة الركود من جديد، لذلك أكثر ما تتمناه هو التخلص من العجن بالطريقة اليدوية وشراء عجانة تسهل عليها العمل.

ووصول نجلها للثانوية العامة وحاجته للنقود كي يكمل تعليمه دفعها لتفكير في أمور أخرى للحصول على المال، فقررت أن تصنع بعض الحلويات البسيطة على الطرق الشعبية القديمة وتطبخ العديد من المأكولات كالمفتول والكرش والفطائر بأنواعها المختلفة لتطهيها على فرن الطين وتسوق لها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

ولفتت إلى أنها تواجه عدة مشكلات أبرزها عدم وجود التمويل الكافي، فعندما يتصل بها أحد الزبائن كي تطلب منها طليبة كبيرة لفرح أو وليمة ترفضها لأن الدفع لا يتم بشكل مسبق بل عند التسليم، كما أنها تواجه مشكلة أكبر في بعدها عن مركز المدينة فإذا ما رغب أحدهم بتوصية على الخبز سيضطر إلى دفع ما يقدر بثمن الخبز مواصلات لذلك يتراجع البعض أحياناً.

وتواجه مشكلة مع تقلبات الطقس فعندما تكون الشمس حارقة تشعر أنها أصيبت بحروق في وجهها ويديها، وكذلك الحال عندما تشد الرياح فتخرج النار من الفرن وتهاجمها لذلك تحاول أن تخرج بأقل الخسائر على حد وصفها لأنها في كلا الأحوال ستصاب بأذى، وفي المطر ينطفأ الفرن عدة مرات وتعيد إشعاله مما يستنزف وقت وجهد أكبر.

واختتمت غدير زعرب حديثها بالقول إنها تحلم أن تتمكن من تجهيز مطبخ مستقل عن المنزل يجعلها أكثر استقلالية وقدرة على مواكبة كل ما يطلب منها، والاستعانة بأخريات في العمل، لتمكينهن اقتصادياً وتشجيعهن على الاستفادة من مهاراتهن.